شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيتقاريرسياسية

جهات بدون تفعيل للاختصاصات 

تأخر في تنزيل الميثاق الوطني للاتمركز الإداري 

يعرف ورش الجهوية المتقدمة تأخرا في التنزيل، رغم دخول القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهات حيز التنفيذ منذ حوالي ثماني سنوات، وتتضمن هذه القوانين كل ما له علاقة بطريقة تدبيرها، وفي هذا الخصوص فقد تم التأكيد على التدبير الديمقراطي والتدبير الحر لشؤون الجهات والجماعات الترابية كما تم التأكيد على الاستقلال الإداري والمالي لمختلف الجماعات، وهذا بطبيعة الحال ما نص عليه الدستور في الباب التاسع المتعلق بالجهات والجماعات الترابية، كما تم النص على أن دور الولاة والعمال هو مساعدة رؤساء الجماعات الترابية وخاصة رؤساء المجالس الجهوية على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية، وهذا ما يعني إلغاء مفهوم الوصاية وتعويضه بمفهوم المساعدة الذي أصبح منصوص عليه في الفصل 145 من الدستور، كما أن القانون حسم العلاقة بين الجهات والجماعات الترابية الأخرى، حيث يرتكز تدبير الجهة لشؤونها على مبدأ التدبير الحر الذي يخول بمقتضاه لكل جهة، في حدود اختصاصاتها المنصوص عليها في القسم الثاني من القانون التنظيمي للجهات، سلطة التداول بكيفية ديمقراطية، وسلطة تنفيذ مداولاتها ومقرراتها، طبقا لأحكام القانون التنظيمي والنصوص التشريعية والتنظيمية المتخذة لتطبيقه.

 

إعداد : محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

الجهوية المتقدمة.. ورش كبير للقطع مع التدبير المركزي

 

 

تضمنت القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهات والجماعات الترابية الأخرى، كل ما له علاقة بطريقة تدبيرها. وفي هذا الخصوص تم التأكيد على التدبير الديمقراطي والتدبير الحر لشؤون الجهات والجماعات الترابية، كما تم التأكيد على الاستقلال الإداري والمالي لمختلف الجماعات، وهذا بطبيعة الحال ما نص عليه الدستور في الباب التاسع المتعلق بالجهات والجماعات الترابية. وتم التنصيص، كذلك، على أن دور الولاة والعمال هو مساعدة رؤساء الجماعات الترابية، وخاصة رؤساء المجالس الجهوية، على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية، وهذا ما يعني إلغاء مفهوم الوصاية وتعويضه بمفهوم المساعدة الذي أصبح منصوصا عليه في الفصل 145 من الدستور.

وحسم القانون العلاقة بين الجهات والجماعات الترابية الأخرى، حيث يرتكز تدبير الجهة لشؤونها على مبدأ التدبير الحر الذي يخول بمقتضاه لكل جهة، في حدود اختصاصاتها المنصوص عليها في القسم الثاني من القانون التنظيمي للجهات، سلطة التداول بكيفية ديمقراطية، وسلطة تنفيذ مداولاتها ومقرراتها، طبقا لأحكام القانون التنظيمي والنصوص التشريعية والتنظيمية المتخذة لتطبيقه. ويرتكز التنظيم الجهوي على مبدأي التعاون والتضامن بين الجهات، وبينها وبين الجماعات الترابية الأخرى، من أجل بلوغ أهدافها، وخاصة إنجاز مشاريع مشتركة وفق الآليات المنصوص عليها في القانون.

 

الجهوية ورش ملكي

يؤسس القانون التنظيمي للجهة المتقدمة لمرحلة جديدة في مسار تنظيم الدولة والجماعات الترابية على السواء، وهو الورش الذي أطلقه الملك محمد السادس سنة 2008، وعين لهذه الغاية، في يناير 2010، «اللجنة الاستشارية للجهوية». وحدد الملك، من خلال توجيهاته، ثلاثة أهداف أساسية لهذا الورش الكبير، تتمثل في تعميق الديمقراطية المحلية، وتدخل الجهة في التنمية المندمجة والإسهام في تحديث الإدارة والمؤسسات العمومية لتحقيق نجاعة أكبر للسياسات العمومية.

وعلى المستوى الإداري، تضمن القانون مقتضيات حول إعادة تنظيم إدارة الجهة في أفق بلوغ التحديث والنجاعة، وذلك من خلال إحداث منصب مدير عام للمصالح، يمارس اختصاصاته تحت مراقبة الرئيس الذي يمكن أن يفوض له اختصاصاته، بما فيها اختصاص الأمر بالصرف، وإحداث، لدى مجلس الجهة، مؤسسة تسمى «الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع»، في شكل مؤسسة عمومية جهوية تتمتع بالشخصية المعنوية، تناط بها مهمة تنفيذ المشاريع الكبرى المهيكلة لفائدة الجهة واستغلال وتدبير المشاريع التي تكلفها بها الجهة، وتمكين الجهات من «محاسب» متعاقد مهمته مراقبة صرف نفقات الميزانية بما يلزم من المرونة. ويمكن للمواطنين والمواطنات وجمعيات المجتمع المدني تقديم عرائض لمجلس الجهة قصد إدراج نقط تدخل في اختصاصه ضمن جدول الأعمال، ويمكن تقديم عرائض من طرف أشخاص ذاتيين وجمعيات المجتمع المدني.

وتتمثل الأهداف والمهام الأساسية للجهة في تنظيم وتنسيق وتتبع كل القضايا المتعلقة بالتنمية المندمجة والمستدامة في جميع الميادين بمجالها الترابي. وطبقا لأحكام الدستور، أنيطت بالجهة اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات تنقلها لها هذه الأخيرة، وتمكين الجهة، في حدود مواردها الذاتية، من تمويل إنجاز مرفق أو تجهيز مشروع يسهم في بلوغ الأهداف المنوطة بها، بعد موافقة السلطة العامة صاحبة الاختصاص والعمل في إطار التعاقد معها.

وتضمن القانون مقتضيات حول إعادة تنظيم إدارة الجهة في أفق بلوغ التحديث والنجاعة، وذلك من خلال إحداث منصب مدير عام للمصالح، يمارس اختصاصاته تحت مراقبة الرئيس الذي يمكن أن يفوض له اختصاصاته، بما فيها اختصاص الأمر بالصرف، وإحداث، لدى مجلس الجهة، مؤسسة تسمى «الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع»، في شكل مؤسسة عمومية جهوية تتمتع بالشخصية المعنوية، تناط بها مهمة تنفيذ المشاريع الكبرى المهيكلة لفائدة الجهة واستغلال وتدبير المشاريع التي تكلفها بها الجهة، وتمكين الجهات من «محاسب» متعاقد مهمته مراقبة صرف نفقات الميزانية بما يلزم من المرونة. وتتألف إدارة الجهة من مديرية عامة للمصالح ومديرية لشؤون الرئاسة والمجلس، ويشرف المدير العام للمصالح على إدارة الجهة وتحت مسؤولية الرئيس، ويتم اقتراحه من طرف رئيس المجلس ويمارس مهامه عن طريق التعاقد لمدة محددة. ويسهر مدير شؤون الرئاسة والمجلس على الجوانب الإدارية المرتبطة بالمنتخبين، بما فيها تحضير ومسك الوثائق الإدارية المتعلقة بسير أعمال المجلس ولجانه بصفة عامة. ويمكن للجهة إحداث شركات التنمية الجهوية ومجموعة الجهات، كما يمكنها أن تبرم في ما بينها أو مع الهيئات العمومية أو الهيئات غير الحكومية ذات المنفعة العامة اتفاقيات التعاون والشراكة من أجل إنجاز مشروع ذي فائدة مشتركة.

 

قطيعة مع الوصاية

من الناحية المؤسساتية، وضع المشروع مجموعة من الإجراءات الرامية إلى إحداث قطيعة مع الوصاية بمفهومها التقليدي، إذ ستصبح مراقبة بعدية باستثناء الميزانية وجدول الأعمال، وإقرار اختصاص القضاء لوحده بإلغاء المقررات التداولية للمجلس. وعلى مستوى الشفافية في تسيير المجلس، وضع القانون الجديد مستجدات حول طريقة التصويت على المقررات، من خلال إقرار مبدأ التصويت العلني على جميع مقررات المجلس بما فيها انتخاب الرئيس ونوابه.

وفي ما يتعلق بجانب الاختصاصات، حدد القانون اختصاصات المجالس الجهوية، التي أصبح بإمكانها إنجاز أي مشروع يسهم في بلوغ الأهداف المنوطة بها متى توفرت لها الإمكانيات المالية، على أن يتم ذلك في إطار اتفاقية مع صاحب الاختصاص، وتخويل الاختصاصات الجديدة للجهة بشكل متدرج ومتباين يأخذ بعين الاعتبار إمكانياتها المادية وقدراتها التنفيذية. وتكمن المهام والأهداف الأساسية للجهة، بصفة عامة، في تنظيم وتنسيق وتتبع كل القضايا المتعلقة بالتنمية المندمجة والمستدامة بمجالها الترابي، وللجهة اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات تنقلها لها هذه الأخيرة. ويمكن للجهة، في حدود مواردها الذاتية وفي مجال اختصاصها، أن تتولى تمويل إنجاز مرفق أو تجهيز مشروع يسهم في بلوغ الأهداف المنوطة بها، بعد موافقة الجهة ذات الاختصاص والعمل في إطار التعاقد معها.

