محمد اليوبي
تقدمت الجمعية المغربية لحماية المال العام، بشكاية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، من أجل فتح تحقيق في الاختلالات والخروقات التي عرفتها بلدية الفقيه بنصالح في عهد رئيسها الحالي، محمد مبديع، الوزير السابق ورئيس فريق الحركة الشعبية بمجلس النواب، وذلك على ضوء التقرير الذي أنجزته المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية.
وأوضح بلاغ صادر عن الجمعية، أن فرعها الجهوي بالدار البيضاء وضع الشكاية لدى النيابة العامة قبل وضع شكاية مماثلة للمطالبة بفتح تحقيق بشأن اختلالات بلدية بني ملال، التي كان يترأسها البرلماني الحركي، أحمد شدا، الذي تم عزله بموجب حكم صادر عن المحكمة الإدارية. وأضاف البلاغ أن الشكاية الثانية أحيلت على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي استمعت في مستهل أبحاثها إلى رئيس الفرع الجهوي للجمعية في حين ظل مصير شكاية الفرع الجهوي بخصوص بلدية الفقيه بنصالح مجهولا لحدود الآن. وطالب البلاغ بالكشف عن أسباب عدم إحالة الشكاية الأولى بغض النظر عن مواقع ومسؤوليات بعض الأشخاص وعلاقاتهم النافذة. وطلبت الجمعية من الوكيل العام ورئاسة النيابة العامة التدخل العاجل طبقا للقانون وفي إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتفعيل دورية رئيس النيابة العامة الموجهة لوكلاء الملك والوكلاء العامين للملك من أجل التصدي للفساد والرشوة والمساهمة في تخليق الحياة العامة، والمطالبة بإحالة قضية بلدية الفقيه بنصالح على الشرطة القضائية المختصة قصد إجراء البحث التمهيدي.
وأنجزت المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية تقريرا أسود حول مهمة الافتحاص التي قامت بها لجنة تضم مفتشين من الوزارة، يتضمن العديد من الخروقات والاختلالات في تفويت الصفقات بجماعة الفقيه بنصالح، ومن بينها صفقات التأهيل الحضري للمدينة، والتي كلفت الملايير من المال العام. وسجل التقرير إبرام صفقة للدراسات غير محددة في المبلغ ولا في أجل التنفيذ مع تجمع يضم شركتين، خلافا للمقتضيات التنظيمية، وتم إبرام صفقة للدراسات تحمل رقم 05-2006 مع التجمع، والتي لازالت مفتوحة إلى غاية إنجاز مهمة الافتحاص، حيث إن دفتر الشروط الخاصة لم يحدد أجلا أو مبلغا لإتمام الصفقة، ما يتنافى مع مرسوم الصفقات العمومية.
وأشار التقرير إلى أن مجموع المبلغ المؤدى لنائل الصفقة بلغ مليارين و974 مليون سنتيم، مؤكدا استحالة تقييم الملف التقني للمتنافسين من طرف لجنة طلب العروض، نظرا لعدم تحديد القيمة التقديرية للصفقة وكلفة الأشغال موضوع برنامج التهيئة الحضرية. كما رصدت لجنة الافتحاص احتواء نظام الاستشارة على مقاييس تقييم عروض المتنافسين تمييزية لصالح الشركتين، فضلا عن أن قيمة الضمان المؤقت المحددة في 5 آلاف درهم تظل جد ضئيلة مقارنة مع أهمية الأعمال المزمع إنجازها وعدم طلب الضمان النهائي، ما يعرض صاحب المشروع لمخاطر كثيرة، خاصة أن نائل الصفقة حصل في الأداء الأول على مبلغ 720 مليون سنتيم.
وسجلت لجنة الافتحاص، كذلك، وجود خروقات واختلالات في صفقات الأشغال، حيث يشترط نظام الاستشارة بين المتنافسين تقديم عرض تقني بالنسبة لكل الصفقات التي تبرمها الجماعة رغم أن أغلبها لا تبرره الطبيعة الخاصة للأعمال المراد إنجازها اعتبارا لعدم تعقدها أو للوسائل التي يتعين استعمالها لإنجازها، خلافا لأحكام القانون المتعلق بالصفقات العمومية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، أشغال تهيئة الملاعب الرياضية، وأشغال التهيئة الحضرية وبرنامج التأهيل الحضري (حصص التبليط والطرق والتطهير، والإنارة العمومية، والمساحات الخضراء)، وأشغال إصلاح المقبرة وأشغال إصلاح تجهيزات الإنارة العمومية وأشغال تهيئة أماكن الاستجمام، كما يشترط نظام الاستشارة الخاص بالصفقات (12-2014، و14-2014، و6-2016، و7-2016، و8-2016، و9-2016)، على المتنافسين تقديم عينات، وهو ما اعتبره تقرير الداخلية عملا تمييزيا وغير متناسب مع محتوى الأعمال ودون صلة مباشرة بموضوع الصفقة المراد إبرامها، خلافا لأحكام قانون الصفقات العمومية، مشيرا إلى أن هذه المواد لم يتم تنفيذها في مرحلة إنجاز الصفقات المذكورة رغم أنها كانت وراء إقصاء بعض المتنافسين.