شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

‎حرية الصحافة الرياضية

 

حسن البصري

 

اندس اليوم العالمي لحرية الصحافة وسط أجواء عيد الفطر ومر مرور الكرام، وتبين أن المناسبة ليست بالضرورة شرطا، أمام جاذبية أطباق العيد.

لكن حرية الصحافة لا تعني عشيرة الصحافيين الرياضيين، لأنهم يشتغلون دون قيد أو شرط ولهم هامش حرية، قد يفتقده صحافيو السياسة والمجتمع والاقتصاد والفكر. هذه نعمة من الله تظهر على عباده المتعاطين للصحافة الرياضية.

منتهى الحرية عند صحافة «الشأن الرياضي» أن تنال «بادجا» يخول لحامله ولوج الملعب، والباقي مجرد تفاصيل غير ذات جدوى، عملا بالمبدأ السائد في المدرجات: «أنا أصور لايف من الملعب، إذن أنا موجود».

لهذا فنحن غير معنيين بحرية الصحافة، لأننا أحرار في التجول بين مرافق الملعب، أحرار في الركض فوق رقعة الملعب، أحرار في اصطحاب أبنائنا إلى منصات الصحافة، أحرار في تشجيع الفريق والتغني بأهازيج المدرجات على امتداد دقائق المباريات. ولأننا ننتمي إلى جسم الصحافة الرياضية، فألسنتنا وأقلامنا تنعم بمناخ عمل ليس فيه خوف أو قلق.

من يتباكى على حرية الصحافة الرياضية واهم، لأن المطلوب منك في كل مباراة هو أن تتحول إلى صحافي/ مشجع، وأن تتمتع بكامل الحرية في شتم لاعب خانته لياقته البدنية، أو حكم انفلتت من بين شفتيه صفارة.

حين تدخل الملعب لا يطالبك أحد باحترام الميثاق الإعلامي الرياضي، فشطارتك هي التي تحطم الحواجز المنتصبة في الممرات، وهي التي تبيح لك حرية التنقل، وجبهتك هي التي تحولك إلى صحافي قادر على اختراق كل الجبهات.

أما إذا كنت مؤثرا وصانع محتويات، فهامش الحرية أمامك يتسع وينتفخ، وتصبح المباراة فرصة لرفع عدد «اللايكات»، ومناسبة لكسب جمهور جديد له استعداد للضغط على زر الجرس.

ولأن القائمين على الأندية الرياضية، وخلايا الإعلام بالتحديد، يملكون سلطة تسليم «البادج» لمن استطاع إليه سبيلا، فإنهم يشهرون البطاقة الصفراء والحمراء في وجه كل من اختار التحليق خارج سرب الموالين لنظام الرئيس، فيرمى به خارج منصة الصحافة المصونة وتسقط عنه الحصانة، ويصبح مجرد صحافي مقنع معرض في أي لحظة لغدر الزمان والمكان.

لكن بقدر ما ينعم الصحافيون الرياضيون بالحرية، بقدر ما يضيق هامشها على رؤساء خلايا الإعلام في الأندية المغربية، فقد أريد لهم أن يتحولوا إلى موزعي «بادجات» و«تريتورات» ندوات صحفية، وكلما جهروا بالحقيقة وانتقدوا صناع الفضيحة، اتهموا بالخروج عن النص، وأدينوا غيابيا بشغب الندوات.

في سنوات الرصاص كانت الصحافة الرياضية بعيدة عن فوهات المسدسات الكاتمة للصوت، وحين عقد الإعلام قرانه مع الداخلية، لم يحاكم البصري صحافيا رياضيا، فقط شدد على اختيار المذيع المناسب للنهضة السطاتية، وفي زمن ولى أبعد الصحافي الحسين الحياني، لأنه نطق بالحقيقة المرة، وعاش الزميل أحمد صبري حصارا رهيبا، حين اقترب من الأسلاك الشائكة وهيأ لقرائه خلطة الرياضة بالسياسة.

اليوم لا يطرق المخبرون بيوت الصحافيين الرياضيين، لأن ألسنتهم لم تعد شديدة الخشونة كما في الماضي، بسبب الإفراط في تناول أكلات المؤتمرات الصحافية والجموع العامة والخاصة، بل إن عددا من الصحافيين الرياضيين لا يجدون إحراجا في الجمع بين الصحافة والمسؤولية في المكاتب المسيرة للفرق المغربية، ما دام الخط التحريري مبني بالخرسانة.‎

نحن في حاجة إلى جرعة من لقاح الميثاق الإعلامي الرياضي، في حاجة إلى معاهد صحافة تضعه ضمن مناهجها التعليمية، لأننا نريد أن نعيش حرية التعبير لا أن ننعم بحرية التكميم.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى