شوف تشوف

الافتتاحية

حدثان برسالتين

في نفس اليوم وقع حدثان كبيران قد يبدو أنهما معزولان لكنهما في الحقيقة يتقاسمان نفس الأهداف الاستراتيجية ويجمعهما خيط ناظم متعلق بحماية السيادة الوطنية. الحدث الأول هو إعلان قبول المغرب لتعيين ستيفان دي ميستورا مبعوثا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة مكلفا بملف الصحراء، والحدث الثاني هو تعيين الجنرال دو كور درامي بلخير فاروق، قائد عملية تحرير معبر الكركرات وقائد المنطقة الجنوبية، مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية عوض الجنرال عبد الفتاح الوراق، حيث سيجمع بين المفتشية العامة للجيش وقيادة المنطقة الجنوبية كما كان عليه الأمر زمن الجنرالين الراحلين عبد العزيز بناني وبوشعيب عروب.
الحدثان يحملان في طياتهما دلالات هامة، من بينها اقتناع المغرب بجدوى الحل الديبلوماسي المبني على أساس الوحدة الترابية ومرجعية المبادرة المغربية للحكم الذاتي الموسع التي نوهت بها تقارير مجلس الأمن طيلة السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى تبنيها من طرف الإدارة الأمريكية التي أصدرت مرسوما رئاسيا يقضي بالاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ولا شك أن هذا التوجه الواقعي للإدارة الأمريكية يعزز موقف المغرب ورؤيته الخاصة لحلّ هذه القضية، التي مضى عليها ما يقرب من نصف قرن، بحكم ثقل الولايات المتحدة، وتحديدا في مجلس الأمن، حيث يمكن أن تؤدي دورا حاسما في دعم الموقف المغربي، وعرقلة أي مساع تتجاوز مبادرة الحكم الذاتي. وبالتالي فالمغرب من هاته الزاوية مقتنع تمام الاقتناع بإمكانية المبعوث الجديد دي ميستورا بخبرته الديبلوماسية الثقيلة في دور الوساطة بعدد من النزاعات ومناطق التوتر الدولي على إعادة إطلاق المباحثات الديبلوماسية وإحياء العملية السياسية التي توقفت لأزيد من 30 شهرا.
من جهة أخرى، فإن تعيين جلالة الملك، القائد الاعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، لشخصية ذات خبرة عسكرية ميدانية مثل الجنرال دوكور دارمي بلخير فاروق، مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية، يحمل ما يحمل من رسائل إلى من يهمه الأمر من الأعداء والخصوم، خصوصا أن الجنرال بلخير أثبت جدارته واحترافيته خلال قيادته الأخيرة لعملية تحرير معبر الكركرات، دون إراقة دماء.
وهكذا فرسالة الموافقة على المبعوث الأممي وتعيين المفتش العام للقوات المسلحة، تقول بالواضح إنه بالقدر الذي يدفع به المغرب في اتجاه حماية الوحدة الترابية عبر الخيار الديبلوماسي مهما كان صعبا وشاقا، فإنه لا يستبعد اللجوء إلى خيارات أخرى إذا ما فرضت عليه مواجهة أي مغامرة انتحارية خطيرة، بدفع البوليساريو أو ولي أمرها إلى شن عدوان عسكري على بلدنا. صحيح أنه حتى اللحظة، اكتفى المغرب بزيادة منسوب حراكه الدبلوماسي إفريقيا وعربيا ودوليا مما أحرج خصومنا، لكن هذا لا ينفي استبعاد خيارات أخرى بالمطلق في حال تعرض المغرب لتهديد يتعلق بأمنه القومي وسيادته الوطنية ومصالحه الاستراتيجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى