حسن البصري
من كان يعتقد يوما أن كرة القدم النسائية ستشغل الناس، وأن مدرجات الملاعب ستختنق بالمشجعات؟
من كان يظن يوما أن الأمهات سيشجعن بناتهن على لعب الكرة، بدل التنقيب عن عريس «يسترهن» من عوادي العنوسة؟
من كان يصدق يوما أن حسناوات سيرثن مهنة تشجيع «لبؤات الأطلس»، ويخلفن «ظلمي» المدرجات؟
أين اختفى أولئك الذين صاحوا في وجه اللاعبات «مكانكن المطبخ»؟
الكلمة اليوم للجنس اللطيف الذي يحكم الكرة، ويناضل بالأقدام من أجل المساواة بين الجنسين في الأهداف وفي ضربات الترجيح.
لا تلف الشهرة لاعبات المنتخب الوطني لكرة القدم فقط، ولا تمتد للمدربات والمدلكات وصحافيات الشأن النسوي، بل تمتد إلى زوجات اللاعبين والمدربين ورؤساء الفرق ووكلاء اللاعبين، وكل من ثبت تورطه في عالم الكرة.
عندما فشل رئيس الرجاء الرياضي في إقناع المهاجم الكونغولي غي مبينزا بالانتقال من ضفة الوداد إلى ضفة الرجاء، قال في تصريح فايسبوكي:
«قمنا بمحاولات لإقناع زوجة مبينزا، بعدما رفضت الاستمرار في المغرب، في ظل عدم توصل زوجها بمستحقاته من الوداد الرياضي، لكنها رفضت».
تبين أن اللاعب الكونغولي غير متزوج، وأن الرئيس كان يحاول إقناع سيدة أخرى.
عاد رئيس الرجاء ليعزف على الوتر الحريمي، وبرر رفض المهاجم مالونغو الانضمام إلى القلعة الخضراء بإصرار زوجته على الاستقرار في دبي وليس الدار البيضاء، وأنها تدير متجرا في الشارقة.
يبدو أننا نعيش منعطفا آخر في التفاوض مع اللاعبين والمدربين، الكلمة اليوم لزوجة اللاعب والمدرب، والقرار الأخير يأتي من غرفة النوم وليس من مقر النادي.
وددت لو قرأ رئيس الرجاء السابق حوارا أجراه المدرب فيلموتس مع صحيفة بلجيكية، قال فيه: «زوجتي هي الرأس وأنا مجرد قدمين»، ليعرف أن السيدة كاتريان ليست مجرد رفيقة عمر المدرب.
حين قرر الرجاء الانفصال عن مدربه البلجيكي، ارتدت كاتريان بذلة المحاماة وقدمت مرافعتها أمام الرئيس السابق المحامي في هيئة الدار البيضاء، رفضت الانفصال الودي، ثم ضربت الطاولة بقبضتها مصرة على التقيد بالشرط الجزائي الرهيب.
سكت فيلموتس وتكلمت زوجته التي تملك خبرة واسعة في استدراج الرؤساء نحو الشرط الجزائي، فهي التي جعلته يراكم الأموال مدربا كان أو مستقيلا، وهي التي جعلته أحسن سائح في المغرب يقضي إجازته المؤدى عنها بين الدار البيضاء وفاس ومراكش، ويتقاضى آلاف الدولارات شهريا، حتى لا يطرق باب محكمة الرياضة.
واهم من يعتقد أن زوجة لاعب كرة القدم مهمة سهلة لأي امرأة، خاصة حين يتم الربط بين كل ما تقوم به في حياتها الخاصة، وبين ما يدور في الوسط الرياضي كونها زوجة «لاعب مهم»، فتحركاتها في «السوشيال ميديا» وفي مدرجات الملعب تحت المراقبة، بل إن صحافة الإثارة قررت صرف النظر عن اللاعب وما يقدمه في الملعب، والاهتمام بعطاء زوجته.
واجهت غزلان، حرم اللاعب بانون، هجوما بسبب منشوراتها، وأصبحت رالوكا، زوجة الجعدي، لاعب الوداد، أكثر استقطابا للمشاهدات و«اللايكات» من عميد الفريق ورئيسه، ولفتت زوجة بن لمعلم الأنظار حين أصبحت وكيلة أعماله الناطقة الرسمية باسمه.
لم تسلم زوجة حكيمي من الغارات الإلكترونية، وأصبح لباسها يهم الصحافيين أكثر من اهتمامهم بأداء مدافع باريس سان جيرمان. واعترض اللاهثون وراء «الإثارة» على خرجات زوجة اللاعب شيبو ورسموا لها مربعا للعمليات، وتعرضت زوجة الزنيتي لهجوم من نيران صديقة.. وقس على ذلك من المعارك التي تحقق أعلى نسب تريند في منصات «التراشق» الاجتماعي.
قد تشعر زوجة هذا اللاعب أو ذاك بغصة في حلقها وبطعنة سيف في قلبها وخيبة أمل على ملامحها، لكنها تصر على الاستمرار في جبهة المواجهة، فوراء كل رياضي عظيم امرأة تجيد تسديد ركلات الجزاء.