حيث ينتهي القانون تبدأ الفوضى
ماذا كانت تنتظر نبيلة منيب غير منعها من دخول البرلمان بسبب قرارات للسلطات العمومية تستند للشرعية القانونية التي صوت عليها البرلمان نفسه؟ هل كانت تعتقد أن السلطات العمومية ستستقبل خرقها لتدابير احترازية بالورد والياسمين وهي برلمانية تنتهك القانون أمام مسمع ومرأى من الجميع في تحد سافر لسيادة القانون مهما كان موقفنا منه؟
وحسنا فعلت السلطات العمومية بجعل القانون فوق الجميع، وكما يقول مونتيسكيو “مثل الموت لا يستثني أحدا”، ولا يميز بين مواطن عادي وبرلماني بحصانته الدستورية، ولا يفاضل بين أحد على أحد إلا بالاحترام، والانصياع والتطبيق .
لنعكس الصورة قليلا ونتساءل كيف كان سيكون موقف المواطن المغربي لو وافقت السلطات العمومية على دخول برلماني إلى مؤسسة عمومية بناء على نتائج pcr، لم يتضمنها بلاغ الحكومة المنبثقة أصلا من البرلمان، ألم يكن الأمر مهينا للقانون وللإجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية، ألن يتهم القانون ببيت العنكبوت يسقط فيه المواطن العادي الذي لا حيلة له ويخربه حاملو الصفات السياسية والدستورية.
السيدة البرلمانية والأمينة العامة ومشرعة الأمة كان عليها أن تعي أن مسؤولياتها الدستورية تفرض عليها المساهمة في توعية الآخرين بضرورة احترام القانون من خلال الالتزام به، لأن ذلك من صميم واجباتها كممثلة للمجتمع الذي تعيش فيه، والغاية هي أن يكون احترام القانون نابعاً منها أولا ومضربا للمثل في ذلك، ليس لأن القانون جميل ووردي ويحبه المواطن، بل لدينا عليه الكثير من المؤاخذات التي لا تحصى ولأنه مُلزم، ولا شيء غيره يمكن أن يضمن النظام العام وضمان العيش المشترك.
لا يمكن أن يتعامل من هم أولى بضرب المثل في احترام القانون وكأن الأمر يتعلق بأكلة يحق للبعض الامتناع عن أكلها لأنها لا تتماشى مع أذواقهم، فالدولة أو المجتمع الذي يفتقد رموزه احترام القانون، سرعان ما يتحول إلى حالة من الفوضى، تقود بالضرورة إلى سيادة شريعة الغاب، وغياب كل ما يمكن له أن ينظم المجتمع وأفراده وعلاقاته ومؤسساته، وكما قيل “القانون حتى ولو كان جائرا سيظهر عدله إذا طُبق على الجميع، والقانون العادل الذي لا يطول كل الفئات سيبقى ظالما مهما بلغ من الكمال”.
لذلك فما قامت به منيب ليس دفاعا عن موقف، بل استهتارا بالقانون وبالصفة الدستورية والسياسية التي تحملها.