محمد اليوبي :
تدارس مجلس الحكومة، في اجتماعه أمس الخميس، صيغة جديدة لمشروع القانون المتعلق بالعقوبات البديلة، والذي يأتي في إطار إصلاح المنظومة القانونية الجنائية للحد من ظاهرة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية.
وأوضحت المذكرة التقديمية للمشروع أنه يأتي لمواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال الحريات والحقوق العامة من خلال فرض بدائل للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة والحد من آثارها السلبية وفتح المجال للمستفيدين منها من أجل الاندماج داخل المجتمع والتأهيل من جهة، ومن جهة أخرى المساهمة في الحد من مشكل الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية وترشيد التكاليف. وما يشجع على هذا التوجه، تضيف المذكرة، المعطيات الإحصائية المسجلة بخصوص الساكنة السجنية والتي تفيد بأن ما يقارب نصفها محكوم عليهم بأقل من سنة، حيث شكلت هذه العقوبات سنة 2020 نسبة 44.97 بالمائة.
وعرف مشروع العقوبات البديلة بالعقوبات التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها خمس سنوات حبسا نافذا، وتخول للمحكوم عليه تنفيذ بعض الالتزامات المفروضة عليه مقابل حريته وفق شروط محكمة. وتم إقرار مجموعة من العقوبات البديلة بعد الاطلاع على العديد من التجارب المقارنة ومراعاة خصوصية المجتمع المغربي لكي تكون ناجعة وقابلة للتنفيذ وتحقق الغاية المتوخاة منها، وتم استثناء الجرائم التي لا يحكم فيها بالعقوبات البديلة نظرا لخطورتها وأخذا بعين الاعتبار حالات العود التي لا يتحقق فيها الردع المطلوب.
وحسب المذكرة، تعتبر عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة أحد أهم البدائل التي تبنتها السياسات العقابية المعاصرة كبديل عن العقوبات السالبة للحرية خاصة قصيرة المدة، وهي العقوبة التي تصدرها جهة قضائية مختصة تتمثل في قيام الجاني بعمل يعود بالفائدة على المجتمع تكفيرا عن الخطأ الذي صدر منه دون أن يتقاضى أجرا على ذلك العمل. واشترط المشروع في العمل بهذا البديل بلوغ المحكوم عليه من 15 سنة كأدنى حد من وقت صدور الحكم وأن لا تتجاوز العقوبة المنطوق بها خمس سنوات حبسا نافذا، كما اعتبر العمل المحكوم به لأجل المنفعة العامة عملا غير مؤدى عنه وينجز لفائدة مصالح الدولة أو مؤسسات أو هيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة أو المؤسسات العمومية أو المؤسسات الخيرية أو دور العبادة أو غيرها من المؤسسات أو الجمعيات أو المنظمات غير الحكومية العاملة لفائدة الصالح العام لمدة تتراوح بين 40 و1000 ساعة، كما خص المحكمة بتحديد ساعات العمل لأجل المنفعة العامة. أما بالنسبة للأحداث، فإن العمل لأجل المنفعة العامة لا يعمل به في حالة الأشخاص الذين هم دون 15 سنة، لكن في حال قررت المحكمة الحكم بعقوبة حبسية وفقا للمادة 482 من قانون المسطرة الجنائية، يمكن للحدث أن يستبدلها بعقوبة العمل لأجل المنفعة العامة.
وتعتبر المراقبة الإلكترونية من الوسائل المستحدثة في السياسة العقابية ومن أهم ما أفرزه التقدم التكنولوجي الذي انعكس بدوره على السياسة العقابية في معظم الأنظمة العقابية المعاصرة التي أخذت به. وأشارت المذكرة إلى أن تطبيق نظام المراقبة الإلكترونية يعلق قدرا كبيراً من التوازن بين حقوق وحريات الأفراد والمصلحة العامة المتمثلة في سعي الدولة إلى زجر مرتكب الجريمة.
وأوضحت المذكرة التقديمية للمشروع أن نظام المراقبة الإلكترونية هو أحد أهم بدائل العقوبات السالبة للحرية ومن شأنه تجنب مساوئ العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، ويترتب على هذا النظام إطلاق سراح المحكوم عليه في الوسط الحر مع إخضاعه لعدد من الالتزامات ومراقبته عن بعد، ويتحقق ذلك فنيا عن طريق ارتداء المحكوم عليه قيدا إلكترونيا يوضع بمعصم المعني بالأمر أو ساقه أو على جزء آخر من جسده بشكل يسمح برصد تحركاته داخل الحدود الترابية المحددة له.
وتتجلى العقوبة البديلة الثالثة في تقييد بعض الحقوق وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، واشترط المشروع للعمل بهذا البديل في الحالات التي لا تتجاوز مدة العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها خمس سنوات، حيث ينص على أنه يمكن للمحكمة أن تحكم بالعقوبة المقيدة لبعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، بديلا للعقوبات السالبة للحرية، وينص المشروع على اختبار المحكوم عليه والتأكد من استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج.