شوف تشوف

الدوليةالرئيسيةتقارير

جورجيا ميلوني… اليمينية الإيطالية التي ترعب أوروبا بأفكارها المتشبعة بالفاشية وعدائها للاجئين ستحدث زلزالا سياسيا

بعد النتائج الأولية للانتخابات الإيطالية بدى الائتلاف اليميني الذي يتزعمه حزب “أخوة إيطاليا” بزعامة جورجيا ميلوني الأوفر حظا للفوز. وتتركز آمال ميلوني في أن تصبح أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في إيطاليا، مما يجعلها تؤكد على هويتها الأنثوية، ولكن، بطريقة أقرب إلى الفحولة السياسية والتي من شأنها أن تشكل زلزالا سياسيا يرعب أوروبا بالتحديد.

مقالات ذات صلة

سهيلة التاور

من هي جورجيا ميلوني

ولدت جورجيا ميلوني يوم 15 يناير 1977، لأب يساري من جزيرة سردينيا وأم يمينية من جزيرة صقلية في حي غارباتيلا بالعاصمة الإيطالية روما، حيث تعيش الطبقة العاملة وتعتنق غالبيتها الفكر اليساري الذي كان يسيطر في ذلك الوقت على المدارس والجامعات، وكان مجرد الانتماء إلى اليمين عملاً ثوريا.

كانت ميلوني تبلغ من العمر عاما واحدا فقط عندما ترك والدها فرانشيسكو عائلته، وانتقل إلى جزر الكناري، مما أثار تكهنات بأن مسار جورجيا السياسي كان مدفوعًا جزئيًا بالرغبة في الانتقام من والدها الغائب.

مسيرتها الدراسية

بعد إتمام دراستها الابتدائية والإعدادية حصلت ميلوني على دبلوم المدرسة الثانوية في اللغات من معهد “أميريغو فيسبوتشي” (Amerigo Vespucci) في روما، لكن اتضح أن المدرسة لم تكن مدرسة ثانوية للغات الأجنبية، ومن ثم فهي غير مؤهلة لإصدار دبلوم في اللغات، بل كانت مدرسة ثانوية فنية متخصصة في صناعة السياحة، وهو ما أثار جدلا حول إذا ما كانت ميلوني كذبت بشأن شهادتها.

في عام 1996، حصلت ميلوني على دبلوم في الصحافة من المعهد نفسه، ولم تكمل ميلوني تعليمها، لذا فهي لا تحمل شهادة جامعية.

مسار سياسي ثقيل

في يوليو 1992 عندما كانت ميلوني تلميذة تبلغ من العمر 15 عامًا، انضمت إلى “جبهة الشباب”، وهي حركة طلابية يمينية متطرفة في روما ترأستها ميلوني لاحقا عام 2004.

كما أصبحت عضوة بقسم الشباب في الحركة الاجتماعية الإيطالية (MSI) التي كانت تمثل الفاشية الجديدة، وكانت تسمى من قبل الحركة الإشتراكية الإيطالية التي أسسها بينيتو موسوليني.

عام 1998، تم انتخابها عضوة في مجلس مقاطعة روما، وشغلت هذا المنصب حتى عام 2002.

عام 2006، أصبحت ميلوني أصغر نائبة على الإطلاق في البرلمان، ونائبة لرئيس المجلس، وفي العام نفسه بدأت العمل كصحفية.

تعد ميلوني أيضا أصغر وزيرة في تاريخ الجمهورية الإيطالية عندما تم تعيينها في الثامن من ماي 2008 وزيرة للشباب في حكومة سيلفيو برلسكوني الرابعة، التي استمرت في الحكم حتى 16 نونبر عام 2011.

عام 2012، استقالت ميلوني من حزب العمال الديمقراطي الذي كان يتزعمه أنجيلينو ألفانو، وشاركت بعض رفقائها في تأسيس حزب “إخوة إيطاليا” (FDI) الذي خاض الانتخابات العامة عام 2013، وحصل على 2% فقط من الأصوات بمجموع 9 مقاعد برلمانية.

عام 2014، أصبحت ميلوني رئيسة للحزب وترشحت لانتخابات البرلمان الأوروبي لكنها لم تنجح، كما فشلت في الحصول على رئاسة بلدية روما في الانتخابات التي أجريت عام 2016.

وفي 2-3 دجنبر 2017، أعاد مؤتمر حزب “إخوة إيطاليا” انتخاب ميلوني رئيسة للحزب، وعام 2018، فاز الحزب بنسبة 4% فقط من الأصوات في الانتخابات التشريعية.

قبل إجراء الانتخابات العامة المبكرة عام 2022، تم الاتفاق بين تحالف يمين الوسط على أن يتم تقديم زعيم الحزب الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات مرشحا لرئاسة الوزراء، وهو المنصب الذي تقترب منه ميلوني بقوة.

فوز متوقع

حقق اليمين المتطرف فوزاً جديداً له في أوروبا، بعد أن بات المتصدر في الانتخابات التشريعية في إيطاليا والتي أجريت الأحد (26 شتنبر 2022) تحالف اليمين المتطرف بزعامة جورجيا ميلوني زعيمة حزب “إخوة إيطاليا”، مع كل من الرابطة اليمينية المتطرفة بقيادة ماتيو سالفيني وحزب “فورزا إيطاليا” المحافظ بقيادة سيلفيو برلسكوني.

وحزب جورجيا ميلوني تعود جذوره إلى الفاشية الجديدة. وبعد أن بقي في صفوف المعارضة في كل الحكومات المتعاقبة منذ الانتخابات التشريعية في 2018، فرَضَ اليوم نفسه بديلا رئيسيا، وانتقلت حصته من الأصوات من 4,3% قبل أربع سنوات إلى نحو ربع الأصوات (بين 22 و26%)، وفق استطلاعات الخروج من مكاتب الاقتراع الأحد، ليُصبح بذلك الحزب المتصدر في البلاد.

وأعلنت ميلوني أنها ستقود الحكومة المقبلة وقالت في خطاب مقتضب في روما إن “الإيطاليين بعثوا رسالة واضحة لدعم حكومة يمينية بقيادة فراتيلي ديتاليا”، واعدة “بأننا سنحكم لجميع” الإيطاليين.

وقد بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات لدى إغلاق مكاتب الاقتراع 64,07% مقارنة بـ73,86% في 2018. ويُتوّقع أن يفوز التحالف اليمني المتطرف بما يصل إلى 47% من الأصوات. ومع اللعبة المعقدة للدوائر الانتخابية، يُفترض أن يضمن لنفسه غالبية المقاعد في مجلسي النواب والشيوخ.

معادية شرسة للاجئين والمثليين

يُوصف حزب ميلوني بأنه فاشيّ الجذور والهويّة، كما أنها معارضة شرسة للاجئين.

وأشار الخبير في الشؤون الدولية إدواردو سالدانا إلى أن حزب “إخوة إيطاليا” ينحدر من “الحركة الاجتماعية الإيطالية” التي أسسها أتباع موسوليني الفاشيون عام 1946، كما أرفق صورة لشعار الحزب الذي يتضمن رمز الشعلة الذي هو أيضا شعار الحركة.

من جهته، وصف مدير مجلس التفاهم بين العرب والبريطانيين كريس دويل، انتخابات إيطاليا بأنها “أكثر من محبطة”، وقال إن “من غير المفهوم” دعم العديد من الإيطاليين لميلوني “الفاشية والمحبة لموسوليني”.

وكتبت أليخاندرا كارابالو أن “هذا مروّعا. الفاشية تتصاعد مرة أخرى في أوروبا. لم تتعلم إيطاليا شيئًا من الحرب العالمية الثانية”.

أما الكاتب والحقوقي الأميركي من أصول باكستانية قاسم رشيد، فأشار إلى تصاعد الفاشية في أوروبا، محذرا من تبعات فوز الجمهوريين في الانتخابات النصفية القادمة بالولايات المتحدة.

وكتب رشيد “المجر لديهم زعيم فاشي، وفاز حزب اليمين المتطرف في السويد مؤخرا، والآن إيطاليا انتخبت زعيمة فاشية. بعد 80 عامًا من الحرب العالمية الثانية، تتصاعد الفاشية في جميع أنحاء أوروبا. وإذا لم يكن الأميركيون حذرين، فسيُدخل المحافظون أنصار ترامب الفاشية إلى هنا. يجب ألا نسمح بحدوث ذلك”.

كما يشكل فوز ميلوني قلقا لمجتمع الميم في إيطاليا، خاصة وأنها شاركت في مبادرات للدفاع عن الأسرة ضد منح حقوق للأزواج المثليين، حيث أكدت في حملتها الانتخابية أن وجود أم وأب هو الأفضل للأولاد.

زلزال سياسي

وإذا ما تأكدت هذه النتائج بشكل رسمي، فإن نتائج الانتخابات في إيطاليا، ثالث قوة اقتصادية في منطقة اليورو، ستشكل زلزالاً حقيقيا في الاتحاد الأوروبي الذي سيضطر إلى التعامل مع السياسيّة المقربة من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان.

وفي هذا السياق أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إلى أن لدى الاتحاد الأوروبي “أدوات” لمعاقبة الدول الأعضاء التي تنتهك سيادة القانون وقيمه المشتركة.

وكتبت ميلوني صباح الأحد على تويتر متوجهة إلى أنصارها “اليوم، يمكنكم المساهمة في كتابة التاريخ”. وأضافت “في أوروبا، إنهم قلقون جميعا لرؤية ميلوني في الحكومة انتهى العيد. ستبدأ إيطاليا بالدفاع عن مصالحها القومية”.

في المقابل، كتب رئيس التجمع الوطني الفرنسي جوردان بارديلا على تويتر “قدم الإيطاليون درسا في التواضع للاتحاد الأوروبي الذي ادعى من خلال صوت فون دير لايين أنه يملي عليهم تصويتهم”.

ويعث رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ونظيره البولندي ماتيوز مورافيسكي “التهاني” إلى ميلوني مساء الأحد.

وقال أوربان في رسالة “نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى أصدقاء يتشاركون رؤية ونهج مشتركين تجاه أوروبا”. بدوره قال زعيم حزب فوكس VOX الإسباني اليميني المتطرف سانتياغو أباسكال إن ميلوني “أظهرت الطريق نحو أوروبا فخورة وحرة”.

تهنئة السياسيين

أعربت مارين لوبن، زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في فرنسا، في تغريدة على تويتر، عن سعادتها بفوز ميلوني قائلة “قرر الشعب الإيطالي أن يأخذ مصيره في يده من خلال انتخاب حكومة وطنية وذات سيادة”.

وأضافت لوبن، التي واجهت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية “تهانينا لجورجيا ميلوني و(زعيم الرابطة) ماتيو سالفيني لمقاومتهما تهديدات الاتحاد الأوروبي المناهض للديمقراطية والمتغطرس بالفوز بهذا النصر العظيم”.

وهنأ بالاز أوربان، المدير السياسي لرئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، فوز اليمين المتطرف في إيطاليا “في هذه الأوقات الصعبة، نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى أصدقاء يتشاركون في رؤية ونهج مشتركين لتحديات أوروبا”.

من جانبه، علق زعيم حزب فوكس الإسباني اليميني المتطرف، سانتياغو أباسكال، على صور تجمعه بجورجيا ميلوني قائلا إنها “أوضحت الطريق لأوروبا حرة وفخورة بها دول ذات سيادة لتكون قادرة على التعاون من أجل الأمن والازدهار للجميع”.

فيما اكتفت رئيسة الوزراء الفرنسية، إليزابيث بورن، بالقول إنها لا تريد التعليق على ” الخيار الديمقراطي للشعب الإيطالي وإن مهمة الرئيس الآن هو تعيين رئيس للوزراء”.

وأضافت في تصريحاتها:”لدينا قيم معينة في أوروبا ومن الواضح أننا سنتوخى الحذر”، مستشهدة بحقوق الإنسان والوصول إلى الإجهاض على وجه الخصوص الذي تعارضه ميلوني بشدة، إضافة إلى محاربة المثلية والدفاع عن الأسرة الطبيعية (رجل وامرأة).

وقد حذر منافسها الرئيسي، رئيس الوزراء السابق إنريكو ليتا وزعيم الحزب الديمقراطي (PD)، في عدد من التصريحات أن مليوني “تشكل تهديدا للإيطاليين”. كما يتهمها منتقديها اليساريون بالتطرف والتقارب مع الأفكار الفاشية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى