شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسيةملف التاريخ

حقيقة الضرائب التي دفعها الفلاحون المغاربة للفرنسيين

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

 

تساءل أحد الرجال:

-«ما أهمية المال؟ إن الأمريكيين سيؤدون لي مبلغا أكبر، لكن سيتعين عليّ إنفاقه لشراء القمح الذي أحصل عليه الآن مجانا».

موقف هذا الرجل عقلاني أكثر من موقف الرجال الآخرين المتجمعين في المكان. ومع ذلك كان عدد المتذمرين بشأن الظروف المحلية قليلا.

يواصل الرجل كلامه:

-«طبعا، إنه لمن الجيد أن تمتلك مزرعتك الخاصة وتعمل لحساب نفسك، لكن إن شح المطر ستتضور جوعا. هنا أحصل على أجرة أسبوعية كيفما كانت المحاصيل وأحصل على نصيبي من القمح مباشرة من المحصول قبل أن يستطيع المُعمر بدء عملية البيع. الأكثر من هذا، إن كنت أمرّ بضائقة أو مرض، فإن رب عملي صديق عملتُ لصالحه لعشرين سنة».

لم تكن هناك أية إشارة إلى وجود ثورة هنا، هذا ما خلصتُ إليه. الشخص التالي، الذي قابلتُه، كان رجلا فرنسيا، وهو مفتش ضرائب في المزارع.

قلتُ له:

-«لقد رأيتُ كيف تُجمع ضريبة «الترتيب» الخاصة بمزارع الفلاحين، لكن الوطنيين يشتكون من اضطرار الفلاحين لأداء ضرائب أكبر، بحسب مساحة ملكيتهم، من تلك التي يؤديها المُعمرون الفرنسيون، بحكم أن الفرنسيين يستفيدون من تخفيض بقيمة 50 بالمئة عن الضريبة الخاصة بالمحاصيل».

يُجيب:

-«غير صحيح تماما. هناك تخفيض بقيمة 50 بالمئة، وهو مكافأة تحفيزية. وهذا التخفيض لا يُمنح لمُزارع لأنه فرنسي، ولكن لأنه يوظف آلات عصرية ويتبع معايير وقواعد حديثة. لو مارس الزراعة وفق الطريقة البدائية المغربية، سيدفع مثل ما يدفعه المغربي. من جهة أخرى، إذا زرع مغربي أرضه على الطريقة الأوروبية، فإنه سيستفيد من تخفيض الخمسين بالمئة، وهذا يعني أن المكافأة لا علاقة لها بالجنسية، بل هي اقتصادية أساسا».

بعد أن راقبته وهو يعمل ويأخذ عينات من المحاصيل لتقدير المحصول الإجمالي، ليتخذها قاعدة لتقدير قيمة الضرائب، زُرت بعض المزارع الأخرى.

المزرعة الموالية كانت أرضا بمساحة متوسطة، مملوكة لمغربي أكد لي أنه فعلا حصل على تخفيض الخمسين بالمئة.

يقول:

-«سأبقى أمارس الفلاحة على الطريقة الأوروبية، حتى بدون هذا التخفيض. لقد عانيت لأتعلم. كنتُ مُزارعا أحصد بالمنجل، ثم اكتشفتُ أنني أستطيع أن أجني بالآلة، في يوم واحد، ما كنتُ أجنيه بالمنجل في عشرة أيام، وهكذا طورتُ زراعتي لتصبح ممكننة. والآن، فإن جيراني، وهم رجال من قبيلتي، بقوا متمسكين بالمنجل، يعملون لحسابي».

 

ومع ذلك، خلال جولتي في منطقة المُعمرين، سجلتُ وجود تناقض طفيف بين المناطق، لكنه ربما يكون تناقضا خطيرا.

في جولة حول مدينة مكناس رأيت بعض آخر التطورات وأحدثها، المخازن العمودية للذرة، التي تمتلكها التعاونيات، ومعملا لتعليب وتصبير الفواكه والخضر، وشركة لعصر الخمور تتوفر على أقبية ضخمة.

بالقرب منها توجد مدرسة فلاحية بها تلاميذ فرنسيون ومغاربة، وهي تجربة مهمة يتم خلالها تحويل الرعاة إلى مُزارعين. تمت استعادة ثمانية آلاف هكتار من الأراضي المهجورة منذ زمن بعيد، ولم يكن يُمارس فيها سوى الرعي العشوائي لقطعان الأغنام والماعز. قُسمت إلى ضيعات مساحة كل واحدة منها أربعة أو خمسة هكتارات، تتوفر فيها الآلات الفلاحية، بحكم أن أجرة الأرض تُدفع بعد بيع المحصول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى