خطاب ماكرون
في خطابه بالمؤسسة التشريعية بالرباط، أمام أعضاء مجلسي البرلمان، جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعم الجمهورية الفرنسية للوحدة الترابية للمغرب، واعترافها الرسمي بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية، حيث قال ماكرون في نص خطابه: «إن حاضر ومستقبل الأراضي الصحراوية يأتي في إطار السيادة المغربية»، وهو الشيء الذي يؤكد نجاح الدبلوماسية الملكية في نقل ملف الصحراء المغربية من رد الفعل والدفاع إلى روح المبادرة والحسم في القضية، وفق مبدأ الحق الذي يعلو ولا يعلى عليه.
وأضاف رئيس الجمهورية الفرنسية أن الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية هو الحل الوحيد لقضية الصحراء المغربية في إطار واقعي مستدام، وهو الموقف الذي أكد ماكرون أن فرنسا ستعمل على تفعيله ومواكبته، داخل جميع الهيئات الدولية، مشيرا إلى أن الأمر هو دعوة صريحة إلى كل من يريد التعاون بالمنطقة، وليس موقفا عدائيا لأحد.
الاعتراف الفرنسي الرسمي بالحكم الذاتي كحل وحيد لملف الصحراء المغربية، وتأكيد ذلك بالبرلمان المغربي، هو لحظة تاريخية لانطلاق علاقات اقتصادية قوية بدماء متجددة بين فرنسا والمغرب، ودعم التشغيل والاستثمارات الكبرى بالمناطق الصحراوية، التي شهدت على مر السنوات استثمارات محلية بالملايير، حولت رمالها إلى جنة خضراء، فضلا عن التنسيق لدعم المغرب دون قيد أو شرط في انفتاحه على الدول الإفريقية، باعتبار القارة الإفريقية تشكل مستقبل الاستثمارات العالمية والثروات والطاقة النظيفة، التي تمثل بدورها مستقبل التطور التكنولوجي والصناعي العالمي.
لقد كانت الرؤية الملكية سديدة وبعيدة المدى في توطيد العلاقات مع الدول الإفريقية، وذلك لتحقيق أهداف استراتيجية تتمثل في التنمية الشاملة، وهو الشيء الذي أكد عليه ماكرون، عندما قرر رفقة الملك محمد السادس خط كتاب جديد، في العلاقات الفرنسية المغربية، مع اليقين التام أن هذه العلاقات تتميز بالقوة والرؤية المستقبلية لتطوير القارة الإفريقية، التي تزخر بثروات متنوعة ورأس مال بشري كبير.
استمرار العلاقات بين فرنسا والمغرب، حتى في ظل تعقيدات الأزمات الدولية، من المؤشرات الإيجابية لعودة قوية للتعاون في جميع المجالات، والرفع من التنمية والتشغيل لمواجهة تحديات الهجرة وتحقيق الأمن الغذائي، والتعاون لتحقيق الأمن والسلام، والخروج من جمود التوترات المصطنعة التي تجاوزها التاريخ، إلى فضاء الحرب الحقيقية ضد الفقر والجهل والعنف والتطرف بأشكاله.