شوف تشوف

الرئيسيةملف التاريخ

جوزيف برودو رجل أعمال أول من استثمر في خدمات البريد والتلغراف في المغرب

حسن البصري

 

في وسط مدينة الجديدة توجد ساحة الحنصالي، كانت تحمل اسم شارل فوكو قبل أن تمنحها السلطات الاستعمارية اسم رجل الأعمال جوزيف برودو، المنتمي لعائلة كانت سباقة للاستثمار في أكثر من مجال بمدينة مازغان قبل أن تعبر نحو العمل الدبلوماسي.
يجمع الباحثان في تاريخ الجديدة، عبد المجيد النجدي والمصطفى لخيار، على الحضور القوي لعائلة برودو في تاريخ المدينة، حيث يعود استقرارها بمازغان لسنة 1857. «استقر جوزيف برودو مع عائلته بمدينة مازغان وكان في البداية وكيلا لشركة دار ألتاراس من مرسيليا الفرنسية، وبعد ذلك أنشأ شركته الخاصة وعين سنة 1866 وكيلا قنصليا لفرنسا».
أنشأت العائلة سنة 1891 أول بريد محلي بالمغرب داخل القلعة البرتغالية بمازغان، حيث ظل جوزيف يربط في بداية الأمر بين مازغان ومراكش، لكنه فضل تسليم تدبير هذا المرفق البريدي لابنه إسحاق في العام الموالي أي سنة 1892، هذا الأخير تمكن من تطوير خدمة البريد والتلغراف في المدينة، إلى أن عرض السلطان الحسن الأول شراء المشروع الخدماتي من عائلة برودو لكنها رفضت.
“بعد أن ازدهر المشروع وضاق المقر القديم بالعملاء، قرر إسحاق برودو نقل مقر البريد والتلغراف إلى الطابق السفلي لعمارة مايير كوهين، التي تم بناؤها في أكتوبر 1914، والذي ظل مستقرا في هذه البناية إلى غاية سنة 1924، حين انتقل إلى البناية المتواجدة إلى حد الآن بساحة ليوطي (محمد الخامس حاليا) قرب مسرح محمد سعيد عفيفي”.
كان كوهين صديقا لعائلة برودو وهو من كبار التجار في مدينة مازغان في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، إضافة إلى أنه كان ممثلا لعدة شركات أوروبية في هذه المدينة، وعين قنصلا للولايات المتحدة الأمريكية إلى غاية 1890، وهو المسار نفسه تقريبا لإسحاق ووالده.
اعتمد إسحاق في تدبير المشروع على ابن عمه جان برودو الذي عمل مشرفا على المراسلات وفوض له الكثير من الاختصاصات، هذا الأخير اعتمد على الرقاصة المغاربة الذين كانوا يحملون المراسلات، وهم أشخاص يقطعون مسافات على الأقدام في بادئ الأمر ثم على البغال، مقابل أجر يتفاوت حسب المسافة والاستعجال. وكان الرقاصة ينطلقون من الجديدة أيام الاثنين والجمعة مساء محملين بالرسائل والطرود البريدية.
راهنت عائلة برودو على الربح من خلال تقديم خدمات للسكان، المبادرة الفردية وهاجس الربح، واهتم بنقل الرسائل بين مازغان ومراكش ثم مازغان والدار البيضاء ثم موغادور، مقابل طوابع بريدية تحدد هامش الربح. لذا فإن أول بريد من هذا النوع عرفه المغرب، كان على يد عائلة برودو التي كانت سباقة لجعل البريد قطاعا خصوصيا. وشجع نجاح مصلحة برودو على القيام بمبادرات أخرى بين مختلف المدن المغربية، حيث حظيت مدينة فاس بثلاثة خطوط بريدية، إلا أن القطاع ازدهر أكثر في مدينة طنجة حين كانت تحت الوصاية الدولية.
كان علينا انتظار فاتح أكتوبر سنة 1913، أي مباشرة بعد توقيع معاهدة الحماية، ليتم اندماج البريد الخصوصي في الإدارة الاستعمارية، وأصبحت مرافق عمومية تقدم نفس خدمات البريد والتلغراف لكن لموظفين تابعين للمخزن والإقامة العامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى