الأخبار
كشفت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أن خلافات متباينة بين المنتخبين بجهة الرباط سلا القنيطرة، من جهة، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، من جهة ثانية، باتت تحول دون تنزيل الوعود المقدمة، طيلة خمس سنوات مضت، بشأن إحداث الكلية متعددة التخصصات بمدينة سيدي قاسم، وهو المشروع الذي استنفدت بشأنه جميع المساطر والإجراءات القانونية المطلوبة، والتي كان آخرها مصادقة المجلس الإداري لجامعة ابن طفيل على إحداث كلية متعددة التخصصات بمدينة سيدي قاسم، حيث تم حينها تنظيم مباراة لانتقاء 30 أستاذا للتعليم العالي من مختلف التخصصات، وجرى تعيينهم بالنواة الجامعية المذكورة، قبل أن يدفع تردد الوزارة الوصية بشأن بناء المؤسسة الجامعية، على استفادة جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، من الأساتذة الجامعيين المعنيين بالتعيين بسيدي قاسم، والاحتفاظ بهم من أجل التدريس بالكليات التابعة لها بالقنيطرة.
ويعزو متتبعون أسباب تبخر حلم بناء نواة جامعية بمدينة سيدي قاسم إلى الرؤية التي يعتمدها وزير التعليم العالي، عبد اللطيف ميراوي، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، بشأن إحداث مؤسسات جامعية، حيث يتشبث هذا الأخير بفكرة تجميع المؤسسات الجامعية في أقطاب كبرى، عوض تشتيت الجامعات، معتبرا ذلك سببا من أسباب إضعاف فاعلية البحث العلمي، وهو التصور الذي يزكي نظرة المسؤولين إلى المدن الصغرى، باعتبار أنها تبقى غير محفزة لاستقرار الأساتذة والباحثين بها، في وقت صرح رشيد العبدي، رئيس جهة الرباط سلا القنيطرة، بأنه التقى بعبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي المنتمي لحزبه، وأبلغه حرص مجلس جهة الرباط على الالتزام باستكمال بناء النواة الجامعية بسيدي قاسم والنواة الجامعية بالخميسات، اللتين كانتا موضوع التزامات سابقة بين مجلس الجهة السابق والوزارة الوصية وجامعتي محمد الخامس بالرباط وابن طفيل بالقنيطرة.
وأضافت مصادر «الأخبار» أن تلكؤ وزير التعليم العالي والبحث العلمي في الخروج بموقف صريح بشأن مصير مشروع بناء الكلية متعددة التخصصات بسيدي قاسم وتصريحاته المتباينة، أغضبت العديد من الفعاليات على مستوى إقليم سيدي قاسم، سيما أن المشروع جاء بعد نقاشات مستفيضة ودراسات متعددة جمعت بين المؤسسات المنتخبة على مستوى الإقليم ومجلس الجهة، وكتابة الدولة في التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر سابقا، ورئاسة جامعة ابن طفيل بالقنيطرة.
واعتبرت الفعاليات أن هاته القطيعة التي أحدثها الوزير ميراوي مع المشاريع المبرمجة في وقت سابق، لا تخدم البرامج التنموية التي تستهدف العدالة المجالية، وأن محاولات إجهاض حلم بناء النواة الجامعية بسيدي قاسم تزعزع بشكل كبير ثقة المواطنين في الوعود الحكومية، بعدما استجابت المجالس المنتخبة لمطالب المواطنين، الذين ما زالوا يمنون النفس بأن يسهم ذلك في تقريب العرض التربوي والأكاديمي للطلبة المنحدرين من الجماعات الترابية والأقاليم المجاورة لمدينة سيدي قاسم، والتخفيف من العبء المادي الذي ظلت ساكنة سيدي قاسم والمدن والجماعات المجاورة تتحمله طيلة السنين الماضية، خاصة المصاريف المرتبطة بالإيواء والتنقل.
جدير بالذكر أن المجلس الجماعي السابق لمدينة سيدي قاسم، وبشراكة مع المجلس الإقليمي، كان قد صادق، في مجلسه التداولي خلال الولاية الجماعية السابقة، على تخصيص وعاء عقاري يوجد بالنفوذ الترابي لمدينة سيدي قاسم، على مساحة تمتد لنحو 22 هكتارا، مثلما تم رصد اعتماد مالي إجمالي يصل لنحو 90 مليون درهم، بشراكة بين كل من رئاسة جامعة ابن طفيل بالقنيطرة (40 مليون درهم)، ومجلس جهة الرباط سلا القنيطرة (40 مليون درهم)، والمجلس الإقليمي لعمالة سيدي قاسم (10 ملايين درهم)، في وقت عملت رئاسة جامعة ابن طفيل على تعيين ثلاثين أستاذا جامعيا بالكلية متعددة التخصصات بسيدي قاسم من مختلف التخصصات الجامعية، بينما كانت رئاسة جامعة ابن طفيل بالقنيطرة شرعت في الإعلان عن صفقة إعداد الدراسات التقنية والمعمارية للكلية المذكورة، قبل أن يتبخر كل شيء بسبب تعارض المشروع مع تصورات الوزير الوصي على القطاع.