محمد وائل حربول
قضت مجموعة من الأحياء بمقاطعة المدينة العتيقة بمراكش، ليلتها أول أمس، بدون أضواء، بعدما انطفأت المصابيح الخاصة بالإنارة العمومية التي تدبرها شركة «حاضرة الأنوار»، حيث أفاد عدد من المشتكين لـ «الأخبار» بأن هذا الحادث تكرر مرارا خاصة بمنطقة باب اغمات وشارعها الرئيسي الذي انطفأت فيه الأضواء كليا يوم الثلاثاء الماضي، ما جعل السكان ينتفضون على سوء تدبير هذا القطاع من طرف المجلس الجماعي للمدينة، ومن طرف الشركة المذكورة المعهود إليها بتدبير القطاع.
واستنادا إلى بعض الشكايات التي توصلت بها الجريدة، فإن تكرار انقطاع الإنارة العمومية بشوارع مناطق متعددة وسط المدينة العتيقة ومنطقة سيدي يوسف بن علي، أجبر السكان على البقاء بمنازلهم تخوفا من تعرضهم للسرقة، خاصة وأن أحياء باب اغمات شهدت في الآونة الأخيرة إلقاء القبض على عدد من السارقين والمجرمين ذوي السوابق القضائية من طرف رجال الأمن، كما أكدت الشكايات ذاتها أن انطفاء الأنوار تسبب في توقف كلي للأنشطة الاقتصادية والتجارية، ما جعل السكان يوجهون أصابع الاتهام للمسؤولين عن ملف الإنارة العمومية بالمدينة الحمراء.
وفي هذا الصدد، خرجت فعاليات حقوقية للتعبير عن غضبها من تردي خدمات قطاع الإنارة العمومية الذي تديره شركة «حاضرة الأنوار»، إذ دخلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش في الموضوع، حيث استنكرت بشكل كبير ما اسمته «الفشل الذريع لمراكش حاضرة الأنوار، والذي لم يرق إلى التعهدات والاتفاقات والوعود المعلنة أثناء تفويض قطاع الإنارة العمومية بمراكش، من خلال اعتماد شراكة بين المجلس الجماعي وخلق شركة «حاضرة الأنوار» بمساهمة 61 في المائة للمجلس الجماعي لمدينة مراكش والشركة الإسبانية «إنيغيتيكا» بنسبة 39 في المائة».
واعتبر حقوقيو المدينة الحمراء، أن فشل المشروع يتجلى في ارتفاع كلفة استهلاك الطاقة الكهربائية بدل خفضها بنسبة 20 في المائة سنة 2019 والاستمرار في خفض التكلفة في السنوات اللاحقة، حيث تم التأكيد على أن العكس هو الذي حصل، إذ ارتفعت تكلفة الإنارة العمومية بشكل كبير، ما أسهم في «اتساع دائرة الخصاص في العديد من الأحياء والمقاطع الخطيرة كنقطة محطة التصفية العزوزية، ناهيك على اعتماد المصابيح الاقتصادية دون دراسة تقنية وفنية مما جعل الظلام يسيطر في عدة مناطق بالمدينة.
وذكر الحقوقيون ذاتهم، أن قطاع الإنارة العمومية بمراكش يشهد «تكاثر الأعطاب وتواترها واعتماد سياسة الترقيع (البريكولاج) عند الإصلاح»، ناهيك عن تأخر الاستجابة لنداءات الساكنة، والانقطاعات المتكررة للكهرباء وغيرها من الاختلالات التقنية التي تبين المشروع الذي تم منذ 2018 على أنه «متعثر وفاشل في جدواه وأهدافه، وأن هذا الفشل يضر كثيرا بمصالح الساكنة وسلامتها’.
وعلى إثر كل هذه الأزمات التي خلقها قطاع الإنارة العمومية بمراكش، طالبت الجمعية المذكورة وعدد من الفعاليات الحقوقية بالمدينة الجهات المختصة بإجراء افتحاص مالي لميزانية الشركة خاصة أنها استفادت من قروض ضخمة لأجل الاستثمار، وإجراء دراسة تقنية احترافية لإعادة هيكلة الإنارة العمومية بشكل يحترم المعايير المعمول بها، وينتج فائض قيمة لتقليص تكلفة الطاقة الموجهة للإنارة العمومية، إضافة إلى تجاوز منطق الترقيع وتزويد كافة أحياء المدينة ومداخلها بالإنارة العمومية تستجيب لتطلعات المواطنين وتؤمن الديمومة والمساواة المجالية.
ودعت الفعاليات ذاتها، إلى تقوية الرقابة القبلية والبعدية على الشركة ومدى احترامها للشفافية وحسن التدبير والتسيير، كما ناشدت المسؤولين بالتدخل العاجل لحماية المال العام من الهدر ومحاسبة كل مخل بالتزاماته وما يفرضه كناش التحملات، مؤكدين في هذا الإطار على أهمية دور المجلس الجماعي للمدينة ومسؤوليه في توفير إنارة عمومية في المستوى بالمدينة، وضمان حق المواطنات والمواطنين في هذه الخدمة التي تندرج ضمن الخدمات الأساسية التي لا يمكن التماطل في توفيرها بالجودة والفعالية المطلوبتين والتكلفة المعقولة.