خطاب الابتزاز
قال عبد العزيز أفتاتي إن فوز حزب التجمع الوطني للأحرار بالانتخابات يعني قيام الثورة في المغرب، مهددا الذين يسعون إلى إنجاح الحزب بأنهم يبحثون عن الثورة التي لا يمكن توقع نتائجها.
بسيمة الحقاوي، الوزيرة السابقة، وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، رفعت السقف عاليا وأعلنت أن النظام المغربي لم يكن له من خيار سوى القبول كرها أو طوعا بحزب العدالة والتنمية. عبد الرحيم الشيخي، المستشار السابق لرئيس الحكومة ورئيس حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية للحزب، اختار استخدام لغة التحريض العنصري وخطاب الكراهية لوصف المغاربة اليهود بإسرائيل الذين حلوا ببلادهم سياحا بأنهم مجرمون. وعبد العزيز رباح، الوزير الحالي، يحسم القول بأنه لا خيار آخر سوى تصدر الحزب الحاكم للانتخابات المقبلة.
هذه فقط عينة بسيطة من توجهات الخطاب السياسي لحزب العدالة والتنمية وتجسيد بسيط للعبة تبادل الأدوار لتحقيق نفس الهدف السياسي المنشود، أي التهديد والابتزاز السياسي.
لقد اعتاد الرأي العام، مع البدء العكسي لكل استحقاق انتخابي، أن يطلق الحزب الحاكم العنان لخطاب سياسوي غير مسؤول يتجاوز الحدود والضوابط، بغية تحقيق مكاسب انتخابية دون الأخذ بعين الاعتبار تداعيات ذلك الخطاب على اللعبة السياسية ومصالح الوطن. صحيح أن الخطاب السياسي في زمن الانتخابات قد يتميز بارتفاع حدته بعض الشيء. وقد تلجأ بعض الأحزاب إلى استخدام نبرة عالية ومتشنجة شعبوية غايتها دغدغة بعض العواطف لاستقطاب بعض الأصوات، لكن لم يكن الأمر يصل إلى التلويح بقيام الثورات بسبب عدم الرضا عما ستسفر عنه نتائج الاقتراع، ما يعكس حجم القلق الذي يعتري الحزب من كشف وهم الشعبية الجارفة.
فالحزب السياسي الذي يسمح لمرشحيه ورموزه بركوب أمواج خطاب العنف والتطرف والكراهية دون أن ينبههم إلى مخاطر ذلك، لا يدرك أن ذلك الخطاب السياسي الحاد وتلك الشعارات المتشنجة قد تحقق هدفا مصلحيا للحزب أو للمرشح، بلفت الأنظار إليه وخلق نوع من “البوز” الإعلامي لكن في المحصلة فإن مثل هاته الخطابات لا تخدم مصلحة البلاد بل تصور المغرب وكأنه على حافة الهاوية وأمام ويلات قائمة، وأن بقاء حزب العدالة والتنمية في السلطة ضدا على السيادة الشعبية لولاية ثالثة ورابعة وخامسة هو الحل الوحيد لإخراج البلاد من سجن “الاستبداد” إلى رحاب “الديمقراطية”.
وللأسف أصبح الحزب الحاكم يعتقد أن بقاءه في الحكم مرتبط بالابتزاز والخروج عن المألوف والتهديد والوعيد وكأنه هو الوصي على إرادة الشعب والحامي للدستور، والمؤهل الوحيد لتوزيع صكوك الفوز والهزيمة في الانتخابات.
والغريب في الأمر أن حزب العدالة والتنمية لم يأخذ الدرس السياسي مما يقع هاته الأيام في تونس التي لفظت التيار الإخواني ومستعدة لمحاكمته سياسيا وجنائيا، بعد عشر سنوات من الوعود الكاذبة والسياسات الفاشلة، ومن غير المستبعد أن تمتد عدوى الجزر كما امتدت في السابق عدوى المد إلى كل الدول العربية، آنذاك لن يجد الحزب الحاكم من خطابه العنيف والمتشنج سوى السراب.