شوف تشوف

الافتتاحية

تنويم مغناطيسي

إذا كانت كل نتيجة تلزم بالضرورة عن مقدمات لها، فلابد أن تكون المقدمات جيدة حتى تفضي إلى نتيجة جيدة، وأقرب للمنطق والواقع. ولما كانت المقدمات التي استبقت عقد اجتماع قادة الأغلبية متسمة بالصراع والضربات تحت الحزام، والاختلاف في كل شيء والتنابز الإعلامي التي تختزلها «لايفات» بنكيران، فإن نتيجة أي لقاء ستكون بدون معنى وبدون روح وبدون رهانات سياسية. وهذا بالفعل ما ينطبق على اجتماع التحالف السداسي بعد شهور من «البلوكاج»، والذي خرج خاوي الوفاض، نتيجة منطقية بالنظر إلى مقدمات الحروب اللامنتهية، والتي سبقت انعقاد الاجتماع. بل إن أكبر إنجاز حققته الأغلبية هو عقد الاجتماع في حد ذاته، أفضى إلى صياغة بلاغ مصنوع من لغة الخشب لا تصلح سوى للحرق، منمقة بقاموس بالكذب المغلف الذي يداري حقيقة الواقع، والمدح الكاذب الذي يخفي واقع الهشاشة والنفاق السياسي الذي يعوض نظرية المؤامرة وغياب الثقة بين مكونات الائتلاف الحكومي.
المشكلة الحقيقية أن هناك وهما كبيرا مازال يراود قادة أحزاب الأغلبية في محاولة لإقناع الرأي العام بكونهم يشتغلون في تجانس وحب ووئام كالجسم الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. بينما الجميع مقتنع بأننا أمام أغلبية ولدت ميتة رغم محاولات بعثها بين الفينة والأخرى من حالة الموات التي تعيشها، لكن يظهر عند كل اختبار أن لغة التمويه وتزييف الحقائق لا تصمد أمام حقيقة هشاشة التحالف الحكومي الذي يجبره القدر السياسي على الاستمرار ويفرض على مكوناته العيش سويا وسط البيت الحكومي المتفكك.
للأسف، ففي اللحظة التي يحتاج فيها المغاربة إلى حكومة سياسية متجانسة تشبع مطالبهم وتدافع عن حقوقهم، وتنزع فتيل القنابل الاجتماعية القابلة للانفجار، وجدوا أنفسهم أمام كيان سياسي هجين لا يصلح لشيء سوى تمرير أقسى القرارات التي لم تستطع حكومة أخرى تنفيذها. وجد المغاربة أنفسهم أمام حكومة تنتقم من المواطن وتتحدث عن إنجازات حكومية وبرلمانية تصعب رؤيتها بالعين المجردة، وتحقيق معجزات اجتماعية لم تحدث، حيث صحراء الفقر تزحف على الجميع والبطالة متراكمة، والأمية متضاعفة، ورقعة الاحتجاجات متسعة، وشعاع الأمل في غد أفضل يضيق.
ومع ذلك، يخرج علينا بلاغ الأغلبية ليقول لنا إن كل شيء على ما يرام، وإننا قوم أعزنا القدر السياسي بأغلبية «البيجيدي»، فان ابتغينا العزة السياسية في غيرها عشنا الذل والهوان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى