محمد اليوبي :
أثارت صفقة النقل الحضري بمدينة القنيطرة الكثير من الجدل، خلال الأسابيع الأخيرة، بعدما أثارت المعارضة بالمجلس الجماعي عدة تساؤلات حول مصير الدعم العمومي المخصص لاقتناء الحافلات، والذي يبلغ مجموعه 13 مليار سنتيم.
وعقدت فرق المعارضة بالمجلس الجماعي اجتماعا مع فؤاد المحمدي، عامل الإقليم، لمناقشة هذا الموضوع، حيث قدمت معطيات تفيد بأن كل الحافلات التي اقتنتها شركة «فوغال» هي موضوع رهن لدى مؤسسة بنكية، بعدما لجأ صاحب الشركة إلى الحصول على قرض بنكي لتمويل عملية اقتناء أسطول الحافلات، وعلى ضوء هذه المعطيات، أصدر العامل تعليماته بعقد لقاء آخر ترأسه باشا المدينة، بحضور أنس البوعناني، رئيس المجلس الجماعي، وممثلي المعارضة، والرئيس المدير العام للشركة، الذي قدم كل التوضيحات بخصوص القرض البنكي، وأكد أنه قام بضخ أموال الدعم التي حصل عليها في حساب المؤسسة البنكية التي منحته القرض، ووعد بتقديم كل الوثائق التي تثبت ذلك لرئيس المجلس.
وأكد محمد لمرابط، الرئيس المدير العام لشركة «فوغال» لتدبير النقل الحضري بالقنيطرة، في اتصال مع «الأخبار»، أن هناك مغالطات يتم ترويجها بخصوص هذا الموضوع، وأوضح أنه اقتنى الحافلات في بداية شهر يناير من سنة 2021، قبل صرف الدعم المخصص للقطاع، حيث تحمل كافة المصاريف من ماله دون أن يتلقى أي سنتيم، وأشار إلى أن هذه الحافلات دخلت إلى الخدمة في شهر يناير 2022، وطيلة سنة كاملة ظل يطوف على مختلف الجهات المتدخلة لاستكمال صرف الدعم، ولم يتحقق ذلك إلا في شهر يناير 2023، أي بعد سنتين من دخول الحافلات إلى المغرب، مؤكدا أنه قام بتحويل هذه المبالغ إلى المؤسسة البنكية التي منحته القرض لتمويل اقتناء الحافلات.
وقال لمرابط: «أنا غامرت لتوفير ضمانات للشركة التي باعت إلينا الحافلات، قبل صرف الدعم، ورئيس المجلس شاهد على ذلك، ولو انتظرت حتى استكمال صرف الدعم، لبقي سكان المدينة بدون حافلات لسنة أخرى». وطالب لمرابط بإبعاد ملف النقل الحضري عن الصراعات السياسية بين المعارضة والأغلبية، وعبر عن استعداده لتقديم كل المعطيات والوثائق لرئيس المجلس ولجنة تتبع النقل الحضري، وبالمقابل هدد بالمتابعة القضائية لكل من يروج الاتهامات بأنه استولى على أموال الدعم، مؤكدا التزامه بكل مضامين دفتر التحملات، ومن بينها توفير 138 حافلة، والاحتفاظ بكل المستخدمين والبالغ عددهم 540 مستخدما. وطالب لمرابط المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للداخلية بإجراء افتحاص للقطاع، للوقوف على حقيقة الأمر.
ومن جهة أخرى، دخل حماة المال العام على الخط، وأوضح محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن المجلس الجماعي في عهد رئيسه السابق، عبد العزيز رباح، صادق على كناش التحملات الخاص بهذا المرفق الحيوي وتوقف الأمر عند هذه المصادقة، وبمجيء الرئيس الحالي، أنس البوعناني، بادر إلى إتمام الصفقة لكي تخرج الحافلات الجديدة الى شوارع القنيطرة ويتنفس السكان الصعداء، وأشار إلى أن مبلغ الصفقة بلغ 30 مليار سنتيم، منها مبلغ 13 مليارا على شكل دعم من مجلس المدينة ومجلس الجهة ووزارة الداخلية، على أن توفر الشركة المفوض إليها مرفق النقل الحضري مبلغ 17 مليارا المتبقي.
وكشف الغلوسي أن الشركة المفوض إليها تدبير هذا المرفق عمدت إلى توظيف جميع مبلغ الصفقة في شراء الحافلات، مع تسجيل الرهن لفائدة البنك المقرض، مبرزا أن الشركة ملزمة باستعمال المبلغ المالي العمومي الممنوح لها والمقدر بـ13 مليار سنتيم في شراء الحافلات، دون إجراء أي رهن عليها، كما يفيد بذلك صراحة البند الرابع من كناش التحملات، الذي يشير كذلك إلى أن المجلس الجماعي هو المؤهل لاسترجاع الممتلكات، وضمنها أسطول الحافلات التي تم اقتناؤها بدعم من السلطة المفوضة، وأكد الغلوسي أن كناش التحملات يجعل هذه الممتلكات خالصة للجهة المفوضة (جماعة القنيطرة)، ويمنع كراءها أو رهنها أو بيعها أو إجراء أي تعهد يتعلق بها طيلة مدة التدبير المفوض، وهو ما يفيد، حسب الغلوسي، بأن مجلس مدينة القنيطرة لن يتمكن من استعادة أسطول الحافلات العائد له بمقتضى كناش التحملات، في حال وقوع أي خلاف أو فسخ للعقد أو عدم أداء مبلغ القرض أو دخول الشركة في مرحلة الصعوبة، وهو ما سيجعل البنك المقرض يباشر مسطرة بيع أسطول الحافلات، لضمان استيفاء الدين وفوائده، مما يضع مبلغ 13 مليارا الممنوح من المال العام في مهب الريح، حسب تعبير الغلوسي، الذي طالب بإجراء افتحاص للصفقة.