وللجهة اختصاصات ذاتية في مجالات التصميم الجهوي لإعداد التراب، وبرنامج التنمية الجهوية، الذي يحدد، في أفق ست سنوات، الأعمال التنموية المقرر برمجتها أو إنجازها، كما لها اختصاصات في مجال التنمية الاقتصادية، سيما دعم المقاولات وإنعاش السياحة، وإحداث وتنظيم مناطق الأنشطة الاقتصادية، وتهيئة الطرق والمسالك السياحية في العالم القروي، وإنعاش أسواق الجملة الجهوية، وإحداث قرى ومناطق للأنشطة التقليدية والحرفية، والتسويق الترابي وجذب الاستثمار، وإنعاش التنمية الاجتماعية والمنتجات الجهوية، والنهوض بقطاع التكوين المهني والتكوين المستمر والشغل، سيما إحداث مراكز جهوية للتشغيل وتطوير الكفاءات، والتكوين من أجل الإدماج في سوق الشغل، ومواكبة تكوين المنتخبين والموظفين بالجماعات الترابية، والنهوض بالتنمية القروية، سيما إنعاش الأنشطة غير الفلاحية، وبناء وتحسين وصيانة الطرق غير المصنفة، وتوفير النقل والتنقل داخل الجهة بإعداد التصميم الجهوي للنقل، وتنظيم خدمات النقل الطرقي غير الحضري للأشخاص بين الجماعات الترابية داخل الجهة. وفي مجال الثقافة والبيئة، من اختصاصات الجهة، كذلك، المساهمة في المحافظة على المواقع الأثرية، وتنظيم المهرجانات الثقافية والترفيهية، وتهيئة وتدبير المنتزهات الجهوية، ووضع استراتيجية جهوية لاقتصاد الطاقة والماء، وتشجيع المبادرات المرتبطة بالطاقة المتجددة.

وتتم ممارسة الاختصاصات المشتركة مع الدولة في مجموعة من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية عن طريق التعاقد، إما بمبادرة من الدولة أو من الجهة، ويمكن من منطلقات التدرج والتباين والتجربة نقل اختصاصات من الدولة إلى الجهة، سيما بالنسبة للتجهيزات والبنيات التحتية ذات البعد الجهوي وكذلك تلك المرتبطة بمجالات الصناعة والصحة والتجارة والتعليم والثقافة والرياضة.

مطالب بالتعاقد بين الدولة والجهات في شكل عقود وبرامج

 

دعا المشاركون في أشغال الملتقى البرلماني الرابع للجهات إلى دعم التوجه المتنامي نحو التعاقد بين الدولة والجهات في شكل عقود برامج، وإلى وضع إطار مرجعي للتعاقد يضع حدا للفراغ الذي يميز الممارسات الحالية في هذا المجال.

وأكدت التوصيات، التي توجت أشغال هذا اللقاء الذي نظمه مجلس المستشارين، على الرمزية السياسية لهذا النمط من العقود ومرونتها وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومساهمتها في توطيد دعائم الجهوية المتقدمة، فضلا عن مساعدتها على ترسيخ ثقافة التعبئة والتعاون بين المستويين المركزي والجهوي.

وخلص الملتقى إلى تقديم مقترحات ذات أبعاد استراتيجية تروم في مجملها التأكيد على الأهمية القصوى التي يكتسيها النهج التعاقدي في تأطير العلاقات بين الدولة والجهات، وبين الدولة وباقي أصناف الجماعات الترابية، وبين المجالس الترابية المنتخبة في ما بينها. وفي هذا الصدد، أوصى المشاركون في الملتقى بدعم التوجه المتنامي نحو التعاقد بين الدولة والجهات في شكل عقود برامج اعتبارا لرمزيتها السياسية ولمرونتها وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومساهمتها في توطيد دعائم الجهوية المتقدمة ومساعدتها على ترسيخ ثقافة التعبئة والتعاون بين المستويين المركزي والجهوي.

ودعا المشاركون إلى وضع إطار مرجعي للتعاقد يضع حدا للفراغ الذي يميز الممارسات الحالية في هذا المجال، ويبين، على الخصوص، أسلوب ‏وآليات التعاقد ‏بين الدولة والجهات، ويبرز الجوانب السياسية المسطرية لمسلسل ‏التعاقد، بدءا من تحديد‏ أهداف ومجالات ‏التعاقد، ‏ثم محتويات العقود، مع التمييز بين ما هو قار وما هو متغير، مرورا بتدقيق مساطر التحضير ‏والتفاوض والتفعيل حسب أدوار الأطراف، قبل التطرق للجوانب المتعلقة ‏بطرق وآليات إشراك الأطراف المعنية في حكامة ‏المسلسل التعاقدي ‏وطنيا ومحليا.

وأوصى المشاركون في الملتقى بإشراك مجلس المستشارين في بلورة الإطار المرجعي المشار إليه سابقا، اعتبارا لدوره كرافعة مؤسساتية لمسلسل الجهوية المتقدمة، وباعتباره أيضا فضاء للحوار وإطارا مؤسساتيا ملائما لإعداد وثيقة مرجعية متوافق بشأنها، بالإضافة إلى مواصلة الجهود المبذولة لتدقيق الاختصاصات المنوطة بكافة مستويات الإدارة الترابية، وتمكين كل مستوى من حزمة محددة من الاختصاصات تتناسب مع وضعيته ومع الإمكانيات والقدرات البشرية المتوفرة لديه، ما من شأنه أن يسهل التعاقد بين الدولة والجهات وفي ما بين الجماعات الترابية، ويضفي نوعا من الانسجام والتناسق على المبادرات التعاقدية مستقبلا.

