تفجير الطائرة المصرية.. روسيا والأسد أكبر المستفيدين
جاءت عملية تفجير الطائرة التابعة للخطوط الجوية المصرية جنوب جزيرة كريت اليونانية، مفاجأة «غير سارة»، وفي التوقيت الخطأ، بالنسبة إلى المعارضة السورية المسلحة، والدول الداعمة لها، خاصة المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر، لأنها ستعمق قناعة الدول العظمى، بأن إعطاء الأولوية لمحاربة الإرهاب وجماعاته يجب أن يتقدم على جميع الأولويات الأخرى، وأبرزها إطاحة نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
كان لافتا أن هذه العملية التفجيرية شبه الغامضة حتى الآن، لعدم إعلان أي جهة المسؤولية عن تنفيذها، وهزت صناعة الطيران المدني العالمية، جاءت في الوقت الذي باتت تشعر فيه المملكة العربية السعودية بحالة من الإحباط واليأس، بسبب فشل اجتماع فيينا الأخير لمجموعة دول مساندة سورية 22 دولة بقيادة أمريكا وروسيا في تحديد أي موعد جدي لاستئناف المفاوضات بين أطراف الأزمة السورية.
ففي الوقت الذي أكد فيه البيان الختامي لهذا الاجتماع الصادر يوم الثلاثاء الماضي على ضرورة إعطاء الأولوية للسلام، وتجنب أي تصعيد عسكري، خرج السيد عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي على الصحافيين، مؤكدا أن الوقت قد حان «لتطبيق الخطة B في سورية»، مكررا تصريحاته الأثيرة إلى قلبه، وباتت حقوق ملكيتها الفكرية له، وهي «أن الرئيس السوري بشار الأسد بات أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الذهاب من خلال عملية سياسية، أو بالقوة العسكرية».
السيد أسعد الزعبي، رئيس الوفد السوري المفاوض في جنيف، الذي يمثل ما بات يعرف بـ«معارضة الرياض» قال «إن تحالفا عسكريا سوريا جديدا جرت إقامته في الشمال السوري على غرار نظيره الجنوبي، وستكون مهمته تطبيق الخطة B التي أشار اليها السيد عادل الجبير، في حال فشل عملية جنيف التفاوضية، لإنقاذ الشعب السوري، وأن الجهود مستمرة لتوحيد الفصائل الأخرى، التي بقيت خارج التحالف الجديد، وإزالة الخلافات التي أدت، وتؤدي، إلى الصادمات الأخيرة بين فصائل الغوطة الشرقية.
تصريحات السيدين الجبير والزعبي أدلى بها إلى صحيفة الشرق الأوسط، تؤكد مجددا أن مستقبل الرئيس الأسد مازال العقبة الرئيسية التي تقف في طريق أي تقدم في العملية السياسية، فروسيا ما زالت تعارض بقوة أي محاولة للتوصل إلى تسوية سياسية تقوم على أساس رحيل الأسد، وقال سيرغي لافروف وزير خارجيتها أول أمس «نحن لا نؤيد شخصا بعينه.. نحن نؤيد الحرب ضد الإرهاب، ولا نرى أن هناك بديل افضل لتحقيق هذا الهدف غير الجيش العربي السوري».
لا يخامرنا أي شك أن لافروف سيقول، وبعد تفجير الطائرة المدنية المصرية، ألم أقل لكم أن رؤيتنا صحيحة منذ البداية، وأن أولوياتنا في مكانها الحقيقي، وهذه الأقوال ستكون موجهة إلى المثلث السعودي التركي القطري، وراعيه الأمريكي أيضا.
حديث السيد الجبير حول الخطة B جاء في الوقت الخطأ في رأي الكثيرين من حلفاء بلاده، وعلى رأسهم النظام المصري، الذي قدمت السعودية أكثر من 25 مليار دولار لشراء ولائه، وإبعاده عن المحور السوري الايراني، فالخطة التي يتحدث عنها، تتضمن تزويد المعارضة السورية المسلحة، ومن ضمنها فصائل إسلامية متشددة بالصواريخ المضادة للطائرات والدبابات، الأمر الذي قد يواجه بمعارضة أمريكية شرسة، ورد فعل روسي غاضب جدا، قد يترجم على شكل تزويد الجيش السوري بصواريخ «إس 300» المضادة للطائرات الأمريكية والسعودية والتركية أيضا، وتعيد القصف الجوي «النوعي» لفصائل المعارضة السورية، أي تغول روسي أكبر وأعمق، في الأزمة السورية.
نستغرب تصريحات السيد الجبير هذه وتوقيتها، ولماذا جاءت الخطة B التي يتحدث عنها منذ خمس سنوات الآن، ولماذا لم يطبقها عندما كانت أجهزة إعلام بلاده تتحدث عن حرق مدينة حلب وأهلها أحياء من جراء قصف الطائرات السورية؟
جميع هذه التصريحات حول الخطة B هي لتضليل الشعب السوري وخداعه، ولا أكثر ولا أقل، فالسعودية غارقة حتى أذنيها في ملفات شائكة، ابتداء من قضاياها الأمنية الداخلية المتفاقمة، ومرورا بحرب في اليمن، وانتهاء بالملاحقات القانونية الأمريكية التي يجري تحضيرها لها في ملف تفجيرات سبتمبر، وهي قادمة لا محالة.
هناك مثل شعبي يقول «لو بدها تشتي لغيمت»، وهذا المثل ينطبق على السعودية وحلفائها في سورية، فقد سمع الشعب السوري، الضحية، الكثير من هذه الخطط بكل أحرف اللغة العربية، وما زال الملايين منه، إما في المقابر، أو مخيمات اللجوء، أو بين البينين.