محمد اليوبي
أنجزت المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية تقريرا أسود، حول مهمة الافتحاص التي قامت بها لجنة تضم مفتشين من الوزارة، يتضمن العديد من الخروقات والاختلالات في تفويت الصفقات بجماعة الفقيه بن صالح، التي يترأس مجلسها محمد مبديع، الوزير السابق والقيادي بحزب الحركة الشعبية، الذي أصبح مهددا بتفعيل مسطرة العزل من طرف الوزارة، وذلك بعد إحالة التقرير على المحكمة الإدارية. وسجل التقرير إبرام صفقة للدراسات غير محددة في المبلغ ولا في أجل التنفيذ مع تجمع يضم شركتين، خلافا للمقتضيات التنظيمية، وتم إبرام صفقة للدراسات تحمل رقم 05-2006 مع التجمع، والتي ما زالت مفتوحة إلى غاية إنجاز مهمة الافتحاص، حيث إن دفتر الشروط الخاصة لم يحدد أجلا أو مبلغا لإتمام الصفقة، مما يتنافى مع مرسوم الصفقات العمومية. وأشار التقرير إلى أن مجموع المبلغ المؤدى لنائل الصفقة بلغ مليارين و974 مليون سنتيم، وأكد التقرير استحالة تقييم الملف التقني للمتنافسين من طرف لجنة طلب العروض، نظرا لعدم تحديد القيمة التقديرية للصفقة وكلفة الأشغال موضوع برنامج التهيئة الحضرية.
كما رصدت لجنة الافتحاص احتواء نظام الاستشارة على مقاييس تقييم عروض المتنافسين تمييزية لصالح الشركتين، كما أن قيمة الضمان المؤقت المحددة في 5 آلاف درهم تظل جد ضئيلة مقارنة مع أهمية الأعمال المزمع إنجازها وعدم طلب الضمان النهائي، مما يعرض صاحب المشروع لمخاطر كثيرة، خاصة أن نائل الصفقة حصل في الأداء الأول على مبلغ 720 مليون سنتيم. كما سجلت لجنة الافتحاص وجود خروقات واختلالات في صفقات الأشغال، حيث يشترط نظام الاستشارة بين المتنافسين تقديم عرض تقني بالنسبة لكل الصفقات التي تبرمها الجماعة، رغم أن أغلبها لا تبرره الطبيعة الخاصة للأعمال المراد إنجازها، اعتبارا لعدم تعقدها أو للوسائل التي يتعين استعمالها لإنجازها، خلافا لأحكام القانون المتعلق بالصفقات العمومية، على سبيل المثال لا الحصر، أشغال تهيئة الملاعب الرياضية وأشغال التهيئة الحضرية وبرنامج التأهيل الحضري (حصص التبليط والطرق والتطهير، والإنارة العمومية، والمساحات الخضراء)، وأشغال إصلاح المقبرة وأشغال إصلاح تجهيزات الإنارة العمومية وأشغال تهيئة أماكن الاستجمام. كما يشترط نظام الاستشارة الخاص بالصفقات (12-2014، و14-2014، و6-2016، و7-2016، و8-2016، و9-2016) من المتنافسين تقديم عينات، وهو ما اعتبره تقرير الداخلية عملا تمييزيا وغير متناسب مع محتوى الأعمال ودون صلة مباشرة بموضوع الصفقة المراد إبرامها، خلافا لأحكام قانون الصفقات العمومية، مشيرا إلى أن هذه المواد لم يتم تنفيذها في مرحلة إنجاز الصفقات المذكورة، رغم أنها كانت وراء إقصاء بعض المتنافسين.
ورصد التقرير اختلالات شابت الصفقة رقم 8-2013 المتعلقة بالتصميم المديري للتطهير السائل لمدينة الفقيه بن صالح، تتجلى في عدم كفاية المراجع التقنية المقدمة من طرف نائل الصفقة مقارنة مع أهمية وطبيعة أعمال الصفقة، حيث تم إسناد الصفقات إلى مكتب دراسات لا يتوفر على مراجع تقنية كافية تتناسب مع طبيعة وأهمية الأعمال المزمع إنجازها، حيث شاركت في طلب العروض شركة واحدة محظوظة تستولي على جل الصفقات، ولم يحدد دفتر الشروط الخاصة أجلا للتنفيذ، حيث يقتصر على آجال جزئية لكل مهمة مع إصدار أوامر بالخدمة تخص كل مهمة، مما يترك مدد طويلة بين إنهاء المهمة السالفة وبداية المهمة المقبلة.
كما يشتمل دفتر الشروط الخاصة على شروط تفضيلية للشركة المحظوظة تتعلق بطريقة أداء الدراسات، كما لم يتم طلب مراجع مهنية للمتنافسين في مجال يخص التصميم المديري للتطهير السائل، لا في الملف التقني ولا العرض التقني، كما تم إعطاء النقطة القصوى المقترحة في نظام الاستشارة للشركة المحظوظة التي فازت بالصفقة، بأحسن مرجع تقني، على الرغم من عدم توفرها على أي شهادة تتناسب مع موضوع الصفقة، وتم إنجاز الدراسات من دون أن يليها إنجاز الأشغال.
كما سجل التقرير خروقات في الصفقة المتعلقة بدراسات التأهيل الحضري للمدينة، حيث رصدت لجنة الافتحاص أنه تم إعداد ملفات طلبات العروض سلفا قبل تاريخ فتح الأظرفة، حيث تم تقديم الكشف التفصيلي الأولي بتاريخ 3 شتنبر 2015، أي يوما واحدا فقط بعد تاريخ الأمر بالشروع في الأشغال أي 2 شتنبر 2015، مما يؤكد إبرام الصفقة لتسوية أعمال تم الشروع في إنجازها سلفا. كما تم توقيع ملف طلب القرض من طرف مكتب الدراسات نائل الصفقة قبل تاريخ إعلان طلب العروض، مما يؤكد أن الأمر يتعلق بتسوية أعمال تم الشروع في إنجازها قبل الصفقة، كما أكد التقرير عدم احترام مبدأ المساواة في التعامل مع المتنافسين.