حتى لا نعود إلى نقطة الصفر
لا يمكن إنكار الواقع بشأن الحالة الوبائية في المغرب التي تسجل يوما مسارا تصاعديا في مؤشراتها، مما قد ينبئ بدخول بلدنا مرحلة كارثية والعودة إلى نقطة الصفر لا قدر الله، فالأرقام الصاروخية في عدد الإصابات بفيروس «كوفيد- 19» في صيغته المتحورة التي تعلن عنها يوميا السلطات الصحية منذ حوالي أسبوعين، تضعنا بشكل جدي أمام مفترق الطرق، فإما استدراك الموقف بكل حزم ومسؤولية وتوجيه المنحى إلى الاتجاه الصحيح، وإما تقبل انتكاسة وبائية تبدد وتهدم كل المكتسبات على مستوى التحكم الوبائي والنتائج الإيجابية، التي حققتها الحملة الوطنية للتلقيح.
لقد ظن الكثير من المواطنين أن إجراءات التخفيف من الحجر الصحي، بإعادة فتح المطاعم والمحلات التجارية وفتح الشواطئ والسفر بين المدن، تعني أن زمن الوباء انتهى وأننا تخطينا مرحلة الخطر، وأصابت الجميع حالة من الارتخاء والاستهتار في ممارسة الحياة اليومية، وكأننا عدنا إلى الحياة الطبيعية، مما أدى مرة أخرى إلى ارتفاع عدد الإصابات واكتشاف حالات متحورة جديدة، وهو ما سيقود حتما خلال القادم من الأيام للجوء إلى تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي الصارمة، وعودة عداد المواجهة إلى ما يشبه نقطة الصفر.
والحقيقة التي ينبغي أن تترسخ في الأذهان أننا لم نتجاوز أزمة جائحة كورونا بعد، ولا يبدو في ظل قدرة هذا الفيروس على التحول أن ذلك سيحدث قريبا، فلن نكون في مأمن من خطر «كوفيد- 19»، مهما كان مستوى التطعيم ناجحا في بلدنا، قبل السيطرة الكاملة عالميا على الفيروس. وإلى ذلك الحين ليس لنا من طريق سوى التزام كافة الإجراءات الاحترازية وعدم الاستهانة بها، فهي صمام الأمان كي نضمن للمجتمع الوقاية المطلوبة ضد «كوفيد- 19»، ولكي نتجنب تكرار المشاهد المأساوية التي عشناها السنة الماضية.
صحيح أن بلدنا تخطى مرحلة كبيرة من الخطر بسبب الحملة الواسعة للتلقيح، لكننا الآن نمر بمرحلة أصعب للحفاظ على هذا المكتسب من الضياع، بسبب استهتار البعض وارتخاء جزء من رجال السلطة. نعم سيعود المغرب لا قدر الله إلى نقطة الصفر، إذا استمر المنحى التصاعدي للإصابات، لأن «صفر مسؤولية» و«صفر مواطنة» و«صفر حزم» و«صفر احتراز» و«صفر تطبيق القانون» ستطيح بكل المنجز الذي حققته بلادنا في حملات التطعيم، وستفرغه من محتواه، وهذه ستكون انتكاسة كبرى وإيذانا بدخول نفق مظلم لا نعلم كيف سنخرج منه.