شوف تشوف

الرأي

حرب أهلية قادمة في أمريكا بسبب ورق الحمام !

فدوى مساط
«دان» محام أمريكي في الخمسين من عمره، يسكن في الحي الذي أقطنه في منطقة واشنطن الكبرى. «دان» دائما مشغول بقضايا موكليه ومواعد جلسات المحاكم، أو لقاءات المحققين وممثلي شركات التأمين..
قال لي «دان» إنه لم يتابع أخبار جائحة كورونا رغم أنها تصدرت عناوين نشرات الأخبار والمواقع والصحف في أمريكا منذ أسابيع، لكنه انتبه فجأة بأن شيئا ما على غير ما يرام في أمريكا، عندما ذهب للتبضع قبل عشرة أيام في متجر «وولمارت» الضخم ولم يجد ورق الحمام.
أكد لي «دان» أنه وقف طويلا وسط المحل مندهشا من عدم وجود ولا علبة واحدة من ورق الحمام، وزادت دهشته أكثر عندما فشل في العثور على أي نوع من ورق الحمام بسلسلة متاجر «تارغت» و«كوسكو» الضخمة أيضا.
قال «دان» إنه حينها فقط تنبه إلى وقوع شيء جلل بأمريكا. فورق الحمام يعد مادة من مواد «الأمن القومي» في البلد وغيابها يعني أن أمريكا مقبلة على كارثة مناخية مفزعة أو حرب مدمرة قريبة!
تخمين «دان» ليس بعيدا عن الواقع، إذ يتم بيع أكثر من سبعة ملايير لفافة من ورق الحمام في أمريكا سنويا، يستهلك منها المواطن الأمريكي نحو مائة وأربعين لفافة في المعدل، وهي ضعف نسبة استهلاك مواطن في اليابان لهذه المادة مثلا، ويأتي بعده الألماني بنحو مائة وثلاثين لفافة في السنة، ثم البريطاني بمائة وعشرين.
وتعود قصة ظهور ورق الحمام أو ورق «التواليت» في أمريكا، إلى سنة 1857 عندما اخترع أمريكي يدعى جوزف جايتي ورقا «طبيا» للاستخدام في الحمام، لكنه فشل فشلا ذريعا في تسويقه آنذاك، لكن الأمر اختلف كليا سنة 1880 عندما عرض الشقيقان «سكوت» ورق الحمام للبيع بفيلاديفيا بطريقة مبتكرة أزالت خجل الأمريكيين من اقتناء هذه السلعة التي كانت تعتبر «خادشة» للحياء.
وعندما بدأ التحذير من قرب إغلاق اقتصادي شامل في الولايات المتحدة بسبب تداعيات فيروس كورونا، هرع الأمريكان للمتاجر الكبرى واقتنوا صناديق قناني المياه البلاستيكية، علب الأكل المصبر والكثير الكثير من ورق الحمام الناعم، لدرجة نفد مخزون هذه المادة في معظم البلاد، اضطرت معها بعض المتاجر لبيع علبة واحدة فقط لكل زبون، في محاولة لتمتيع أكبر قدر ممكن من الزبائن بحق الحصول على هذه المادة الحيوية.
وقد تحول الموضوع إلى مادة للتندر بنشرات الأخبار الأمريكية، إذ استضافت شبكة «سي إن إن» خبيرا اجتماعيا وآخر نفسيا لتحليل سلوك الأمريكيين ولجوئهم لتخزين ورق الحمام بهذه الطريقة الهستيرية.
ولم ينجح المحللان في قول شيء عليه القيمة غير أن المواطن الأمريكي يعتبر ورق الحمام مادة أساسية مثلها مثل الخبز والحليب!
كما نشرت مواقع إخبارية مثل «ناو ذيس» و«فاكس» عددا من التقارير الإخبارية عن معارك حقيقية، تم خلالها جر شعر الرأس بقوة وضرب البطن بشدة ولكم الوجه بطريقة عنيفة بسبب التنافس الشديد على اقتناء آخر لفافات ورق الحمام بأحد متاجر أمريكا الكثيرة.
وتقدر قيمة سوق ورق الحمام في هذه البلاد بأكثر من واحد وثلاثين مليار دولار في السنة، تسيطر عليها شركة «تشارمينغ» التي تعتمد في تسويقها على دب صغير جميل يتحدث دائما عن مدى نعومة وضخامة لفافة الورق، وليس عن جودته أو ضرورته في حياة الأمريكيين!
وبسبب الهستيريا التي رافقت شراء الأمريكيين لورق الحمام بعد انتشار فيروس كورونا بالبلاد، حذرت صحيفة «نيويوركر» من احتمال اندلاع حرب أهلية في البلاد، كما سخرت من الأمريكيين الذين سيموتون بسكتة قلبية خوفا من عدم توفرهم على ورق حمام، إذا فلتوا ولم يصابوا بفيروس كورونا الخبيث!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى