كشف الوزير المنتدب المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، محمد بنعبد القادر، أول أمس الثلاثاء، أن نتائج الدراسة العلمية المرتقب أن تكشف عنها الحكومة بخصوص موضوع الساعة الإضافية أظهرت أن اعتماد المغرب التوقيت الصيفي (غرينيتش+ 1) طيلة السنة “ليست له أي آثار على صحة المواطنين أو على اضطرابات النوم”.
وأوضح الوزير، في معرض رده على سؤال شفوي حول “تقييم الساعة الإضافية للمملكة”، تقدم به فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، أن اعتماد التوقيت الصيفي طيلة السنة ليست له آثار على الصحة من الناحية العلمية، وهو ما أكدته الدراسة التي اعتمدتها الوزارة والتي سيعلن عن نتائجها قريبا، وقال: “ليست هناك أي علاقة بين اضطرابات النوم وزيادة ساعة إضافية، وهذا مؤكد ليس في المغرب فقط بل في جميع الدول التي اتخذت هذا القرار”، مشيرا إلى أن الاضطراب ينتج عن كثرة تغيير التوقيت على طول السنة، وأوضح أن “المرور من التوقيت الصيفي إلى الشتوي وسط السنة هو ما يخلف آثارا صحية، لكنها محصورة”.
وأضاف بنعبد القادر أنه حسب الأخصائيين، فإن “تأثير تغيير الساعة لا يتعدى يومين أو ثلاثة أو أربعة أيام، ثم يعود المواطن ليتلاءم مع التوقيت الجديد”، وأكد أن “الاضطراب يترتب عن عدم الاستقرار على توقيت معين، أما اعتماد التوقيت الصيفي على الدوام وبكيفية مستمرة فليست له من الناحية العلمية أي آثار، وهو ما أكدته الدراسة العلمية التي قامت بها الوزارة، والتي سيتم الإعلان عنها قريبا”.
وحصل موقع “تيلي ماروك” حصريا على نتائج المرحلة الثانية من الدراسة المتعلقة باعتماد التوقيت الصيفي، والتي سيتم نشرها رسميا غدا الجمعة بالموقع الرسمي لوزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية. وتهدف الدراسة إلى تقييم اعتماد التوقيت الصيفي خلال الفترة الشتوية (ما بين أواخر شهر أكتوبر 2018 إلى أواخر شهر مارس 2019»، وشملت الجانبين الكمي والكيفي لآثار النظام المعتمد على مجموعة من المجالات، ويتعلق الأمر بالطاقة، والصحة، والتربية الوطنية، والأمن العام، والنقل، والاستهلاك الداخلي، والأثر الاقتصادي، وذلك من خلال تعبئة مختلف الشركاء والفاعلين المعنيين في القطاعين العام والخاص، قصد جمع المؤشرات الضرورية وإجراء اللقاءات مع ممثلي جل الجهات المتدخلة.
وحسب الدراسة، فإنه نظرا لأهمية الإجراءات المصاحبة لنظام التوقيت الجديد ودورها في ملاءمته لخصوصية المجتمع المغربي، سيما تلك المتعلقة بالتواصل والتربية والتعليم والإنتاجية والأمن العام، وملاءمة التوقيت الإداري وتوقيت تقديم الخدمات العمومية، شملت الدراسة إجراء تقييم نجاعة كل هذه الإجراءات وتتبع مدى تقدمها، وذلك من خلال تجميع المعطيات والإحصائيات اللازمة لحساب المؤشرات المرتبطة بها.
وفي ما يخص نتائج تقييم آثار النظام المعتمد، أسفرت المرحلة الثانية من الدراسة على النتائج التالية، حسب المجالات، وفي هذا الصدد، فقد تم تسجيل اقتصاد في الطاقة بحوالي 37,6 جيغاواط ساعة GWh خلال الفترة الممتدة ما بين 28 أكتوبر 2018 و31 مارس 2019، علما أنه تم اقتصاد 75,8 جيغاواط ساعة خلال الفترة الصيفية لسنة 2018. كما سجلت الدراسة انخفاض انبعاث غاز ثنائي أكسيد الكربون، خلال الفترة نفسها، قدر بحوالي 11444 طنا، مما يقلل من الآثار السلبية المرتبطة بتلوث البيئة، وكذلك اقتصاد في المحروقات (الفيول) المستعملة في توليد الطاقة خلال الفترة نفسها، مكن من ربح 33,9 مليون درهم.
تأثير “الساعة” على صحة المواطنين
وفي المجال المتعلق بصحة وراحة المواطنين، استندت الدراسة لآراء أطباء متخصصين، وأكدت أن اعتماد توقيت (غرينيتش+ساعة) بصفة دائمة ومستقرة لا ينعكس سلبا على صحة المواطنين، حيث إن تغيير الساعة أربع مرات في السنة هو الذي تكون له عواقب وأخطار على صحتهم وراحتهم، كما جاء في المرحلة الأولى للدراسة. وفي مجال التربية والتعليم، أبان تحليل المؤشرات التي تم تجميعها عن غياب أية علاقة بين التوقيت الجديد المعتمد والتحصيل الدراسي، أو غياب وتأخر التلاميذ والأساتذة. وأكدت الدراسة عدم تأثر قطاع التعليم بالنظام المعتمد، وذلك راجع بالأساس إلى ملاءمة الزمن المدرسي مع الخصوصيات المجالية لكل جهة، وذلك بعد اعتماد الحكومة لحزمة من الإجراءات المصاحبة لهذا النظام، سيما في ما يخص ملاءمة التوقيت المدرسي والإداري.
أما في ما يتعلق بأوقات العمل، فتطرقت الدراسة إلى الإجراء الذي اتخذته الحكومة والمتعلق بتحديد أيام ومواقيت العمل بإدارات الدولة والجماعات المحلية، حيث تم توخي المرونة من أجل تمكين الموظفين من أداء مهامهم في ظروف جيدة، مع ضمان استمرارية تقديم الخدمات العمومية للمرتفقين.
الأمن والإنارة العمومية
وفي مجال الأمن والإنارة العمومية، أشارت الدراسة إلى عدم ارتباط الإنارة العمومية بنظام التوقيت المعتمد، لأن الإنارة والإضاءة مرتبطتان بشكل رئيسي بأوقات طلوع وغروب الشمس، وأكدت عدم تأثر الجانب الأمني بتغيير التوقيت، وذلك لاشتغال الجهاز الأمني بنظام المداومة وسهره على راحة وسلامة الأشخاص على مدار الساعة. وفي مجال النقل العمومي، تبين، من خلال الدراسة، أن مواقيت القطارات لم تتأثر، لكون مواعد المغادرة مرتبطة أساسا بفئة الركاب والأنشطة التي يمارسونها (طلبة، مستخدمين، مسافرين)، ولا تتأثر بنظام التوقيت المعتمد، ومن جهة أخرى تمت ملاءمة أوقات عمل وسائل النقل العمومي مع النظام الجديد.
الاقتصاد والتصدير والاستيراد
وفي مجال الاقتصاد والتصدير والاستيراد، سجلت الدراسة ارتفاعا في الطلب الداخلي بنسبة 2 في المائة، وذلك خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة لسنة 2018، ما يفسر بتوفر المغاربة على وقت أكثر بعد فترة العمل. وأبانت الدراسة عن غياب أي تأثير للتوقيت المعتمد على قطاع التصدير والاستيراد، وذلك لاعتماده على نظام العمل بالمداومة 24/24 ساعة.
وأوصت الدراسة بحزمة من التدابير التي يجب اتخاذها، وذلك بغية الاستفادة المثلى من التوقيت الصيفي، من خلال اعتماد أوقات مستقرة للمتمدرسين طيلة أيام السنة، والتواصل حول أهمية وإيجابيات التوقيت الصيفي، وتعميم الإنارة العمومية على مستوى الأماكن التي تعرف إقبالا كبيرا للمواطنين، سيما في الوسط القروي، وتعميم تقنية الكشف التلقائي للإضاءة الطبيعية على مستوى أنظمة الإنارة العمومية، والاستمرار في اعتماد المرونة في مواقيت العمل، ضمانا للتكيف مع مواقيت التمدرس، والرفع من معدل دوران وسائل النقل العمومي في فصل الشتاء وأوقات الذروة.