شوف تشوف

الدوليةالرئيسيةسياسية

حقائق عن ثروة الملحق العسكري بسفارة الجزائر في مدريد

يونس جنوحي

لم يكن كل أعضاء عصابة «مافيا الجنرالات» معروفين لدى الصحافيين والمواطنين الجزائريين. بل كان بعضهم «متخفين» في البذلة العسكرية أو في ظل العلم الوطني. وهنا أعطى هشام عبود المثل بشخصية مثيرة فعلا، ويتعلق الأمر بآيت عبد السلام، وهو أحد المقربين جدا من الجنرال بلخير وبقية أعضاء القيادة، وينحدر من أصول «قبايلية».

 

رجل الظل

يقول هشام عبود متحدثا عن آيت عبد السلام: «هجر دوائر الجيش الفرنسي بمعية الجنرال عبد المجيد صاحب، شهورا قليلة قبل الاستقلال. وهو ما يُفسر الاختلالات الفوضوية التي كانت لديه في مساره.

ينحدر أصله من القبايل الكبرى، وقد كان ضابطا، وفي سنة 1973 سوف يصبح داخل البعثة العسكرية إلى مصر، بأمر من الجنرال خالد نزار، مسؤولا عن التوريد والخدمات اللوجيستيكية. ومثل بقية الضباط الذين كان لديهم مستوى تعليمي جيد، فقد كان كاتبا عن رؤسائه الأميين قبل أن يصبح لاحقا مستشارا للجنرال نزار ثم رئيسا للوحدات البرية. واعترافا ومكافأة على الخدمات التي قدمها، فقد تم إرساله إلى السفارة الجزائرية بمدريد، في منصب ملحق عسكري لمدة ثلاث سنوات. وخلال تلك المدة استطاع مراكمة ثروة مهمة بالعملة الصعبة. واستطاع، أيضا، الترقي بسرعة مذهلة، إذ لم يستغرق سوى سنتين فقط لكي يمر من رتبة جنرال إلى رتبة جنرال قائد للأركان. إنه بمثابة العقل المدبر والمفكر لكل من الجنرالين نزار وكنيزية».

 

معاليه

كان هشام عبود يعاني كثيرا مع أمثال آيت عبد السلام. فمن جهة، كان هذا الجنرال منبوذا في أوساط الذين يتسابقون للفوز بعناية الجنرال خالد نزار واهتمامه..، لأن هذا الشاب، الذي سبق له التدرب في بريطانيا، كان يستأثر منهم بالأضواء نظرا لكفاءته المهنية والأكاديمية. ومن جهة أخرى لأنه ينحدر من منطقة القبائل، فقد كان بعض الذين يكرهونه ينعتونه بـ«الانفصالي». وحتى عندما يُظهر ولاءه للجنرال نزار وللجيش بصفة عامة، فإنهم لا يلبثون أن ينعتونه في مجالسهم الخاصة بـ«الخائن لقومه وعشيرته».

لكن آيت عبد السلام لم يكن يأبه لكل ما يحاك ضده ما دام لديه الضوء الأخضر لكي يراكم الثروة، قبل حتى أن يتم تعيينه في سفارة الجزائر بمدريد.

يروج عن هذا الجنرال أنه كان يتاجر في عدد من الصفقات التي ترتبط بإدارة الجيش، بل حتى في رشاوى الإعفاء من الجندية أو الشواهد الطبية التي يدلي بها كبار ضباط الجيش للتفرغ لأعمالهم التجارية أو محاولات إدخال أبنائهم إلى مؤسسة الجيش.

فعندما تأتي الملفات من مكتب الجنرال آيت عبد السلام إلى مكتب الجنرال نزار، فهذا كان يعني أمرا واحدا فقط: «سوف يتم التأشير عليها بدون نقاش». ولهذا السبب كانت دائرة الذين يكرهونه تتسع دون أن يستطيعوا إلحاق أي أذى به.

فحتى عندما تم إرساله إلى مدريد، راج في أوساط الجيش أنه أرسل إلى هناك عقابا له وتمهيدا لطرده من الجيش، لكنه عاد أكثر قوة. والمثير أن اسمه لم يكن متداولا أبدا في الصحافة الجزائرية، ورغم سطوته واتصاله المباشر بالجنرال خالد نزار، إلا أن آيت عبد السلام لو نزل إلى شوارع العاصمة مشيا لما عرفه أحد. وهذه كانت نقطة أخرى تُحسب له، إذ لم يكن أحد قادرا على إثارة اسمه في الصحافة أو اتهامه باختلاس أو استغلال للنفوذ، لأن الجميع كانوا يخافون من العقاب الذي سوف ينزله بهم الجنرال نزار دون هوادة.

 

المخ

شخصية أخرى تستحق أن يسلط عليها الضوء لفهم مكامن الفساد في دوائر الجيش الجزائري منذ منتصف السبعينيات، وهي الفترة التي كان فيها الجنرال خالد نزار يخطط لسيطرته على الجزائر عندما بدأت علامات المرض تظهر على الهواري بومدين. فقد كان وقتها أحمد بن بلة، الرئيس الذي انقلب عليه الجيش، لا يزال في زنزانته الرطبة، عندما كان هؤلاء جميعا يقتسمون خيرات الجزائر ويفوتونها لبعضهم البعض.

وأحد هؤلاء هو محمد التواتي، الذي كان الجنرالات وكبار الضباط السامين في الجيش الجزائري يلقبونه بـ«المخ»، وهو اللقب الذي أثار سخرية كبيرة عندما أشار إليه هشام عبود في مذكراته ووصف صاحبه بأنه أحد العناصر الخطيرة الذين شكلوا عصابة الـ11 الأكثر تأثيرا في النظام الداخلي لـ«المافيا». فقد مر هذا الأخير بمناصب غاية في الحساسية منها أنه عين مع استقلال الجزائر رئيسا لقيادة أركان الدرك الوطني، وهو المنصب الذي كان حساسا للغاية، والوصول إليه وقتها كان يعني أن صاحبه على دراية بوقائع سرية وعمليات اغتيال دموية لتصفية معارضي سيطرة «الشلة» على المناصب الحساسة في الجيش، بأمر من وزير الدفاع وقتها، والذي لم يكن أحدا سوى الهواري بومدين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى