محمد اليوبي
أصدرت هيئة الجنحي تلبسي بالمحكمة الابتدائية بفاس، يوم الخميس الماضي، حكما بالحبس النافذ في حق مقاول تربطه علاقة مصاهرة مع مستشار جماعي نافذ، بعد اعتقاله على إثر منعه لقضاة المجلس الجهوي للحسابات من القيام بمهمة افتحاص لخروقات واختلالات تشوب تسيير وتدبير منتزه سيدي حرازم.
وحكمت المحكمة على المتهم (ع م)، المتابع في حالة اعتقال من أجل إهانة موظفين عموميين، بالحبس النافذ لمدة شهرين وغرامة نافذة قدرها 500 درهم. وكان المتهم منع قضاة المجلس الجهوي للحسابات بجهة فاس مكناس من الولوج إلى المنتزه البلدي الذي يكتريه من جماعة سيدي حرازم بسومة كرائية سنوية قدرها 400 ألف درهم، ناعتا إياهم بعبارات جارحة، وهو المنتزه الذي أنجز عليه المعني بالأمر عدة بنايات مخالفة للقانون وبدون رخصة، باسم شركة ذات المسؤولية المحدودة.
وفوجئ المتابعون لهذا الملف بالحكم المخفف على شخص مارس أفعالا تقع تحت طائلة وصفها باختلاس أموال عمومية، ووقف في وجه قضاة المجلس الجهوي للحسابات ومنعهم من القيام بمهامهم، ونعتهم بعبارات حاطة من كرامتهم وماسة بوقار هيئة منظمة، بشكل لا يراعي هيبة المؤسسة الدستورية الرقابية، ولا المهام القضائية التي جاءت من أجل إجراء البحث بمناسبتها، خاصة وأن المتهم ظل لمدة طويلة يتغنى بنفوذه الواسع، الذي يستمده، حسب المتتبعين، من ارتباطه بعلاقة مصاهرة مع المستشار الجماعي القوي بسيدي حرازم وعضو مجلس عمالة فاس (م م)، الذي يعتبر في وضعية تعارض مصالح مسكوت عنها، باعتباره المستفيد الأكبر من ظاهرة غض الطرف عن الخروقات التعميرية التي ظل يعرفها منتزه سيدي حرازم، دون أن تتدخل السلطات المعنية بتطبيق القانون.
وكانت مصالح الدرك الملكي اعتقلت صاحب شركة يستغل مرافق شيدها بطريقة عشوائية تحت أعين السلطة بمنتجع سيدي حرازم، بعدما اعترض قضاة المجلس الجهوي للحسابات بجهة فاس مكناس، ومنعهم من الدخول إلى المنتجع في إطار إجراء افتحاص لصفقة كرائه من طرف الجماعة.
وأفادت المصادر بأن المجلس الجهوي للحسابات قرر إجراء افتحاص لصفقة كراء مرافق المنتجع السياحي «سيدي حرازم»، بناء على مراسلة توصل بها المجلس تتضمن معطيات معززة بالوثائق والأدلة حول اختلالات تشوب هذه الصفقة التي يستفيد منها صاحب شركة مقرب من مستشار جماعي. وفي إطار مزاولة مهامهم، قرر قضاة من المجلس القيام بزيارة ميدانية إلى المنتجع للوقوف على المرافق التي يستغلها صاحب الشركة، لكن هذا الأخير منعهم بالقوة من الولوج إلى المنتجع، ما دفع برئيس المجلس الجهوي للحسابات إلى توجيه تقرير رفعه إلى الرئيسة الأولى للمجلس الأعلى للحسابات، زينب العدوي، وإلى والي الجهة، سعيد زنيبر، وإلى النيابة العامة التي أعطت تعليمات باعتقال صاحب الشركة.
وحسب الشكاية التي توصل بها المجلس، فإن شركة اكترت من المجلس الجماعي لسيدي حرازم حديقة للترفيه بمبلغ 40 مليون سنتيم سنويا منذ سنة 2011، علما أن عقد الكراء الذي يربط الشركة بالجماعة يتضمن كراء حديقة تتضمن بركة مائية فقط، ولا تتضمن أي مسبح، لكن صاحب الشركة قام بتشييد مسابح وبنايات عشوائية داخل الحديقة بدون الحصول على أي ترخيص من المصالح المختصة، وهو ما تثبته محاضر معاينة لمخالفات البناء. وأشارت الشكاية إلى أن صاحب الشركة «ع.م» يقطن بديار المهجر، وهو صهر المستشار الجماعي «م.م»، الذي يسير المحل رفقة زوجته، والمسجلين كأجيرين ضمن أجراء المقاولة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وأكدت الشكاية أنه، على الرغم من كل هذه المخالفات والخروقات لدفتر التحملات الخاص بالحديقة، فإن رئيس الجماعة، محمد كنديل، لم يعمل على فسخ عقد الكراء بين الجماعة والشركة المكترية. وأوضحت الشكاية أن سبب ذلك يعود إلى تبادل المصالح، لأن المستغل الفعلي لمشروع حديقة الألعاب هو المستشار الجماعي «م.م» وزوجته وأن صاحب الشركة هو صهره وشريكه في عدة مشاريع أخرى.