ودعا المشاركون، أيضا، إلى توظيف السياسة التعاقدية في خدمة أهداف تطوير وإغناء منظومة التدبير اللامركزي في البلاد، وعدم حصرها في مجرد آلية لتجسيد تصاميم التنمية الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالجهات أو الجماعات الترابية الأخرى، والتأكيد، من جديد، على أهمية مواصلة تعزيز اللاتمركز الإداري ومنح الصلاحيات التقريرية اللازمة للمديرين الجهويين للقطاعات الوزارية لتتجاوب منظومة اللاتمركز الإداري مع مستلزمات السياسة التعاقدية.

وطالب المتدخلون بإعادة النظر في نموذج تدبير قطاع توزيع الكهرباء والماء الصالح للشرب والتطهير السائل، من خلال وضع مقاربة تشاركية وتضامنية بهدف إنشاء شركات جهوية متعددة الخدمات تسمح بتدبير ناجع ومندمج لهذه الخدمات العمومية وتشكيل فضاء مؤسساتي لتعاضد الوسائل والاستغلال الأمثل للموارد.

وبالنسبة للتوصيات الداعمة لبناء القدرات التفاوضية والتعاقدية للجماعات الترابية، والتي تتعلق بمقترحات عملية وإجرائية الغاية منها تأهيل المنتخبين والأطر الإدارية المحلية وتعزيز قدراتهم على مواجهة التحديات التي يتطلبها التعاقد، سيما في علاقة الجماعات الترابية بالدولة، أوصى المشاركون بالعمل على رصد الممارسات الجيدة في مجال التعاقد وتتبعها والتعريف بها على نطاق واسع، بما يساهم في ترسيخ النهج التعاقدي وتسهيل الولوج إليه، سيما من طرف الجماعات القروية التي هي بحاجة ماسة لآلية التعاقد لسد احتياجات ساكنتها في مجال البنية التحتية والخدمات الأساسية.

وطالب المشاركون في الملتقى بتكوين وإعداد المنتخبين في مجال التفاوض والترافع من أجل تعزيز قدراتهم في مجال إبرام التعاقدات مع الدولة، وكذا العمل على تأهيل المستويات الإدارية العليا في الإدارات الترابية الجهوية والإقليمية والجماعية، عن طريق تنظيم أوراش عملية وتطبيقية في مجال التعاقد تساعدهم على اكتساب مهارات تفاوضية تساعد المجالس المنتخبة على رفع سقف الأهداف التي تسعى إلى إدراكها في ارتباطاتها التعاقدية المختلفة.

وأوصى المشاركون بالقيام بتقييم مرحلي للسياسة التعاقدية المنتهجة بغرض الوقوف على جوانبها المميزة وجوانب القصور التي تعتريها، وذلك بفتح نقاش صريح وموضوعي في شأنها مع الجهات والجماعات الترابية الأخرى، والخروج بمقترحات بناءة تعزز من مكانة التعاقد ضمن منظومة الحكامة الترابية، مشددين على ضرورة تعزيز أدوار الوكالات الجهوية لتنفيذ المشاريع وتثمين مكانتها في مسلسل تهيئ عقود البرامج وتنفيذها، وإعداد دلائل نموذجية توجيهية للتعاقد ووضعها رهن إشارة الجهات وباقي الجماعات الترابية.

الحكومة تتعهد بتنزيل اللاتمركز الإداري لإنجاح ورش الجهوية المتقدمة

 

 

أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن ورش اللاتمركز الإداري يشكل سندا لا محيد عنه لإنجاح ورش الجهوية، باعتباره خيارا استراتيجيا للدولة. وأبرز أخنوش، خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس المستشارين، حول موضوع «ميثاق اللاتمركز الإداري ورهان العدالة المجالية والاجتماعية»، العناية المولوية السامية التي حظي بها هذا الورش من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بالنظر لأهميته الاستراتيجية ضمن الدينامية المؤسساتية المواكبة لتنزيل الجهوية المتقدمة.

وأشار في هذا السياق إلى دعوة الملك إلى تسريع تنزيل مضامين الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، من خلال الرسالة الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الأولى للجهوية المتقدمة المنعقدة بأكادير في شهر دجنبر 2019، حيث أكد جلالته على ضرورة «تعبئة كل الطاقات والانخراط الفعلي لكافة القطاعات الوزارية في تفعيل الميثاق، عبر التسريع من وتيرة إعداد التصاميم المديرية للا تمركز الإداري، والتي يجب أن تكون مبنية على نقل فعلي للاختصاصات الوظيفية والصلاحيات التقريرية إلى المستوى الجهوي».

وأكد أخنوش أن الحكومة، واستحضارا منها للتوجهات الملكية السامية، حرصت على جعل الجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري من المحاور الأساسية لتعزيز حكامة التدبير العمومي بالمملكة، واتخاذ إجراءات ملموسة لتحسين ولوج الجميع إلى الخدمات العمومية، والعمل على تقريب الإدارة من المواطنين، فضلا عن تطوير آليات اتخاذ القرار بشكل فعال وسريع، مشددا على أن ذلك سيمكن من تطوير سياسات تقليص الفوارق المجالية في جميع القطاعات وتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، بما ينعكس إيجابا على التنمية المستدامة والشاملة التي يطمح لها الجميع.

واستحضر في هذا السياق الأشواط المهمة التي قطعها المغرب منذ فجر الاستقلال في وضع اللبنات الأولى لإرساء الجهوية المتقدمة وتعزيز اللاتمركز الإداري، باعتبارهما يمثلان ورشا حيويا لتعزيز الديمقراطية المحلية وتحديث هياكل الدولة، والنهوض بالتنمية المستدامة والمندمجة وتعزيز سياسة القرب، إضافة إلى تبني مقاربة جديدة في وضع وتنفيذ السياسات العمومية تضمن التقليص من التفاوتات المجالية والترابية بين جهات وأقاليم المملكة. وشدد رئيس الحكومة على أن خيار اللامركزية الترابية الذي تبناه المغرب يتطلب بالأساس توفير الظروف القانونية والإدارية والمادية الضرورية للتنزيل الناجع لهيئات التدبير الترابي، مشيرا في هذا الإطار إلى الإصلاحات الدستورية والقانونية والبنيوية التي واكبت مسلسل اللامركزية الترابية، ومن أهمها المصادقة على المرسوم رقم 2.17.618 بمثابة الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، كدعامة أساسية لمساعدة الجماعات الترابية ومصالح الدولة اللاممركزة ومؤسساتها للقيام بالمهام المنوطة بها.

ولبلوغ الأهداف المتوخاة من هذا الميثاق، يتابع أخنوش، تتولى المصالح الخارجية التابعة للسلطة الحكومية على المستوى المحل، وبتنسيق مع الوالي أو عامل العمالة أو الإقليم، تقديم كل أشكال الدعم والمساعدة للجماعات الترابية والهيئات ذات الاختصاص الترابي، والعمل على إرساء أسس شراكة فاعلة مع الجماعات الترابية وباقي المؤسسات الأخرى، كما تساهم أيضا في تنمية قدرات الجماعات الترابية ومساعدتها في ممارسة المهام المسندة إليها، وتعزيز آليات الحوار والتشاور مع كافة المتدخلين على مستوى الجهة وعلى مستوى العمالة أو الإقليم.

وأشار إلى أن سياسة اللاتمركز تقوم على مرتكزين أساسيين، أولهما الجهة باعتبارها الفضاء المثالي لتنفيذ توجهات الدولة بالنظر لكونها تحتل مكانة الصدارة في التنظيم الترابي للمملكة، ثم المرتكز الثاني ويمثله والي الجهة باعتباره ممثلا للسلطة المركزية على المستوى الجهوي، وفاعلا مركزيا في تنسيق أنشطة المصالح الخارجية للوزارات والساهر على حسن سيرها ومراقبتها، وذلك بهدف تحقيق التقائية السياسات والبرامج العمومية بما يضمن النجاعة والفعالية على المستوى الترابي.

وسجل أخنوش أن الميثاق الوطني للاتمركز الإداري يروم تحقيق مجموعة من الأهداف، أهمها مواكبة التنظيم الترابي اللامركزي للمملكة القائم على الجهوية المتقدمة، والعمل على ضمان نجاعته وفعاليته مع تعزيز آليات التكامل والتعاون والشراكة بين المصالح اللاممركزة للدولة والهيئات اللامركزية، ولا سيما منها الجماعات الترابية، وتقريب الخدمات العمومية التي تقدمها الدولة إلى المرتفقين أشخاصا ذاتيين كانوا أو اعتباريين، وتحسين جودتها، وتأمين استمراريتها.

كما يتوخى الميثاق، يضيف رئيس الحكومة، التوطين الترابي للسياسات العمومية من خلال أخذ الخصوصيات الجهوية والإقليمية بعين الاعتبار في إعداد هذه السياسات وتنفيذها وتقييمها، مع ضمان إلتقائيتها وتجانسها وتكاملها على مستوى الجهة وعلى مستوى العمالة أو الإقليم، وتحقيق التعاضد في وسائل تنفيذها.

وأكد رئيس الحكومة أن الحكومة عملت منذ تنصيبها على تسخير كل الإمكانات والجهود لإنجاح ورش اللاتمركز الإداري، والانكباب على إعداد جيل جديد من الإصلاحات المتعلقة بالتحديث الإداري، وأبرز أن تنزيل هذه الإصلاحات تم وفق برنامج عمل وأفق زمني محدد، جوهره تبني سياسة جديدة ترتكز على إعطاء البعد الترابي لعمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، «مما سيمكن من الرفع من الاستثمار الترابي المنتج ويساهم في تأمين الإنصاف والعدالة الاجتماعية والمجالية في التدخلات التنموية».

وستساهم هذه الإصلاحات، وفق رئيس الحكومة، في انبثاق عقد اجتماعي جديد ينخرط فيه كافة المتدخلين من فاعلين اقتصاديين ومؤسسات وجماعات ترابية ومصالح خارجية للوزارات ومواطنين بهدف تجاوز معيقات التنمية التي أسفرت عنها التجارب السابقة.

واعتبر أنه إذا كان تفعيل الجهوية وصل إلى مراحل متقدمة، فقد كان من الضروري اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير التي عبر عنها الفاعلون الترابيون خلال تتبع حصيلة تنزيل هذا الورش من خلال 8 محاور أساسية، تهم استكمال ومراجعة الترسانة القانونية والتنظيمية المتعلقة بالجهات، مشيرا إلى أنه تم في هذا الإطار تعديل المرسوم المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية من أجل إحقاق التكامل مع سياسة اللاتمركز الإداري وذلك بالتنصيص على تفعيل دور اللجنة الجهوية للتنسيق في مسلسل إعداد البرنامج التنموي.

فرق برلمانية تطالب بتسريع تنزيل ميثاق اللاتمركز الإداري

 

ثمنت الفرق والمجموعات البرلمانية بمجلس المستشارين، يوم الثلاثاء الماضي، التقدم المحرز في تفعيل ميثاق اللاتمركز الإداري، والذي ظهرت معالمه مع إصدار القوانين التنظيمية للجماعات الترابية وإخراج ميثاق الاستثمار وتنزيل ورش الحماية الاجتماعية، داعية، في الوقت ذاته، إلى تسريع وتيرة التنزيل.

وأكدت مختلف مكونات المجلس، في معرض تفاعلاتها مع كلمة رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، خلال جلسة المساءلة الشهرية حول موضوع «ميثاق اللاتمركز الإداري ورهان العدالة المجالية والاجتماعية»، أن التنظيم اللامركزي شهد تطورا نوعيا وعلى قدر كبير من الأهمية، باعتباره مرجعا ثابتا وحاضرا في جميع الخطب الملكية السامية، والتي شكلت كلها دعوة مباشرة وصريحة إلى ضرورة التفعيل الكامل لميثاق اللاتمركز الإداري كركيزة أساسية في عملية التشجيع على التنمية وعلى رأسها الاستثمار.

في هذا السياق، أبرزت أحزاب الأغلبية بمجلس المستشارين أن المغرب قطع أشواطا هامة على مستوى تنزيل اللاتمركز الإداري، منوهة بهذه اللحظة الدستورية التي شكلت محطة أساسية لتقييم ومساءلة الحصيلة الحكومية، مشيدة، كذلك، بنجاعة وفعالية الأداء الحكومي من خلال الحرص على الوفاء بالتزامات البرنامج الحكومي في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية.

وثمنت أحزاب الأغلبية، أيضا، التحقيق الأمثل لميثاق اللاتمركز الإداري الذي ظهرت معالمه مع إخراج ميثاق الاستثمار وتنزيل ورش الحماية الاجتماعية والانتقال للجهات وإرساء دعائم العدالة المجالية، استشعارا لأهمية الخيارات التي تبناها المغرب لتحقيق الدولة الاجتماعية، مشيرة إلى الأولوية التي يحظى بها ورش اللاتمركز الإداري في الاهتمامات السامية لجلالة الملك محمد السادس.

في المقابل، سجلت الأحزاب ذاتها «بطء» تنزيل وتفعيل ميثاق اللاتمركز منذ الإعلان عنه سنة 2018، مبرزة أنه لا بد من المضي بالسرعة والشجاعة اللازمتين نحو تكريس اللاتمركز الإداري باعتباره آلية لتطوير اتخاذ القرار الإداري وتحقيق التوطين الترابي للسياسات العمومية، داعية إلى اعتماد مقاربة حديثة في تدبير الفاعل العمومي مبنية على الحكامة والعقلانية، والترشيد والفعالية، والنجاعة والتقييم.

من جهتها، شددت أحزاب المعارضة على أن التوجه الذي نهجه المغرب في اتجاه المضي قدما في سياسة الجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري خيار لا رجعة فيه، مشيدة بأهمية محطات الإصلاح التي شهدها نظام اللاتمركز عبر سنوات، خاصة بعد اعتماد المغرب الجهوية المتقدمة، معتبرة أن الفترة التأسيسية 2015-2021 «تمرين ديمقراطي نتجت عنه مجموعة من النصوص والقوانين نظمت ميثاق اللاتمركز».

ودعت الأحزاب ذاتها إلى تقييم الحصيلة الأولية للميثاق والبحث عن حلول ناجعة لمواجهة مختلف التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحول دون تحقيق تنمية حقيقية من شأنها الاستجابة لتطلعات وانتظارات المواطنين، وذلك بالانفتاح على الفاعلين الذين لهم ارتباط وثيق بتدبير الشأن المحلي وموضوع اللاتمركز الإداري، وعلى رأسهم المنتخبون المحليون.

وحثت الأحزاب ذاتها الحكومة على تحمل كامل مسؤوليتها في إلزام القطاعات الوزارية بتنفيذ التزاماتها بشكل يضمن نوعا من العدالة المجالية، مع الحرص على إعمال آلية الالتقائية والتنسيق في البرنامج بين مختلف القطاعات والمتدخلين، خاصة بالعالم القروي والمناطق النائية، مؤكدة، كذلك، على ضرورة اعتماد رؤية جديدة لتكوين وتشغيل موارد بشرية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل جهة على حدة.

من جانبهم، دعا ممثلو الهيئات النقابية إلى ضرورة العمل على تنزيل مقتضيات الميثاق الوطني للاتمركز الإداري باعتباره خيارا استراتيجيا ورهانا مفصليا في تنمية وحكامة تدبير الشأن الترابي، بهدف مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والاستجابة لطموحات وتطلعات المواطنين.

وبعد أن نوهوا بالتقدم الذي أحرزته المملكة في تفويت اتخاذ القرارات والقيام ببعض المهام والصلاحيات لبعض ممثلي القطاعات الحكومية ترابيا، والتي أعطت أكلها على مستوى نجاعة وفعالية السياسات العمومية على المستوى المحلي، لفت ممثلو النقابات إلى أن واقع وانعكاسات التسيير الإداري على مستوى التسيير الترابي في قطاعات أخرى لا يزال يعرف العديد من العراقيل، خاصة مع تزايد الحاجيات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للساكنة، داعين الحكومة إلى مراجعة سياساتها واختياراتها وتفعيل ميثاق اللاتمركز الإداري ونقل الاختصاصات إلى المصالح الخارجية لتصحيح مسار التنمية والتخفيف من حدة معاناة المواطنين، منادين بوضع برنامج استعجالي لتسريع تنزيل هذا الميثاق نظرا لأهميته البالغة، وتقوية العنصر البشري ومده بالإمكانيات اللازمة وإسناد مناصب المسؤولية وفق مبادئ الشفافية والنزاهة.

من جهته، نوه الاتحاد العام لمقاولات المغرب بالعمل الجاد للحكومة من أجل التنزيل الفعلي لورش اللاتمركز الإداري، خاصة في ما يخص الفعل الاستثماري، داعيا إلى تقوية الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي تعتبر أداة مبتكرة لتمويل الاقتصاد، والتي أصبحت تفرضها الحاجة على الجماعات الترابية.

وأكد الاتحاد على ضرورة وضع عرض جهوي شامل، وهو ما من شأنه أن يبرز إمكانات كل جهة والقطاعات ذات الأولوية والتدابير المصاحبة، وذلك من خلال إعداد استراتيجية تسويق إقليمي قوية ومتماسكة وإعادة تنشيط اللجان الجهوية لمناخ الاستثمار ومناخ الأعمال، وتحسين نموذج الأعمال للمناطق الصناعية نظرا لانخفاض معدل استغلالها.

ثلاثة أسئلة

 

    عبد الحفيظ أدمينو*:

 

«مشروع اللاتمركز الإداري عرف تأخرا ويجب استثمار التحول الرقمي»

 

 

  • هل تم التراجع عن خيار الجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري؟

يجب الإشارة أولا إلى أن خيار الجهوية المتقدمة هو خيار الدستور المغربي، وهو الذي يتحدث عن الجهوية المتقدمة، وبالتالي فهو خيار دستوري قبل أن يكون خيارا حكوميا، غير أن الحاصل هو أن مسار تفعيل ورش اللاتمركز الإداري في العلاقة بالجهوية المتقدمة هو الذي يعرف بعض التأخر والبطء، على اعتبار أن مرسوم ميثاق اللاتمركز الإداري، هو إطار مهم جدا يضع محددات العمل الترابي المشترك ما بين الوحدات غير المتمركزة، أي مختلف المصالح الخارجية والقطاعات الحكومية، سواء تعلق الأمر بالمديريات الجهوية أو المديريات الإقليمية بالجهة، وكذلك الهيئات المنتخبة، لأن الدستور يتحدث اليوم عن الأدوار الممنوحة للولاة والعمال في ما يتعلق بمواكبة الجماعات الترابية في تفعيل السياسات الترابية، ومواكبتهم في ما يتعلق بإنجاز المخططات التنموية، غير أن هذا بطبيعة الحال يفرض بالضرورة على أن يكون هناك نقل للسلطات والصلاحيات بالموارد المالية الضرورية، وأيضا بالموارد البشرية الكافية، لمختلف المصالح الخارجية للقطاعات الحكومية، وبالتالي فهذا الورش ، يتضح جليا أنه قد عرف تأخيرا، على اعتبار أن ميثاق اللاتمركز الإداري، يتحدث عن وقت زمني محدد من أجل وضع المخططات والتصاميم المديرية التي على القطاعات الحكومية أن تنجزها، ولكن الملاحظ في هذا السياق، أن عملية تنزيل هذه المخططات وحتى الميثاق بالأساس لم تكن بنفس الوتيرة في جميع القطاعات الحكومية.

 

 

  • ماهي الأسباب وراء تأخر تنزيله؟

من الواضح أن هذا التأخر راجع لعدة عوامل، وبالرجوع لسنة 2005، فقد كان هناك مرسوم حول اللاتمركز الإداري وتنظيم القطاعات الحكومية، وهو المرسوم الذي حدد حيزا زمنيا اعتقد أنه كان ستة أشهر، من أجل أن تقوم القطاعات الحكومية بإعداد التصاميم التي ستقوم على ضوئها المصالح المركزية بنقل السلطات إلى ممثليها على مستوى المصالح الخارجية، وهذا الأمر قد تأخر، حيث لاحظنا أنه كيف لم يتم إعداد تلك التصاميم وبالتالي تعثر ومحدودية ورش اللاتمركز الإداري، انطلاقا من هذا المسار، وفي سنة 2018 وبالنظر إلى السياق الدستوري الذي يجعل من اللاتمركز الإداري رافعة مهمة للجهوية المتقدمة، على اعتبار أن تحويل السلطات ونقلها وتفويضها إلى المدراء الجهويين والمدراء الإقليميين، هو الذي من شأنه أن يساعد عمل الجماعات الترابية، وبالأخص المجلس الجهوية ومجالس الجماعات، على تنفيذ مخططاتها التنموية، وكذلك فإن نقل الصلاحيات إلى المديرين الجهويين والإقليميين من طرف الوزراء، هو الذي سيساعد ويضمن التنفيذ الفعلي والواقعي للمشاريع التي تنجز على المستوى الترابي، وخاصة أنه قد لاحظنا في القانون التنظيمي للمالية اليوم، من التقارير الإلزامية التي يرفقها وزير المالية بمشروع الميزانية، هو التقرير المتعلق بالتوزيع الجهوي للاستثمار العمومي، وبالتالي فالحكومة من خلال هذا التقرير، تحدد طبيعة المشاريع التي سيتم إنجازها، سواء على مستوى البنية التحتية أو المؤسسات والمرافق الأساسية، ومن هذا المنطلق، فلا يكفي أن يكون لدينا تصور لهذه المشاريع الأساسية، بل إن المدراء الجهويين، في ما يتعلق بتدبير الصفقات العمومية لإنجاز هذه المشاريع، معنيون بتتبع كل هذا، ما لا يسمح بالتأخر في تنفيذها وفق الأجندة الزمنية المحددة لها.

فعلا هناك تأخر في تنزيل اللاتمركز الإداري، وهذا الأمر يعود إلى الجانب المرتبط بالثقافة الإدارية التي تنحو نحو المركزية، حيث إن الإدارة المركزية متمسكة باختصاصاتها وصلاحياتها، زيادة على إشكال الموارد البشرية بالمصالح الخارجية، إذ لا يكفي أن نعين مدراء جهويين، بل يجب توفير الأطقم البشرية واللوجيستية والمادية التي تجعله أيضا قادرا على ممارسة هذه الصلاحيات إذا ما تم نقلها من قبل الوزراء.

 

  • بالنظر إلى التجارب المقارنة، ما مدى نجاعة هذا المشروع بالارتباط بالتحول الرقمي وتحديث الإدارة؟

في هذا الباب وجب التمييز بأن مشروع اللاتمركز يرتبط بالدول الموحدة كفرنسا وتونس وغيرها، ولا ينطبق على الدول الفيدرالية كالولايات المتحدة، وبالتالي فهذا النمط يسود في الدول التي تكون فيها الصلاحيات للسلطات المركزية في إصدار التشريعات والمعايير وتخصيص الميزانيات، والذي يجب القيام به، هو العمل على تطوير هذا النظام، حيث إن التحول الرقمي يفتح آفاقا مهمة جدا على مستوى التفويض وما يتعلق بالموارد البشرية، على اعتبار أن معظم الدول تتجه إلى نظام المنصات التي من خلالها يتم تفويض الصلاحيات والسلطات ويتم كذلك القيام بالعمليات المالية، والمراقبة والتقييم، وبالتالي فإن هذه الوسائل الرقمية تتيح هذه المكانيات من حيث إنها تمنح السرعة وإمكانية تتبع المصالح المركزية لعمل المدراء الجهويين.

وفي ما يتعلق بتفويض السلطات، وجب الإشارة إلى أن هناك توجها في هذا الشأن لاحظنا أن رئيس الحكومة في عدد من المناسبات هذه السنة أصدر في الجريدة الرسمية مجموعة من المراسيم حول تفويض السلطات، لأنه لايكفي فقط أن نوفر الإطار اللوجيستي والرقمي بل على المسؤولين الإداريين أن تكون لهم الصلاحيات التي بموجبها يمكنهم مزاولة اختصاصاتهم، زيادة على المدخل نحو تجميع الخدمات الإدارية داخل شبابيك، هنا يجب الإشارة إلى أن التجارب المقارنة تنحو نحو شبابيك إدارية للسياسات العمومية، حيث يتم إحداث شبابيك على المستوى الترابي من أجل تنزيل السياسات العمومية في مجال معين، كما هو الشأن بالنسبة للعمل الاجتماعي، والهاجس اليوم على مستوى العمل غير الممركز هو مشكل الإلتقائية التي تشكل هاجسا للتدخل العمومي وبدونها لا يمكن أن تكون للسياسة العمومية سوى نتائج محدود على الساكنة.

 

*أستاذ القانون العام بكلية الحقوق السويسي – الرباط

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى