شوف تشوف

الرئيسيةرياضةفسحة الصيف

حكم موريتاني تقدم بملتمس لقيادة مباريات البطولة المغربية بحثا عن التنافسية

قضاة الملاعب علي لمغيفري (حكم دولي)

ولد علي لمغيفري سنة 1975 في مدينة نواذيبو شمال موريتانيا، كان منذ طفولته مهووسا بقيادة مباريات الأحياء وحين اشتد عوده فضل الدراسة على الكرة، وانتقل لدراسة المحاسبة إيمانا منه بأن الكرة لا تؤمن مستقبل اللاعبين.

 

حكم في بلاد المليون شاعر

انخرط لمغيفري في العصبة الجهوية لنواذيبو وقام بتحكيم عدد من المباريات على المستوى المحلي، قبل أن يقرر الانخراط في مدرسة للتحكيم ويصبح حكما وطنيا، وبعد مدة من الممارسة أصبح حكماً دولياً معتمدا لدى «الفيفا» حيث نال الشارة سنة 2005. شارك علي، أو ولد علي كما يحلو للموريتانيين تسميته، في تحكيم مباريات بطولة أمم إفريقيا للمحترفين والمحليين وتصفيات كأس العالم.

انتقل علي لمغيفري إلى مدينة نواكشوط وأصبح وجها من وجوه الرياضة الموريتانية، بل إنه ناب عن منتخب «المرابطين» في كثير من المحطات الكروية القارية.

قال عنه الكاتب الموريتاني محمد محمود ولد امحمد: «كان علي لمغيفري هو فارسنا الوحيد المجرب وحامل لواء الوطن في «دبلوماسية» كرة القدم الدولية، وكان بمثابة إشراقة الأمل لجيل عانى فوبيا الهزائم حتى ظنها كل الظن أن لا انتصار ينتظرنا، وأن تكون حكما دوليا ليس بالأمر السهل. لقد أنقذ لمغيفري سمعة موريتانيا الرياضية بجهده الذاتي وعرق جبينه، وإن كان قد فقد كثيرا من وقته الثمين على حساب وقت العمل وهو المجد فيه».

في بدايته جعل علي من الحكم الدولي الموريتاني سوغ عبد الله مثلا يحتذى به، خاصة وأن الرجل يعد من مؤسسي قطاع التحكيم الموريتاني ومن أوائل من حملوا الشارة الدولية سنة 1976، حين كان عمر علي سنة واحدة. كما استلهم نجاحات أب التحكيم الموريتاني إدريسا صار الذي كان أول حكم موريتاني يدير نهائي كأس أمم إفريقيا والوحيد حتى الآن، عندما قاد نهائي البطولة في عام 1988 بين منتخبي نيجيريا والكاميرون في المغرب.

عمل لمغيفري على الجمع بين الصرامة والتواصل مع محيطه، وهي خاصية ميزت كبير الحكام الموريتانيين عبد الله سوغ، الذي قاد مباريات دولية اشتهر في تدبيرها بجمعه بين الصرامة وخفة الدم خلال تحكيمه لمباريات الدوري الوطني الموريتاني.

 

حكم موريتاني بعباءة مغربية

حين أصبح علي حكما دوليا بحث عن فرص عديدة لرفع أدائه، ومع انطلاقة الدوري الاحترافي المغربي، سارع الحكم الموريتاني إلى تقديم ملتمس لقيادة بعض مباريات البطولة الوطنية المغربية، إيمانا منه بأن الدوري المغربي فضاء لاكتساب التجارب الميدانية والاحتكاك بالحكام الدوليين المغاربة وبمواجهات حارقة ترفع من مستواه، خاصة وأن المسافة الزمنية بين نواذيبو والرباط لا تتجاوز الثلاث ساعات.

يرتبط لمغيفري بعلاقات راسخة مع مكونات التحكيم في المغرب، خاصة مع المحاضر الدولي في مجال التحكيم المغربي يحيى حدقة، الذي تعرف عليه حين شغل هذا الأخير مهمة الإشراف على تنمية قدرات ومهارات الحكام في المعسكر الخاص بالحكام الذين قادوا مباريات نهائيات كأس إفريقيا في جنوب إفريقيا 2013.

كان علي قريبا من يحيى الذي تحددت مهامه كمكون في الإشراف على الحكام وتصحيح بعض الأخطاء من خلال المتابعة اليومية لأدائهم عبر تقنية الفيديو، إيمانا منه بأن التظاهرات القارية ليست مباريات للكرة فقط، بل لقاءات تكوينية تدعم الرصيد المعرفي للحكام. مثل علي لمغيفري موريتانيا كحكم وسط، وظل قريبا من مكونات التحكيم المغربي.

في بداياته، وتحديدا عام 2013، قاد الحكم الموريتاني لمغيفري مباراة بالرباط جمعت الجيش الملكي والفتح الرباطي برسم كأس الكونفدرالية الإفريقية، رفقة طاقم تحكيم موريتاني.

وفي علاقته بالكرة المغربية أشرف علي على مجموعة من المباريات للأندية المغربية كالوداد والنهضة البركانية والفتح الرباطي والدفاع الحسني الجديدي، كما قاد مباريات المنتخب المغربي الودية والرسمية في كثير من المحطات.

عينته مديرية التحكيم التابعة للاتحاد الإفريقي لقيادة مباراة نهضة بركان أمام النادي الإفريقي التونسي، برسم مسابقة كأس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، كما اختير لقيادة المباراة القوية التي جمعت الدفاع الحسني الجديدي ونادي وفاق سطيف الجزائري بملعب العبدي بالجديدة.

قرر الاتحاد الإفريقي لكرة القدم تعيينه ضمن طاقم تحكيمي من موريتانيا، للمواجهة التي جمعت الوداد الرياضي وصن داونز الجنوب إفريقي، في إياب ربع نهائي دوري أبطال إفريقيا. كما أشرف على تحكيم مباراة الفتح الرياضي أمام الزمالك المصري، وغيرها من المباريات التي حتمت عليه السفر إلى المغرب.

لكن المباراة التي لازالت راسخة في أذهان المغاربة هي التي تعد نقطة سوداء في مسار الحكم الموريتاني، وجمعت المنتخب المغربي بنظيره لجزر القمر، حيث انهال مشجعو المنتخب القمري بالشتائم على الحكم الموريتاني بسبب قراراته المثيرة للجدل في مباراة الدار البيضاء، والتي انتهت بفوز «أسود الأطلس» بهدف دون رد بفضل ضربة جزاء في الدقيقة 96 من المباراة.

تعرض الحكم الموريتاني لموجة كبيرة من الانتقادات، كما كان موقف رئيس البلاد (جزر القمر)، غزالي عثماني، مثيرا للاستغراب حين أعلن مراراً وتكرارا عن حبه للمملكة المغربية، ومساندة علي.

وصلت القضية إلى محكمة «الطاس» لكنها رفضت شكاية منتخب جزر القمر بخصوص المباراة المؤهلة لنهائيات كأس إفريقيا في مصر سنة 2019، علما أن مسؤولي الجزر رفعوا إلى الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم شكاية ضد الحكم الموريتاني، بداعي تغاضيه عن احتساب خطأ ضد المدافع نبيل درار على مقربة من خط منطقة العمليات في الجولة الأولى واحتسب ضربة جزاء للمنتخب المغربي بعد انتهاء الوقت الضائع، حسم بها «الأسود» نقط المواجهة.

ورفض مدرب منتخب جزر القمر، خلال الندوة الصحافية عقب تلك المباراة، الإفصاح عن نظرته التقنية للمواجهة، واكتفى بالقول إنه يشعر بالإحباط وإن ما حصل لم يكن منصفا، في إشارة إلى عدم استساغته إعلان ضربة الجزاء الحاسمة بعدما نجحت مجموعته في الحفاظ على نظافة شباكها طوال المباراة. وبالرغم من هذا العارض إلا أن علي كان موفقا خلال توليه قيادة العديد من المباريات المحلية والدولية، حيث اشتهر ببرودة الأعصاب في اتخاذ القرارات المثيرة للجدل، قبل أن يتمكن من تمثيل التحكيم الموريتاني في كثير من التظاهرات ذات البعد العالمي، دون أن يتمكن من تحقيق حلم قيادة مباريات كأس العالم.

 

علق الصافرة ليصبح مراقبا

قبل عامين وضع الحكم الدولي الموريتاني علي لمغيفري الصافرة في خزانته واضعا حدا لمشواره التحكيمي الذي دام فترة طويلة على الصعيدين المحلي والقاري، فاتحا بذلك المجال لبعض الحكام الشباب الذين حصلوا على الشارة الدولية في العامين الأخيرين، من ضمنهم الثلاثي دحان بيدة، عزيز بوه وبوبكر صار.

مباشرة بعد الاعتزال، قرر الاتحاد الموريتاني لكرة القدم تعيين لمغيفري نائبا لرئيس قسم التحكيم في اتحاد الكرة، وهو المكتب الذي يتولى تعيين ورقابة الحكام الذين يشرفون على إدارة المسابقات المحلية في البلاد، خاصة بطولتي الدوري والكأس، حتى يكون خليفة لخبير تحكيمي جزائري يشغل هذه المهمة منذ سنوات. ويأتي قرار الاتحاد الموريتاني التفاتة مهنية لواحد من أفضل الحكام الذين عرفتهم موريتانيا، وهو المتوج في أكثر من مناسبة بجائزة الصافرة المتألقة.

حين نضع تألق هذا الحكم في سياقه التاريخي سنعتبره إنجازا، لأنه حفر بأظافره الصخر حين كان يصعد المرتفعات، في زمن لم يكن فيه وجود لممثل للكرة الموريتانية في دائرة القرار الكروي بالاتحاد الإفريقي للعبة.

يقول حكم مغربي رفض الإفصاح عن اسمه: «لسوء حظ علي أنه عاش في بدايته فترة عصيبة من تاريخ الكرة الموريتانية، لو كتب له التألق خلال فترة ولد يحيى، ابن بلدته نواذيبو، لكان له شأن آخر. لقد عاش أيام الحظر الذي كان مفروضا من «الفيفا» على موريتانيا، ما بين 2008 و2011، حظر «الفيفا» على موريتانيا اللعب دوليا بسبب انسحابها المتكرر واعتذارها عن المشاركة في تصفيات بطولة كأس الأمم الإفريقية؛ جراء عجز مالي كان يعاني منه الاتحاد الموريتاني».

لكن يبدو أن ولد يحيى يعول على لمغيفري في بناء إدارة قوية قادرة على مواكبة التطور الذي كانت تسعى إليه الكرة الموريتانية، والتي يعد قطاع التحكيم إحدى أولوياتها.

لكن، على امتداد مساره التحكيمي، لا يمكن لعلي أن ينسى واقعة نهائي كأس الجمهورية الموريتانية يوم 18 يونيو 2017، والذي فوجئ فيه الحكم بغياب فريق نادي تفرغ زينه، وحضور فريق واحد وهو نادي نواذيبو. قام لمغيفري بتطبيق القانون المعمول به دوليا في مثل هذه الحالات، وأعلن فريق نواذيبو بطلا لكأس رئيس الجمهورية 2017، في ظل تغيب الطرف الثاني، في سابقة لم تعرفها الكرة العالمية في نهائي كأس سيادي.

بالموازاة مع ذلك، سيتفرغ علي لعمله خبيرا محاسبا، وسيمكن أسرته الصغيرة من وقت أطول، بعد أن سلم المشعل لحكم دولي واعد اسمه دحان بيدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى