جائزة تشعل صراعا بين العاجي والديالمي حول “الجنس”
المصطفى مورادي
ينتظر أن تعلن وزارة الثقافة يوم 22 يونيو الجاري عن لائحة الفائزين بجائزة المغرب للكتاب. في انتظار ذلك، طفت على السطح حروب إعلامية، بعدما اتهم عبد الصمد الديالمي سناء العاجي بالسرقة العلمية، بحيث انتقل الجدل إلى جائزة العلوم الاجتماعية، بعدما كانت جائزة الشعر سنة 2015 مسرحا لجدل تجاوز حدود الاستعارات والتأويلات الجمالية والأحكام الذوقية إلى تبادل اللمز والهمز بين بعض أعضاء لجنة التحكيم. هذه السنة ظهر جدل تجاوز حدود النقاش النظري والعلمي حول صلاحية المفاهيم والمناهج وقوة النظريات والتحليلات إلى تبادل التهم بالسرقة العلمية والإساءة والتعريض الشخصي والانتهازية، بل وهمس يكاد يكون مسموعا عن التحرش الجنسي، يقوده، وبقوة، السوسيولوجي عبد الصمدي الديالمي من جهة والكاتبة والصحفية سناء العاجي من جهة ثانية.
قوة هذا الجدل الفيسبوكي أدت إلى خلق معسكرين منقسمين تماما، لكل منهما أطروحاته وحججه، حتى وإن اختلفت دوافع المنتمين لكل معسكر.
الجدل بين المعسكرين، والباحثين السوسولوجيين، اتخذ أشكالا متنوعة تتراوح بين النقاش الأكاديمي أحيانا، والنقاش الشخصي أحايين كثيرة، بين من يعتبر سناء العاجي باحثة “مستجدة” في علم الاجتماع، ولا يمكنها نحت المفاهيم الواردة في كتابها من “عنديتها”، وأن تنسب المفاهيم لأصحابها لا ينقص من قيمة بحثها شيئا، مستدلين بنماذج، من قبيل استعارة السوسيولوجي الفرنسي آلن تورين في كتابه “نهاية المجتمع” لمفاهيم من مؤسس علم الاجتماع إميل دوركهايم وحرصه على نسبتها إليه لكن دون أن ينقص ذلك من قوة الأول. ونفس الشيء نجده بين “فرانسوا دويبي” وسلفه “بيير بورديو”، بحسب تعليق لأحد المدافعين عن الديالمي. هذا من جهة، وبين من انصب نقدهم/هن على أحداث ومواقف من التاريخ الشخصي للديالمي، منهم/هن طلبة سابقون له، ينسبون له سلوكيات اعتبروها، بحسب التدوينات التي كتبوها، مسيئة لهم/لهن، وبالتالي فاتهامه للعاجي “هو رغبة في فرض أسلوب الاحتكار في مجال علمي لا يمكن لأحد مهما كان احتكاره”، معتبرين هذا “الاتهام استهداف شخصي”، وهو نفس الموقف الذي عبرت عنه سناء العاجي في سياق ردها على الاتهامات التي تستهدفها، لكون مفهومي la transition sexuelle و le bricolage sexuel هما مفهومان يردان عن الفيلسوف الفرنسي الشهير “ميشيل فوكو” في كتابه “تاريخ الجنسانية” الصادر في ثلاثة أجزاء سنة 1976. العاجي حاولت أيضا الرد على هذه التهم بسرد كرونولوجي ترصد فيه بدايات التوتر الذي يخيم على علاقتها بالديالمي، منذ أبريل الماضي عندما هاجمها بشكل مباشر في ندوة جمعتهما في طنجة، مرورا بمختلف المراسلات التي كانت بينهما في سياق الجدل حول نسبة هذين المفهومين السابقين، لتخلص إلى أن كتابها، والذي هو أطروحتها الجامعية لنيل شهادة الدكتوراه “الجنسانية والعزوبة في المغرب” هو بحث أصيل وغير منحول.
هذا الجدل بين معسكري الديالمي والعاجي، وإن كانت تبدو أطرافه واضحة، طرف يتهم الديالمي بمحاربة العاجي للتشويش على حظوظها في نيل جائزة المغرب للكتاب، وطرف ثان يطالب بسحب الدكتوراه من العاجي لكونها اعتمدت بشكل غير علمي على مفاهيم صاحب كتاب “الشباب، السيدا والإسلام”، فإن هذا لم يمنع من تعالي أصوات أخرى، تبدو للوهلة الأولى على أنها تساند هذا الطرف وتدعمه، فيما هي تريد إيصال رسائل أخرى، خاصة لوزارة الثقافة. ومن هذه الأصوات، نجد سلسلة تدوينات كتبها محمد مقصيدي، وهو صاحب دار النشر “منشورات الموجة”، فضلا عن خرجات إعلامية، آخرها التصريحات التي أدلى بها لإذاعة “مونتي كارلو” الأسبوع الماضي، حيث وجه انتقادات مباشرة لمدير مديرية الكتاب، حيث استغل الجدل الذي خلقته اتهامات الديالمي للعاجي ليتهم، في تدوينة له مؤرخة بـ13 يونيو الجاري، الحسن الوزان بتهم شخصية وصلت إلى حد اعتبار هذا المدير المركزي في وزارة الثقافة “قائدا لمعسكر يضم سناء العاجي والشاعر ياسين عدنان”، مرفقا تدوينته بصورة مفبركة للملصق الدعائي لفيلم “الراقصة والطبال”، حيث تم تعويض كل من نبيل عبيد وأحمد زكي بالعاجي وياسين، في إشارة واضحة، من صاحب التدوينة، إلى اتجاهات التدوينات التي كتبها الشاعر ياسين، والتي شن فيها، وبقوة هجوما على الديالمي، واصفا حجة هذا الأخير بـ”المتهافتة والفاضحة والمؤسفة” في اتهامه للعاجي بالسرقة العلمية.