يوما واحدا بعد اعتقال مستشار برلماني ورئيس أغنى جماعة بمراكش، بعد ضبطه متلبسا بابتزاز مهاجر مغربي في رشوة مالية ناهزت قيمتها 11 مليون سنتيم، أسدلت غرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بمراكش، مساء أول أمس الأربعاء، الستار على محاكمة مسؤول ولائي تورط في فضيحة مماثلة، هزت الرأي العام المحلي والوطني، عند منتصف الشهر الماضي، بعد ضبطه متلبسا هو الآخر بتسلم رشوة من مستثمر سياحي قدرت بحوالي 12 مليون سنتيم.
وقضت الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال، أول أمس، بإدانة رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية مراكش، بست سنوات سجنا وبغرامة 50 ألف درهم وبإرجاع مبلغ 120 ألف درهم مبلغ الرشوة إلى المشتكيين وبتعويض 10000 درهم للمشتكيين وبدرهم رمزي للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة. وحسب مصادر موثوق بها، فإن المسؤول الولائي البارز، الذي قضى حوالي ثلاثة عقود على رأس أهم الأقسام الإدارية بولاية مراكش، استنجد بالهيئة القضائية وهو يرد في كلمته الأخيرة أمام الهيئة من أجل الصفح عنه، مذكرا بتفانيه لمدة عقود في خدمة الإدارة والوطن، قبل أن ينطق رئيس الجلسة بالحكم بعد المداولة، حيث انهار المتهم متأثرا بهول الصدمة، وهو يسمع مدة الحكم التي ناهزت ست سنوات سجنا، في انتظار قرار غرفة جرائم الأموال الاستئنافية التي سيعرض عليها المتهم بعد أسابيع للتداول في الاستئناف الذي سيتقدم به دفاعه، حسب مقربين من الملف. وكانت النيابة العامة قد طالبت في كلمتها بإنزال أقصى العقوبات التي ينص عليها القانون في حق المتهم، بالنظر إلى خطورة الجريمة التي اقترفها من موقعه كمسؤول ولائي، ورغم المرافعات القوية لدفاع المتهم التي أكدت على براءته من التهمة المنسوبة إليه، وانتفاء وضعية التلبس، بعد العثور على الغلاف الأحمر المتضمن للمبلغ المالي فوق طاولة بمكتبه دون علمه بتفاصيله، فإن الهيئة القضائية قررت إدانة المتهم بعد أن تكونت لديها القناعة التامة بتورط المسؤول في جناية مالية خطيرة مرتبطة بالارتشاء واستغلال النفوذ.
وبالعودة إلى تفاصيل هذه الفضيحة، فقد كانت عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد انتقلت، في الثاني عشر من شهر دجنبر الماضي، من الدار البيضاء إلى مراكش بأمر من رئاسة النيابة العامة التي توصلت بشكاية رسمية من مستثمر سياحي عبر الرقم الأخضر، تفيد بتعرضه لابتزاز من طرف مسؤول بارز بالولاية. وداهمت عناصر الفرقة الوطنية مقر الولاية وتوجهت مباشرة إلى مكتب رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق (ع.ع)، من أجل إتمام تفاصيل الكمين المحكم الذي تم ترتيبه بين رئاسة النيابة العامة والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش ومصالح الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء والمشتكي مالك أفخم المنتجعات السياحية بمراكش، الذي طلب منه المسؤول النافذ بولاية مراكش مبلغا ماليا، مقابل تمكينه من أحد الترخيصات الخاصة بمشروعه السياحي، قبل أن تفشل خطة هذا الأخير ويسقط في أيدي العناصر الأمنية التي ضبطته متلبسا بتلقي رشوة تناهز 12 مليون سنتيم عثر عليها وسط غلاف فوق مكتب رئيس القسم الاقتصادي.