دبلوماسية شراء الذمم
تحول عبد المجيد تبون إلى ناطق رسمي باسم رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، التي تقوم بزيارة للجزائر. فأمام ذهول المسؤولة الإيطالية، قال تبون إن روما تدعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة في ما يتصل بقضية الصحراء، من أجل إجراء استفتاء، فيما الموقف المرجعي لإيطاليا تجاه النزاع المفتعل عبرت عنه في إعلان الشراكة الاستراتيجية متعددة الأبعاد، الذي تم توقيعه بالرباط في نونبر 2019، منوهة بالجهود الجادة وذات المصداقية التي يبذلها المغرب، بهدف تسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، كما نوهت باقتراح المغرب للحكم الذاتي باعتباره مقترحا جديا ذا مصداقية وأرضية مناسبة للتفاوض.
إن ما وقع لا يعدو أن يكون قفزة فوق الأصول الدبلوماسية والأدبيات البروتوكولية، التي تترك لمسؤولي الدول حرية الإعلان عن موقفها صراحة دون وساطات ودون تأويلات مغرضة. وللأسف فإن تبون يلعب اليوم ورقة الغاز من أجل ابتزاز الدول، بهدف السعي وراء انتزاع مواقف سياسية وتأويلها كما يشاء، كما حدث مع فرنسا وإيطاليا ومحاولته فعل ذلك مع إسبانيا التي رفضت منطق الابتزاز.
ويفضح محتوى اللقاءات، التي يعقدها تبون، المحاولات اليائسة لنظام الكابرانات للمتاجرة بقضية الصحراء المغربية، مع بعض الدول التي تحتاج إلى الغاز الجزائري في ظل الأزمة مع روسيا، وهو تدبير يعكس في جوهره أن تدخل الجزائر في وحدتنا الترابية قضية فاشلة، ولا يمكن إقناع الناس بها بالمنطق السليم والحجة الدامغة، فتستعين بأموال الغاز المنتزعة من جيب المواطن الجزائري البسيط والذي يعاني من الفقر وسوء الخدمات، ويصطف في الطوابير الطويلة للحصول على بضعة لترات من الزيت والحليب.
والحقيقة أن النظام الجزائري فقد مصداقيته منذ سنوات مضت، واليوم يحاول فرض نفسه باستخدام الغاز كورقة رابحة، في ظل العجز الذي تعاني منه أوروبا والذي يجعل بعض دولها تخضع للابتزاز والمقايضة مقابل تدفئة شعوبها، لكنها ورقة سرعان ما ستسقط مثل أوراق التوت إذا ما تغير السياق الظرفي. وبدلاً من أن يتم استثمار أموال الغاز من قبل السلطات الجزائرية في الاتجاه الذي يدعم وضعها التنموي والاقتصادي والاستقرار السياسي، ذهبت في الاتجاه المعاكس لتصرفها كرشاو مقابل مواقف ضد وحدتنا الترابية.