تقرير مفتشية الداخلية يكشف تلاعب رؤساء “البيجيدي” بالمال العام
محمد اليوبي
كشف التقرير الذي أنجزته لجنة افتحاص مشتركة بين المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية والمفتشية العامة للمالية بوزارة الاقتصاد والمالية، إهدار المال العام في صفقات أنجزتها جهة الرباط سلا القنيطرة، التي يترأسها القيادي بحزب العدالة والتنمية عبد الصمد السكال.
وتبين من خلال افتحاص عينة من الصفقات، خاصة تلك المتعلقة ببرنامج التنمية الجهوية وبالتصميم الجهوي لإعداد التراب، أن تقدير كلفة الأعمال لم يعتمد على معايير دقيقة تأخذ بعين الاعتبار على سبيل المثال تحملات العمل لكل من أعضاء فريق المشروع حسب الاختصاصات المطلوبة والمدة الزمنية المحددة لكل مهمة، بحيث إن الطريقة المعتمدة لتقدير قيمة هذه الصفقات تنحصر في تفصيل التقييم حسب المهام المذكورة في دفتر الشروط الخاصة.
وأشار التقرير إلى أن عدم الدقة في تقدير كلفة الأعمال من شأنه أن يكون سببا في المبالغة في المبلغ التوقعي للصفقات، وبالتالي عقد صفقات بكلفة مرتفعة، علما أن المتنافسين يسعون في عرضهم المالي إلى اقتراح مبالغ تقترب بشكل كبير من تقدير صاحب المشروع، وذكر التقرير على سبيل المثال، الصفقة الخاصة بالتصميم الجهوي لإعداد التراب التي تم تقدير قيمتها في مليوني درهم، وأكد التقرير أن هذا التقدير مبالغا فيه، خصوصا أن الجهتين السابقتين (الرباط سلا زمور زعير وجهة الغرب الشراردة بني احسن)، اللتين تشكلان الجهة الحالية، كلاهما تتوفران على تصميم جهوي لإعداد التراب، تم إعدادهما في غضون سنة 2015، مما يسهل مهمة نائل الصفقة، حيث سيعتمد بشكل كبير على تحيين معطيات التصميمين وجمعهما حسب التقسيم الترابي الجديد، كما أن تقرير المرحلة الأولى لا يختلف كثيرا في مضمونه، المفصل في دفتر الشروط الخاصة، عن المذكرة التقنية التي هي من بين الوثائق المطلوبة في ملف العرض التقني، لذا، فإن مبلغ 200 ألف درهم برسم المرحلة الأولى لا يستند على أسس دقيقة وعقلانية، يقول التقرير.
وسجل التقرير إقصاء بعض المتنافسين على الصفقة المتعلقة ببرنامج التنمية الجهوية في خرق لمقتضيات “نظام الاستشارة”، وضعف صياغة ضوابط التقييم والتنقيط بالنسبة لنظام الاستشارة الخاصة بالصفقة، بالإضافة إلى وجود أخطاء في تقييم العرض التقني للمتنافسين، حيث لم يتم إعطاء أية نقطة للخبير في مجال النقل والحركية عن فريق أحد المتنافسين على الصفقة، رغم أن سيرته الذاتية تشير إلى أنه يتوفر على 18 سنة من الخبرة في هذا المجال، وعلى شهادة مهندس من المدرسة الوطنية للقناطر والطرقات بباريس، ونفس الملاحظة تم تسجيلها فيما يخص الخبير في مجال البيئة والتنمية المستدامة عن نفس المتنافس، إذ أن سيرته الذاتية تشر إلى أنه يتوفر على 21 سنة من الخبرة وعلى دبلوم الدراسات المعمقة في مجال البيئة والتهيئة وعلى دكتوراه في نفس المجال، ورغم ذلك لم تمنحه لجنة التقييم أي نقطة، فيما تم منح نقط غير مستحقة في إطار تقييم العرض التقني لنائل الصفقة المتعلقة بالتصميم الجهوي لإعداد التراب.
وتبين من خلال افتحاص النفقات عن طريق الصفقات عدم توفر مصالح الجهة على سجل الأوامر بالخدمة الخاص بالدراسات بالنسبة لسنة 2016، حيث أنه، وإلى تاريخ انتهاء لجنة التدقيق من مهمتها بالجهة، فإن مصالح الجهة لم تتمكن من تزويد اللجنة بالسجل المذكور، كما تم الوقوف على بعض العيوب على مستوى إعداد هذه الأوامر، كما لم تتم موافاة لجنة التدقيق بأي وثيقة تثبت لجنة تتبع بعض الصفقات أو عقدها اجتماعات في الموضوع رغم أن المادة 33 من دفتر الشروط الخاصة تشير إلى أن جهاز تتبع الدراسة يتضمن لجنتين للقيادة والتتبع، كما لم تتوصل لجنة التدقيق بأي وثيقة تخص تحديد أعضاء لجنة القيادة.
وأشار التقرير إلى أن مجموع نفقات الجهة عن طريق العقود والاتفاقيات، بلغ ما يناهز 10 ملايير و146 مليون سنتيم، وبعد افتحاص عينة من النفقات المنجزة، بغرض التأكد من مطابقة المسطرة المتبعة للقانون المعمول به في هذا المجال، سجلت لجنة الافتحاص مجموعة من الاختلالات، أهمها، إبرام اتفاقيات لا تدخل ضمن مجال اختصاص الجهة، بالإضافة إلى وجود بعض النواقص في صياغة بعض الاتفاقيات، والالتزام ببعض النفقات قبل التوقيع على الاتفاقيات الخاصة بها من طرف جميع الأطراف، من جهة، وتأخر الجهة في الوفاء ببعض التزامتها المالية برسم الاتفاقيات السارية المفعول من جهة أخرى، كما وقفت لجنة التدقيق على تلاعبات في بعض الصفقات، من خلال تجزيء الإلتزام ببعض النفقات المتعلقة بسنة معينة على مرحلتين عوض الإلتزام بها دفعة واحدة.