تنامي الجرائم المالية يهدد اقتصادات دول كبرى والنيابة العامة توصي القضاة بالصرامة ضدها
النعمان اليعلاوي
كشف محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بأن رقم المعاملات العالمي عن طريق غسل الأموال يعادل معدل الناتج الداخلي الفردي لحوالي 200 مليون فرد من سكان العالم، وهو ما يكفي للقضاء على المجاعة بالعالم والتي يعاني منها حوالي 800 مليون شخص، يُتَوفى من بينهم 25 ألف شخص يوميا بسبب الجوع. وأوضح عبد النباوي قائلا إن اقتسامه بينهم يؤدي إلى حصول كل واحد من بين 800 مليون فقير على 230 دولارا شهريا، أي ثمانية دولارات يوميا لكل فرد، وهو ما يكفي لمنع الموت بسبب الجوع. وأشار المسؤول القضائي ذاته إلى أن «عمليات غسل الأموال تقدر بما يقارب 2200 مليار دولار، حيث إن هدا الرقم يقترب من الناتج الداخلي الخام لاقتصادات دول كبرى كالمملكة المتحدة (2828 مليار دولار)، وفرنسا (2775 مليار دولار)، والهند (20716 مليار دولار)».
وقال الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، خلال الدورة التكوينية المقامة، أول أمس الاثنين، حول موضوع «تعزيز قدرات القضاة في مجال مكافحة جريمة غسل الأموال»، إن الرقم المسجل في عمليات غسل الأموال يعادل نسبة 3 في المائة من الناتج الخام الدولي (المقدر بحوالي 85 ألف مليار دولار)، موضحا أن «خطورة هذا الرقم تصبح أكثر دلالة، إذا عرفنا أنه يقترب من الناتج الداخلي الخام لاقتصادات دول كبرى كالمملكة المتحدة (2828 مليار دولار)، وفرنسا (2775 مليار دولار)، والهند (20716 مليار دولار)، ويتجاوز الناتج الداخلي الخام لاقتصادات كبرى أخرى كإيطاليا (2072 مليار دولار) والبرازيل (1868 مليار دولار)، كندا (1711 مليار دولار)، روسيا (1619 مليار دولار) وكوريا الجنوبية (1425 مليار دولار)»، منبها إلى أن «هذه الأرقام تظهر أهمية مكافحة غسل الأموال في العالم»، منبها إلى «حرص السلطات المغربية على حماية الاقتصاد الوطني، ومنع اختراقه بعائدات الأنشطة الإجرامية، وتداعيات ذلك على سمعة وشفافية ومصداقية المؤسسات الرسمية لدى الهيئات المالية الدولية».
من جانبه، حذر عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، من مخاطر استخدام التكنولوجيا الحديثة في جرائم غسل الأموال، مشيرا إلى أن التكامل المالي الذي أحدثه التطور التكنولوجي له تأثير سلبي، حيث تستغل المنظمات الإجرامية القنوات الرقمية. وقال الجواهري إن التطورات التكنولوجية تجعل الأموال تتحرك بسرعة وتجذب الاستثمار، لكنه حذر من استغلال هذه التقنيات «لأغراض إجرامية». وأوضح والي بنك المغرب أن «النظام المالي والاقتصادي العالمي يتداخل، بفضل التطورات التكنولوجية وسرعة تحركات رأس المال»، وأن «التكنولوجيا والرقمنة ستسودان بالاستثمارات التي توفرها، ونمو التمويل – والتبادلات التجارية»، مضيفا أنه «يجب توخي الحذر قبل استغلالها لأغراض إجرامية من قبل الشبكات المنظمة، التي تلجأ باستمرار إلى أنماط وأساليب احتيالية جديدة، باستخدام التطورات التكنولوجية للتهريب واللجوء إلى الأموال، لاستخدام منصات رقمية محاطة بالسرية لإنشاء نظام مالي افتراضي مواز، يعتمد أساسا على العملات المشفرة، ويهدف إلى محاكاة النظام المالي الرسمي».
وأكد الداكي في كلمة ألقاها نيابة عنه هشام البلاوي، الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، أن «السياق الدولي الحالي المتميز بما خلفته جائحة فيروس كورونا، شهد مجموعة من التحويلات المالية التي استغلتها بعض المنظمات الإجرامية، من أجل ضخ أموال مجهولة المصدر في الاقتصادات النظامية للدول». وحث الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، قضاة النيابة العامة على مواصلة الحرص على تسريع وتيرة إنجاز الأبحاث القضائية المتعلقة بجرائم غسل الأموال، وتطبيق العقوبات المناسبة من أجل تطويق هذه الظاهرة.