علم لدى مصادر جيدة الاطلاع أن الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط حسمت، أول أمس الأربعاء، ملف مسؤولي وكالة المغرب العربي للأنباء المتورطين في قضية اختلاس وتبديد أموال عامة، وهو الملف الذي راج بمحكمة جرائم الأموال منذ ثلاث سنوات، وحسم في شوطه الابتدائي في وقت سابق، بإصدار حكم يقضي بحبس المتهمين قبل أن يتم تأييده استئنافيا، أول أمس الأربعاء.
وأكدت مصادر «الأخبار» أن غرفة جرائم الأموال الاستئنافية بالرباط قضت، أول أمس الأربعاء، بتأييد الحكم الابتدائي الذي صدر قبل سنتين في حق إطارين بوكالة المغرب العربي للأنباء، تورطا في اختلاسات مالية بمؤسسة الأعمال الاجتماعية التابعة للوكالة، حيث أدين رئيس الجمعية بسنتين حبسا في حدود سنة نافذة والأخرى موقوفة التنفيذ، وهو الحكم نفسه الذي نطق به رئيس غرفة جرائم الأموال الاستئنافية، القاضي الرحماني، في حق المتهم الثاني الذي كان يشغل أمين مال الجمعية.
ووفق معطيات الملف، فإن الإطارين المتابعين وهما رئيس جمعية الأعمال الاجتماعية لوكالة المغرب العربي للأنباء وأمين مالها، كانا يتابعان في وضعية سراح منذ تحريك المسطرة في حقهما سنة 2018، بتهمة اختلاس وتبديد أموال عمومية، في الوقت الذي كانت الفضيحة قد تفجرت سنة 2015، بعد إنجاز افتحاصات داخلية دقيقة من طرف المفتشية العامة لوزارة المالية، واكتشاف اختلالات مالية صادمة طالت ميزانية ومالية الجمعية المذكورة التي كانت تقدر بمئات الملايين. وتمت إحالة الملف على النيابة العامة المختصة، التي أمرت الفرقة الوطنية بإخضاع المشتبه فيهما لبحث قضائي، قبل إحالتهما على العدالة بمحكمة جرائم الأموال وإدانتهما بالحبس النافذ ابتدائيا واستئنافيا، أول أمس، بحضور الممثلة القانونية لوكالة المغرب العربي للأنباء وهيئة دفاع المتهمين وكذا الوكالة.
وحسب معطيات القضية دائما، فقد كشفت التحقيقات أن الاختلالات المالية التي شابت جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي وكالة المغرب العربي للأنباء، جرى اكتشافها سنة 2015، من خلال نتائج عملية افتحاص همت تسيير مالية الجمعية، حيث كشفت التحريات تورط المتهمين (ع.ع.إ)، الرئيس السابق للجمعية، و(ع.إ.م)، أمين مالها وهو مهندس دولة، في جريمة مالية تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية، حيث وقفت المفتشية العامة لوزارة المالية وبعدها الضابطة القضائية وقاضي التحقيق على خروقات جسيمة تخللت فترة تسييرهما لمالية الجمعية، ومرتبطة أساسا بعدم احترام المساطر القانونية وتصريف توصيات المجلس الإداري المتعلقة بالخدمات الاجتماعية المقدمة والمبرمجة لصالح موظفي وكالة المغرب العربي للأنباء، والغريب أن معظم هذه الاختلالات المالية لم يفطن إليها مسؤولو الوكالة في وقتها، وتمرر في غفلة منهم ضمن التقارير الأدبية والمالية والمجلس الإداري، الذي كان يترأسه مصطفى الخلفي، وزير الاتصال آنذاك، قبل أن تتفجر الفضيحة مع افتحاصات المفتشية العامة لوزارة المالية.
وكشفت الأبحاث المنجزة أيضا في هذا الملف، تورط المتهمين في خرق المساطر في تنفيذ خدمات داعمة للبعد الاجتماعي لموظفي الوكالة، كصفقات شراء السيارات والتجهيزات، وخدمات العمرة والسفريات. كما فضحت التحريات تجاوزات ريعية غير مبررة في مجال الاصطياف والاستفادة من الشقق و«الشاليهات» في مدن مغربية وأجنبية، إضافة إلى امتيازات أخرى تتعلق بخدمات التطبيب والتغذية ومجالات الترفيه.
وعرف مسار المحاكمة مواجهات وتصريحات حارقة من طرف المتهمين تحديدا، عندما صرح رئيس الجمعية أن بعض الاجراءات التي تم تكييفها لاحقا تجاوزات و«جريمة مالية»، أنجزت بأمر من عدد من المسؤولين الكبار بالوكالة، وتتعلق بمنح موظف مبلغا ماليا مهما بدعوى معاناته من ضائقة مالية حادة، فضلا عن بعض التوظيفات التي كانت تدبر بطريقة خاصة من طرف الجمعية، حيث تتكلف هذه الأخيرة بدفع رواتب قارة لهم ويتم تصنيفها ضمن شطر التعويضات.