شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

ثورة اقتصادية.. على الأرض

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

وسط حالة الغليان التي يشهدها العالم، والتي لم تعد مقتصرة بالمناسبة على الاحتقان الكبير في الأراضي الفلسطينية، بل تجاوزته إلى أزمات تلوح بحروب بين دول شرق آسيا، يبرز مشروع «ممر النقل الدولي من الشمال إلى الجنوب»، والذي أطلق سنة 2002، بعد توقيع اتفاق ثلاثي بين روسيا، الهند، وإيران.

هذا المشروع كان يحمل رؤية في مجال الاتصال الإقليمي، وشهد توسعا، حيث أصبح يضم لاحقا كلا من أذربيجان وأرمينيا وكازاخستان وطاجيكستان، قيرغيزستان، تركيا، ثم سوريا وبيلاروسيا وعُمان.

تقارير ووسائل إعلام آسيوية، وصفت المشروع وقتها بأن «إمكانياته لإحداث ثورة في طرق التجارة بين جنوب آسيا وآسيا الوسطى وأوروبا، واضحة بشكل متزايد».

نشرت صحيفة «Greek City Times»، تقريرا حديثا عن هذا المشروع، الذي أطلق ووضعت خطوطه العريضة، قبل تطور الأحداث في بعض الدول التي شملها المشروع. وجاء في التقرير: «ولكن نجاح مشروع الممر يعتمد إلى حد كبير على التعامل مع حالة عدم الاستقرار الإقليمي، واختيار الشراكات الاستراتيجية بحِكمة، وخاصة في ما يتعلق بحالة باكستان».

التقرير يقول إن أهمية المشروع تتمثل في الوعد الذي قُدم عند إطلاقه، والمتمثل في خفض تكاليف النقل، وتقليص مدة رحلات العبور بين روسيا والهند بشكل كبير بنسبة تصل إلى 60 بالمائة بالنسبة إلى طريق روسيا، و50 بالمائة بالنسبة إلى طريق الهند. هذا التوفير في الجهد والتكاليف، حسب التقرير دائما، سوف يؤدي إلى إعادة تشكيل ديناميكيات التجارة الإقليمية، مما يوفر بديلا قابلا للتطبيق بدلا عن الطرق البحرية التقليدية.

نتذكر جميعا الأزمة التي تسبب فيها حادث اصطدام سفينة للنقل الملاحي، مع ضفة قناة السويس، والأزمة التجارية العالمية التي أحدثها انغلاق الممر. حتى أن الاقتصاديين وصفوا الحادث كما لو أن العالم قد تعرض لأزمة قلبية، بسبب انغلاق في الشريان. وبرزت أهمية الممرات البحرية الدولية لإبقاء اقتصاد العالم على قيد الحياة، رغم التطور التكنولوجي الذي وصل إليه العالم في النقل الجوي وثورة الرحلات الجوية.

ومع هذا كله، فإن المشروع لا يزال يواجه تحديات كبيرة، رغم أنه أطلق قبل 22 سنة، والسبب الأول وراء هذه التحديات هو عدم الاستقرار الإقليمي.

الأزمة بين باكستان والهند، أثرت كثيرا على جدوى المشروع وتحقيق أهدافه. وحسب ما نشرته الصحيفة، فإن باكستان تشكل خطرا على أي مبادرة اتصال إقليمية. تدهور الوضع الداخلي في البلاد أثر على خطوط النقل البري، إذ إن الانفجار الذي وقع يوم 6 أكتوبر الجاري، بالقرب من مطار «جناح» الدولي في كراتشي، وتسبب في مقتل مواطنين صينيين وإصابة عشرة آخرين، يزيد من خطورة التحديات أمام تأمين مبادرات اقتصادية من هذا النوع.

الأحداث المشابهة التي تكررت في باكستان خلال السنوات الأخيرة، تسببت فعلا في عرقلة مشاريع وشراكات آسيوية. حتى أن بعض الدول بدأت تستثني باكستان من أجندتها بخصوص مشروع النقل الإقليمي، ومشاريع مشابهة.

وهذا ما اتضح جليا عندما نشرت روسيا دليلا يشرح «مفهوم السياسة الخارجية للبلاد لسنة 2023»، ويقول المحللون، حسب الصحيفة ذاتها دائما، إن التقرير أغفل باكستان بشكل ملحوظ عن علاقاتها ذات الأولوية الاقتصادية والسياسية على المستوى الإقليمي.

أعطى المقال مثالا على وجود أمل في تطوير شراكات تجارية في آسيا، عندما تتوفر لها الشراكات والمناخ المناسب، بارتفاع معدلات المبادلات التجارية بشكل لافت بين الهند وروسيا عبر ممر التعاون الدولي بين البلدين، وهو ما يؤكد للباحثين الدوليين والاقتصاديين أن المشروع سوف يُحقق أهدافه المتوخاة، بشكل أوسع، إن سمحت السياسة بهذا الأمر!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى