تقاطعات الإرهاب والانفصال
لم يبالغ ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أول أمس السبت، في مالابو، خلال القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي حول مكافحة الإرهاب، حينما أكد على أن التهديد الإرهابي في إفريقيا أصبح أكثر عدوانية، وأن منظومة الإرهاب تتطور لتصبح صلة وصل مؤكدة بين الإرهاب والانفصال. والحقيقة أن علاقة الإرهاب والتطرف بالحركات الانفصالية أصبحت تشكل تهديدا خطيرا للسلام والأمن وسيادة ووحدة الدول، وتقف سدا منيعا أمام تطوير علاقات الصداقة والتعاون بين دول إفريقيا.
إن اقتران الإرهاب بالانفصال أصبح حقيقة واضحة، للأسف تحظى برعاية بعض الدول كالجزائر لا سيما في منطقة الساحل والصحراء، التي ترعى على أراضيها عملية اختلاط جبهة البوليساريو الانفصالية بالمشروع الإرهابي لفرع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والقاعدة في منطقة الساحل والصحراء وأوهام المشروع الإيراني وجماعة بوكو حرام، وحركة الشباب الصومالية، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين..)، بل تذهب المعطيات الاستخباراتية إلى التحذير من وجود أكثر 27 تنظيما إرهابيا وانفصاليا تنشط داخل منطقة الصحراء على مقربة من الحدود المغربية الموريتانية وداخل أراضي الجزائر ومالي وبوركينافاسو.
ومن هنا أصبحت الحاجة ماسة إلى ضرورة إثارة الدبلوماسية المغربية أنظار المنتظم الدولي لخطر توطين الإرهاب داخل مخيمات تيندوف ومنطقة الساحل، ودعوته لتحمل مسؤوليته في تفكيك المخططات الإرهابية التي لها صلة بهذا الكيان غير الشرعي، قبل أن يحكم الإرهاب قبضته على هذه المنطقة.
لقد نهجت الدولة المغربية طيلة عقود من النزاع المفتعل استراتيجية تنموية واقتصادية وأمنية للحماية من وصول الإرهاب والتطرف إلى أبواب الصحراء المغربية، لكن النظام الجزائري وصنيعته البوليساريو كانا يعتمدان على نهج استراتيجية مضادة، هدفها الأول هو إقامة زواج غير شرعي بين الانفصال والإرهاب للدفع بالتوتر الإقليمي إلى أقصى مدى، لهذا لا زال أمام بلدنا طريق طويل وشاق في مواجهة هذا الخطر، وإنْ كسبت البلاد، شعبا وأمنا وجيشا ومؤسسات، الشّطر الأعظم منه.
لذلك على العالم أن يتحرك بسرعة ونجاعة قبل أن تتحول الدول الهشة في إفريقيا إلى مستعمرة للحركات الإرهابية تحت يافطة الانفصال السياسي وتقرير المصير المفترى عليهما، خصوصا أن المكتب الأمريكي لمكافحة الإرهاب أعلن، في آخر تقرير له، أن عدد الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل ارتفع بنسبة 43٪ بين عامي 2018 و2021، وأن ضحايا الإرهاب بهذه المنطقة يمثلون 48٪ من الوفيات العالمية المرتبطة بالإرهاب.
إذن العالم أمام مسؤوليته، فإما أن يقتنع بأن الإرهاب والانفصال وجهان لعملة واحدة، أو ينتظر الخراب والدمار الذي قد يبتدئ بإفريقيا لكن لا نعلم أين سيصل بعد ذلك.