طانطان: محمد سليماني
أدى حريق مهول إلى إتلاف 96 خيمة مخصصة للضيوف بموسم طانطان، تم نصبها بمصب وادي درعة، بنفوذ الجماعة الترابية بن خليل.
واستنادا إلى المعطيات، فإن الخيام تخصص في العادة للضيوف المميزين، حيث يتم نصبها في مكان يلتقي فيه وادي درعة بالشاطئ، غير أن النيران القوية أدت إلى إتلاف الخيم، وخلق هلع في صفوف المنظمين بفعل امتداد ألسنة اللهب إلى مساحة كبيرة.
ومن حسن الحظ أن النيران اندلعت في الخيام في وقت لم يحل بعد زوار الموسم بهذا الفضاء، الأمر الذي لم يخلف خسائر بشرية، رغم أن النار حولت الخيام إلى رماد، حيث لم تتبق سوى الهياكل الحديدية.
ورغم تناسل الإشاعات حول أسباب هذا الحريق، وافتراض أنه من تدبير بشري، إلا أن مصدرا مطلعا كشف لـ«الأخبار» أن السبب الوحيد لهذا الحريق الضخم هو تماس كهربائي، ذلك أنه تم ربط الخيام المنصوبة بشكل دائري متسلسل بالتيار الكهربائي، حيث إن تماسا وقع بإحدى الخيم أدى إلى احتراقها ليمتد بعد ذلك نحو باقي الخيام المتتالية. وقد تدخلت عناصر الوقاية المدنية، حيث تمت السيطرة على الحريق بعد جهد جهيد.
وكانت السلطات الأمنية قد فتحت تحقيقا بخصوص أسباب هذا الحريق الذي كاد أن ينهي النسخة السادسة عشرة من موسم طانطان قبيل انطلاقته، حيث جرى إيقاف بعض الأشخاص والبحث معهم حول أسباب اندلاع النيران، وما إن كان الأمر بفعل فاعل، خصوصا وأن شريحة عريضة من فعاليات المدينة تعارض طريقة تدبير هذا الموسم، إلا أن مجريات البحث انتهت إلى كون التماس الكهربائي هو السبب.
وحسب المعطيات، فقد قرر منظمو موسم طانطان نقل الضيوف، الذين كان مفترضا أن يستقروا طيلة أيام الموسم بمصب وادي درعة نحو أحد الفنادق المصنفة بمدينة كلميم البعيدة بـ120 كيلومترا عن طانطان. ومن المقرر أن يتنقل هؤلاء الضيوف ما بين كلميم وطانطان طيلة أيام الموسم، بعد تعذر إيجاد حل بديل لإيوائهم بطانطان.
يشار إلى أن نسخة هذه السنة من موسم طانطان قد انطلقت فعالياتها يوم الجمعة الماضي، وذلك تحت شعار «موسم طانطان تثبيت للهوية ورافعة للتنمية المستدامة»، بعد توقف دام ثلاث سنوات على التوالي، بسبب الأزمة الصحية التي فرضها وباء «كوفيد- 19».
وتروم النسخة الحالية من الموسم، حسب «مؤسسة ألموكار»، تسليط الضوء على غنى وتنوع التراث الثقافي غير المادي الذي تزخر به بلادنا والمندرج ضمن لائحة التراث غير المادي العالمي المصنف من قبل منظمة اليونسكو، وأيضا حماية التراث غير المادي والمحافظة عليه، تفعيلا لمضامين الرسالة الملكية في أشغال الدورة السابعة عشرة للجنة الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، التي انعقدت في نونبر الماضي بالرباط.
ويتميز برنامج النسخة السادسة عشرة للموسم بتنوع الأنشطة وغنى الفقرات الثقافية والفنية والرياضية والسوسيو اقتصادية طيلة أيام هذه التظاهرة الثقافية والتراثية الأصيلة، حيث ستقام عروض من «التبوريدة» وسهرات فنية وموسيقية، بطانطان والوطية، تحييها عدد من الفرق الموسيقية والفنية المحلية والوطنية والعالمية. كما تنظم سباقات للهجن بشراكة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وستشهد ساحة «السلم والتسامح» عروضا لأشكال تراثية غير مادية التي تزخر بها المنطقة.
يشار إلى أن منظمة اليونسكو صنفت موسم طانطان عام 2005، ضمن «روائع التراث الشفهي غير المادي للإنسانية»، والذي تم تسجيله عام 2008 ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، ذلك أنه يجسد فرصة للتلاقي من أجل الاحتفال بمختلف التعابير الثقافية للمنطقة ومظهرا من مظاهر المحافظة وتعزيز التراث غير المادي، الذي يؤصل للتقاليد العريقة التي تتميز بها القبائل الصحراوية ولارتباطها التاريخي بالمملكة الشريفة.