شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرسياسيةوطنية

خطاب العرش.. الملك محمد السادس يضع المرأة والأسرة في صلب الأولويات

تشخيص ملكي للوضعية الاقتصادية والاجتماعية وتأكيد على حسن الجوار

النعمان اليعلاوي

وجه الملك محمد السادس، في الخطاب الذي ألقاه أول أمس (السبت)، بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين لعيد العرش، رسائل هامة للداخل والجوار، موصيا بضرورة فتح النقاش حول مدونة الأسرة في أفق مراجعة عدد من مضامينها بغرض النهوض بوضعية المرأة المغربية وإعطائها حقوقها القانونية والشرعية، بالإضافة إلى تفعيل المؤسسات الدستورية المعنية بالأسرة، وتخطي النواقص المرتبطة بتطبيق المدونة وفهم المعنيين لها، موصيا، في هذا الإطار، بالرفع من عدد محاكم الأسرة وتعميمها على باقي مناطق البلاد.

وأولى الملك محمد السادس جانبا مهما من خطاب العرش للحديث عن الأزمة الاقتصادية المرتبطة بالأزمة الصحية العالمية، مشيرا إلى تأثر العديدين، خصوصا الفئات الهشة، بالأزمة الصحية المرتبطة بانتشار وباء كورونا، مبرزا أن المغرب كان من الدول التي توفقت في تجاوز وتخطي الأزمة، مشيرا إلى مشروع تعميم التغطية الاجتماعية الذي سيتم الانتهاء منه في أفق 2023، مبرزا أنه سيستفيد من هذا المشروع الوطني التضامني حوالي 7 ملايين طفل وثلاثة ملايين أسرة.

وجدد الملك مد الأيادي البيضاء للجيران في الجزائر، وأكد على أواصر الأخوة التي تجمع الشعبين المغربي والجزائري، مبرزا أن الادعاءات التي تتهم المغاربة بسب الجزائريين إنما هي دعوات فتنة وتفرقة، وأن الحدود التي تفصل بين البلدين يجب أن تكون جسور تقارب وتآخ.

 

نحو النهوض بوضعية المرأة

أكد الملك محمد السادس أنه «لن نتمكن من رفع التحديات الداخلية والخارجية، إلا بالجمع بين روح المبادرة ومقومات الصمود، لتوطيد الاستقرار الاجتماعي، والنهوض بوضعية المرأة والأسرة؛ وتعزيز قدرات الاقتصاد الوطني»، موضحا، في خطاب عيد العرش، أن بناء مغرب التقدم والكرامة، الذي نريده، لن يتم إلا بمشاركة جميع المغاربة، رجالا ونساء، في عملية التنمية، مشددا على ضرورة المشاركة الكاملة للمرأة المغربية في كل المجالات، وتابع قوله «حرصنا منذ اعتلائنا العرش على النهوض بوضعية المرأة، وفسح آفاق الارتقاء أمامها وإعطائها المكانة التي تستحقها. ومن أهم الإصلاحات التي قمنا بها، إصدار مدونة الأسرة، واعتماد دستور 2011، الذي يكرس المساواة بين المرأة والرجل، في الحقوق والواجبات، وينص على مبدأ المناصفة كهدف تسعى الدولة إلى تحقيقه».

وأشار الملك محمد السادس إلى أن «الأمر هنا لا يتعلق بمنح المرأة امتيازات مجانية؛ وإنما بإعطائها حقوقها القانونية والشرعية. وفي مغرب اليوم لا يمكن أن تحرم المرأة من حقوقها»، كما دعا إلى تفعيل المؤسسات الدستورية، المعنية بحقوق الأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية للنهوض بوضعيتها، مبرزا أنه «إذا كانت مدونة الأسرة قد شكلت قفزة إلى الأمام، يستطرد المصدر، فإنها أصبحت غير كافية؛ لأن التجربة أبانت أن هناك عدة عوائق تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها. ومن بينها، يتابع الملك، عدم تطبيقها الصحيح، لأسباب سوسيولوجية متعددة، لاسيما أن فئة من الموظفين ورجال العدالة مازالوا يعتقدون أن هذه المدونة خاصة بالنساء».

ولفت الخطاب إلى أن «مدونة الأسرة ليست مدونة للرجل، كما أنها ليست خاصة بالمرأة؛ وإنما هي مدونة للأسرة كلها، فالمدونة تقوم على التوازن، لأنها تعطي للمرأة حقوقها وتعطي للرجل حقوقه، وتراعي مصلحة الأطفال»، مشددا على ضرورة التزام الجميع بالتطبيق الصحيح والكامل لمقتضياتها القانونية، وتجاوز الاختلالات والسلبيات التي أبانت عنها التجربة، ومراجعة بعض البنود التي تم الانحراف بها عن أهدافها، إذا اقتضى الحال ذلك»، مبرزا أنه «بصفته أمير المؤمنين، فلن يحل ما حرم الله، ولن يحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية»، مشددا حرصه على «أن يتم ذلك في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية»، ودعا الملك إلى العمل على تعميم محاكم الأسرة، على كل المناطق، وتمكينها من الموارد البشرية المؤهلة، ومن الوسائل المادية الكفيلة بأداء مهامها على الوجه المطلوب.

 

الوضعية الاجتماعية والاقتصادية

قال الملك محمد السادس إن الوضعية، خلال السنوات الأخيرة، كانت مطبوعة بتأثير أزمة كوفيد 19 على مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، كما أن العديد من الناس، خاصة من الفئات الهشة والفقيرة، تأثروا كثيرا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، موضحا، في خطاب العرش، أن المغرب تمكن من تدبير هذه المرحلة الصعبة بطريقة فريدة، بفضل تضافر جهود المواطنين والسلطات، وأنه قد «بذلت الدولة مجهودات جبارة، وتحملت تكاليف باهظة، لمواجهة آثار هذا الوباء، حيث قامت بتقديم مساعدات مادية مباشرة للأسر المحتاجة، وبدعم القطاعات المتضررة، كما عملت على توفير المواد الأساسية، دون انقطاع، وبكميات كافية، في كل مناطق البلاد».

وأشار الملك إلى أن «المغرب، بشهادة الجميع، كان من الدول الأولى التي بادرت بشراء اللقاح، وتوفيره بالمجان، لجميع المواطنين والأجانب المقيمين بالمغرب، رغم ثمنه الباهظ»، يورد الخطاب الذي يضيف بأنه «في نفس الظروف، بدأنا في تنزيل المشروع الكبير، لتعميم الحماية الاجتماعية، وتأهيل المنظومة الصحية الوطنية»، مبرزا أنه سيتم استكمال التغطية الصحية الإجبارية، في نهاية هذه السنة، من خلال تعميمها على المستفيدين من نظام «RAMED» كما «أننا عازمون، بعون الله وتوفيقه، على تنزيل تعميم التعويضات العائلية، تدريجيا، ابتداء من نهاية 2023، وذلك وفق البرنامج المحدد لها. وسيستفيد من هذا المشروع الوطني التضامني، حوالي سبعة ملايين طفل، لاسيما من العائلات الهشة والفقيرة، وثلاثة ملايين أسرة بدون أطفال في سن التمدرس» يوضح الملك.

ودعا الخطاب الملكي إلى الإسراع بإخراج السجل الاجتماعي الموحد، باعتباره الآلية الأساسية لمنح الدعم وضمان نجاعته، مستحضرا أنه بسبب تأثير عدد من الأسباب على ظروف عيش فئات كثيرة من المواطنين، تم إطلاق برنامج وطني للتخفيف من آثار الجفاف على الفلاحين، وعلى ساكنة العالم القروي، كما تم توجيه الحكومة إلى تخصيص اعتمادات مهمة لدعم ثمن بعض المواد الأساسية، وضمان توفيرها بالأسواق. ودعا الخطاب ذاته إلى تعزيز آليات التضامن الوطني، والتصدي بكل حزم ومسؤولية، للمضاربات والتلاعب بالأسعار»، قبل أن يردف «رغم التقلبات التي يعرفها الوضع الدولي، علينا أن نبقى متفائلين ونركز على نقط قوتنا».

وشدد الملك على أنه «لا بد أن نعمل على الاستفادة من الفرص والآفاق التي تفتحها هذه التحولات، لاسيما في مجال جلب الاستثمارات، وتحفيز الصادرات والنهوض بالمنتوج الوطني»، كما دعا الملك الحكومة والأوساط السياسية والاقتصادية إلى العمل على تسهيل جلب الاستثمارات الأجنبية التي تختار بلادنا في هذه الظروف العالمية، وإزالة العراقيل أمامها، لأن أخطر ما يواجه تنمية البلاد، والنهوض بالاستثمارات، هي العراقيل المقصودة التي يهدف أصحابها لتحقيق أرباح شخصية، وخدمة مصالحهم الخاصة. وهو ما يجب محاربته».

 

يد ممدودة للجيران

في الجانب المرتبط بالسياسة الخارجية، أهاب الملك محمد السادس بالمغاربة مواصلة نهج قيم حسن الجوار مع الجارة الجزائر، مبرزا أن الحدود، التي تفرق بين الشعبين الشقيقين، المغربي والجزائري، لن تكون، أبدا، حدودا تغلق أجواء التواصل والتفاهم بينهما، وأضاف قائلا «بل نريدها أن تكون جسورا تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر، وأن تعطي المثال للشعوب المغاربية الأخرى»، كما دعا الملك المغاربة إلى مواصلة التحلي بقيم الأخوة والتضامن، وحسن الجوار، التي تربطنا بأشقائنا الجزائريين؛ الذين نؤكد لهم بأنهم سيجدون دائما، المغرب والمغاربة إلى جانبهم، في كل الظروف والأحوال».

ولفت الملك إلى أنه «في ما يخص الادعاءات، التي تتهم المغاربة بسب الجزائر والجزائريين، فإن من يقومون بها، بطريقة غير مسؤولة، يريدون إشعال نار الفتنة بين الشعبين الشقيقين»، مضيفا «إن ما يقال عن العلاقات المغربية الجزائرية، غير معقول ويحز في النفس. ونحن لم ولن نسمح لأي أحد بالإساءة إلى أشقائنا وجيراننا»، وبالنسبة للشعب المغربي، يردف العاهل المغربي، فنحن حريصون على الخروج من هذا الوضع، وتعزيز التقارب والتواصل والتفاهم بين الشعبين، وإننا نتطلع، يتابع المصدر، للعمل مع الرئاسة الجزائرية، لأن يضع المغرب والجزائر يدا في يد، لإقامة علاقات طبيعية، بين شعبين شقيقين، تجمعهما روابط تاريخية وإنسانية، والمصير المشترك، يضيف الخطاب الملكي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى