100 مشروع للتحول الرقمي وتطوير البنيات التحتية وتحويل المطارات الكبيرة إلى وحدات أعمال
مباشرة بعد تعيينها مديرة عامة على رأس المكتب الوطني للمطارات في فبراير 2021، قامت حبيبة لقلالش بإنجاز تشخيص استراتيجي للمؤسسة، أسفر هذا التشخيص عن رصد كل الاختلالات والنواقص، وبناء عليه تم وضع المخطط الاستراتيجي الجديد 2021- 2025 «Envol 2025»، تمت المصادقة عليه من طرف المجلس الإداري بتاريخ 28 يوليوز 2021، حيث يهدف هذا المخطط إلى تجسيد التوجهات الجديدة للمكتب في أن يكون مؤسسة تجعل من الزبون مركز اهتماماتها، مع الاستجابة لأعلى المعايير الدولية في ما يخص خدمات الملاحة الجوية، وتطوير واستغلال المطارات.
إعداد: محمد اليوبي
قامت المديرة العامة، حبيبة لقلالش، منذ تعيينها على رأس المكتب الوطني للمطارات في فبراير 2021 بإنجاز تشخيص استراتيجي للمؤسسة، أخذا بعين الاعتبار الوضع الجديد الذي فرضته الجائحة، من أجل الحصول على صورة واضحة ومتكاملة عن جوانب القوة والضعف لدى المؤسسة، والوقوف على الفرص والتهديدات المحتملة، وبالتالي إيجاد الحلول الممكنة أو البديلة التي من شأنها تمكين المؤسسة من تجاوز الصعاب والمخاطر المحتملة واستغلال الفرص المتاحة، حيث أفضى هذا التشخيص الاستراتيجي إلى وضع خارطة طريق جديدة للسنوات الخمس المقبلة، لتمكين المكتب من الصمود في مواجهة الأزمة، والتعافي من تداعياتها، واستئناف النشاط بشكل أقوى وأكثر تنافسية من ذي قبل.
التحول الرقمي
تبين من خلال الأزمة الصحية لـ«كوفيد- 19» أن التحول الرقمي المستعجل لم يعد خيارا بل ضرورة، وفي هذا الإطار، وضع المكتب برنامجا طموحا يرتكز حول محورين رئيسيين، يتعلق الأول برقمنة مسار المسافر وتدبير الأمتعة عن طريق استعمال التكنولوجيات الحديثة (التكنولوجيا البيومترية بدون لمس، الرمز التعريفي الفريد، والتعرف التلقائي على الوجه….).
هذه الأنظمة، التي هي الآن في مراحل مختلفة من الاختبار أو التطبيق في جميع أنحاء العالم، تمكن من التحقق من صحة هوية المسافر وبيانات اعتماده للتسجيل بدون أوراق، وإنزال الأمتعة، والأمن، والهجرة والصعود إلى الطائرة.
وأفاد مصدر مسؤول بالمكتب الوطني للمطارات، بأن تجربة المسافر الجوي قد تغيرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة مع ظهور الأمن البيومتري، والتسجيل عبر الهاتف المحمول، وتتبع الأمتعة، كما ستتطور تجربة المسافر أكثر فأكثر في المستقبل، مع ما يسمى «المسافر الرقمي» والموظفين المكونين في مجال التكنولوجيات الحديثة، حيث إن جميع مراحل مسار المسافر ستكون معنية بالتحول الرقمي، وهي الطريقة الوحيدة لضمان التشغيل السلس لمطارات الغد، وهو ما من شأنه تطوير الكفاءة في التدبير المطاري، وتحسين تجربة المسافر.
أما المحور الثاني فيتعلق بمكننة تدبير موارد المطار، عبر اعتماد حلول تشاركية لتبادل المعلومات بين مختلف الشركاء المطاريين، مما يمكن من اتخاذ القرارات، استنادا على مصدر متكامل وموثوق للمعلومات المشتركة، والقابلة للاستخدام بشكل آني من طرف جميع المتدخلين في الشأن المطاري، حيث إن استخدام البيانات الضخمة «Big data»، وإنترنت الأشياء «IoT»، وتكنولوجيا «Cloud»، وتقنيات التشغيل التلقائي للتجهيزات «Machine learning»، يمكن من تغيير طريقة استغلال البنيات التحتية وصيانتها. كما أن استعمال تقنية التصميم ثلاثي الأبعاد لتدفقات حركة النقل الجوي، في إطار برمجة مشاريع البنيات التحتية والصيانة التنبئية، يمكن من تمديد عمر المباني والتجهيزات.
وأكد المصدر ذاته أن اعتماد هذه الحلول الرقمية يحسن استغلال الفضاءات، وينقص الحاجة إلى مساحات إضافية، كما يمكن من تقليص حجم الاستثمار في البنيات التحتية والمباني، وهو ما يخطط له المكتب في مشاريع توسيع الطاقة الاستيعابية لمطارات الرباط – سلا ومراكش وطنجة وأكادير.
ومن بين الحلول الأخرى التي تم اعتمادها في إطار تحديث وعصرنة منظومة الاستغلال المطاري، تماشيا مع توجهات البرنامج الاستراتيجي الجديد للمكتب، تم اعتماد منهجية Lean Six Sigma» (LSS)»، لإعادة هندسة العمليات على مستوى منطقة وصول الرحلات الجوية الدولية في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، عبر تفادي التدابير غير المجدية التي تتسبب في إضاعة الوقت، وكذا تحسين جودة الخدمات وإرضاء الزبون بشكل مستمر، وذلك بتعاون مع مختلف الشركاء المطاريين.
وقد مكنت هذه المنهجية من تقليص الوقت المخصص للإجراءات الأمنية وكذا لتسليم الأمتعة، لأن منهجية العمل LSS هي تركيبة تتألف من طريقتين في التدبير، Lean وSix Sigma، تتكاملان بانسجام لتحسين جودة الخدمات وإرضاء الزبون بشكل مستمر، وهي بمثابة اندماج لمنهجيتين يجمعان بين مفهومي الإنتاجية (Lean) والجودة (Six Sigma).
ومن شأن اعتماد منهجية التدبير LSS بمطار محمد الخامس أن تقضي على الوقت الضائع والأنشطة غير الضرورية، في كل مرحلة من المراحل، لتقليص المدة المخصصة للمعالجة، وتحسين جودة الخدمة، مع الاستخدام الأمثل للموارد.
التصنيفات الدولية للمطارات المغربية
أوضح مصدر مسؤول بالمكتب الوطني للمطارات، أن التصنيفات الصادرة عن منظمات دولية تعتمد مقاربة علمية متعارف عليها في مجال استطلاعات الرأي والدراسات الاستقصائية، دأبت على إدراج المطارات المغربية في مراتب جد محترمة إن لم تكن في مراكز متقدمة جهويا ودوليا، إما من حيث جودة الخدمات، أومن حيث الجمالية الهندسية.
وأشار إلى أنه قبل الجائحة، وخلال سنة 2017 صنف مطار محمد الخامس من طرف المجلس الدولي للمطارات كأحسن مطار في إفريقيا في خدمة الزبائن، في فئة المطارات التي تستقبل أكثر من مليوني مسافر في السنة، وذلك استنادا على نتائج استطلاع رضا المسافرين «ASQ»، لقياس رضا المسافرين للمطارات، حيث يرتكز هذا الاستطلاع على جملة من المعايير الموضوعية التي تغطي مسار المسافر بالمطار. كما صنفت المنظمة نفسها للمرة الثانية على التوالي سنة 2018 مطار محمد الخامس كأحسن مطار في إفريقيا، في ما يخص جودة الخدمات المقدمة إلى الزبائن، مناصفة مع مطار Durban بجنوب إفريقيا، في صنف المطارات التي تستقبل سنويا حركة للنقل الجوي بين 5 و15 مليون مسافر.
وحسب المصدر ذاته، فقد حصل كل من مطاري أكادير المسيرة والرباط سلا على استحقاق من طرف المجلس الدولي للمطارات، كأحسن مطارين بإفريقيا على مستوى السلامة المطارية: الأول في أكتوبر 2017، في فئة المطارات التي تستقبل ما بين 10 و20 ألف حركة طائرة، والثاني في أكتوبر 2018، في فئة المطارات التي تستقبل حركة طيران تحت 20 ألف حركة طائرة.
ويعتبر برنامج «ASQ» البرنامج الوحيد عبر العالم الذي ينجز استطلاعات لآراء المسافرين في يوم سفرهم. وفي كل سنة يوفر هذا البرنامج حوالي 640 ألف بحث مشخصن بـ41 لغة، يغطي 20 بلدا عبر العالم. ويستعمل كل مطار الاستطلاع نفسه، وهو ما يوفر قاعدة بيانات تمكن المطارات من مقارنة أدائها مع مختلف مطارات العالم.
وخلال الجائحة، حصل 16 مطارا مغربيا على علامة الترخيص الصحي للمطارات «Airport Heath Accreditation»، بعد تقييم التدابير المعتمدة لمواجهة جائحة «كوفيد- 19». ويعمل هذا البرنامج الدولي للمصادقة الصحية للمجلس الدولي للمطارات على تقييم التدابير الصحية المعتمدة من طرف المطارات، مقارنة مع التوصيات الصادرة عن منظمة الطيران المدني الدولي، ومع أحسن الممارسات المعتمدة بالقطاع.
وهكذا، فقد قام المجلس الدولي للمطارات بافتحاص جميع التدابير الصحية المطبقة بهذه المطارات، والتي تهم جميع الجوانب المتعلقة بالاستغلال المطاري بمختلف الفضاءات المطارية: التباعد الجسدي، وقاية المستخدمين، التنظيف والتعقيم، تهيئة المنشآت والتجهيزات، وكذلك مختلف الجوانب المتعلقة بالتواصل والإعلام على طول مسار المسافر، انطلاقا من الولوج إلى المحطات الجوية إلى غاية الإركاب، ومنذ الوصول من الطائرة إلى غاية الخروج من المحطات الجوية، مرورا بمنطقة تسليم الأمتعة.
وتأتي هذه الشهادة الممنوحة من قبل المجلس الدولي للمطارات «ACI»، لتشهد على فعالية وملاءمة البروتوكول الصحي المعتمد من طرف المكتب على مستوى المطارات المغربية.
وبعد الجائحة، فقد حرص المكتب الوطني للمطارات على إدراج مطار محمد الخامس بالدار البيضاء في برنامج الافتحاص الدولي الذي تنجزه منظمة «Skaytrax»، وكذا إدراجه مع المطارات الرئيسية الأخرى للمملكة، في برنامج «ASQ SURVEY» للمجلس الدولي للمطارات «ACI» لسنة 2022، وذلك وفقا لجملة من المعايير الموضوعية التي تغطي مختلف الجوانب لسلسلة الخدمات المطارية. ويحرص المكتب على استغلال النتائج المحصلة في هذا الاستطلاع، لضمان تحسين الخدمات المقدمة إلى المسافرين بصورة مستمرة.
أما في ما يخص الجانب الجمالي للمنشآت المطارية، فيعد مطار مراكش المنارة رائدا في هذا المجال، حيث صنف عدة مرات كأجمل مطار، أو من بين أجمل المطارات في العالم. من بين هذه التصنيفات نذكر آخرها، حين تم اختياره خلال السنة الجارية من بين أجمل المطارات في العالم، من قبل المجلة الإسبانية «GQ Espana»، كما صنف سنة 2021 من بين أفضل 10 مطارات في العالم، من طرف المجلة الأمريكية «Conde Nast Traveler»، التي تعد مرجعا في العالم في مجال السفر والترفيه. وقبل ذلك في سنة 2017، اختير كأجمل مطار في العالم من طرف رابطة زبناء شركات الطيران «Sky Team»، وخلال سنة 2010 تم تصنيفه من طرف المجلة الأمريكية الشهيرة «Travel & Leisure»، من بين أجمل 13 مطارا في العالم.
كل هذا بفضل توفره على فضاء حقيقي للعيش مزود بمساحات واسعة للتسوق والخدمات، ويتميز بفضاءاته المصممة بشكل عصري، وبلمسة تقليدية تعكس التراث المغربي المعماري الأصيل، كما يتسم بالعديد من المميزات، منها على وجه الخصوص قبته الزجاجية التي تعد من بين الأكبر بإفريقيا، وواجهاته المزدوجة التي تمكن من تلطيف الجو داخل فضاءات المطار، وكذا نافوراته المائية الموجودة بالباحة الخارجية والمستوحاة من الهندسة المعمارية لرياضات المدينة الحمراء.
كما تمكن الهندسة المعمارية لمطار المنارة وتجهيزاته العصرية، من تسهيل توجيه المسافرين، وسلامة تدبير تدفقاتهم داخل المحطة الجوية في وقت قصير، مع احترام معايير السلامة والأمن وجودة الخدمات، وهو ما يساهم في خلق أجواء من الراحة والرفاهية للمسافرين.
المخطط الاستراتيجي الجديد للمكتب
تم وضع مخطط استراتيجي جديد 2021- 2025 «Envol 2025»، تمت المصادقة عليه من طرف المجلس الإداري بتاريخ 28 يوليوز 2021، حيث يهدف هذا المخطط إلى تجسيد التوجهات الجديدة للمكتب في أن يكون مؤسسة تجعل من الزبون مركز اهتماماتها، مع الاستجابة لأعلى المعايير الدولية في ما يخص خدمات الملاحة الجوية، وتطوير واستغلال المطارات.
وقد تم تحديد خمسة محاور استراتيجية، وهي الاستعداد لمسايرة الواقع الجديد الذي يخضع له القطاع، وتعزيز مستوى التعاون مع مختلف الفاعلين في قطاع النقل الجوي، والابتكار في الخدمات والبنيات الأساسية من أجل تنمية مستدامة، وتشجيع التميز الميداني والبيئي، وفق أحسن شروط السلامة والأمن، ثم الانفتاح أكثر على العالم والتعريف بالمؤسسة على المستوى الدولي.
وهكذا، وفي إطار هذا المخطط، تم تحديد حوالي مائة مشروع في عدة مجالات من التدخل، تتعلق بشكل خاص بتعزيز التعاون بين مختلف الشركاء المطاريين، والتحول الرقمي، وتطوير البنيات التحتية، وتحويل المطارات الكبيرة إلى وحدات أعمال «Business Unit»، والبحث عن التفوق العملياتي والبيئي، والتحضير لتحول المؤسسة إلى شركة مساهمة، وتدريب الكفاءات البشرية اللازمة لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية والنجاح في التغيير، وقد تم بالفعل الشروع في العمل بمقتضيات هذا المخطط، ويجري حاليا تنفيذ المشاريع المسطرة.
وهناك برنامج تطوير البنيات التحتية للمنشآت المطارية ومختلف المشاريع الأخرى، وأشار المصدر إلى وجود العديد من المشاريع المهيكلة المدرجة في المخطط الاستراتيجي للمكتب لتطوير الطاقة الاستيعابية للمطار للفترة 2022- 2030، من بينها مشروع بناء محطة جوية جديدة في مطار الرباط – سلا (في طور الإنجاز)، بطاقة استيعابية إضافية تبلغ 4 ملايين مسافر في السنة، ومشروع تطوير مطار تطوان سانية الرمل، عبر بناء محطة جوية جديدة تمكن من استقبال 300 ألف مسافر في السنة، أي ثلاثة أضعاف الطاقة الاستيعابية الحالية، بالإضافة إلى بناء مدرج جديد للطيران (في طور الإنجاز) يمكن من استقبال الطائرات الكبيرة، ناهيك عن مشروع بناء منطقة وسطى، وهي منطقة للوصول مشتركة بين المحطتين الجويتين 1 و2 بمطار محمد الخامس (في طور الإنجاز). وهناك مشاريع أخرى قيد الدرس، تهم بالخصوص تعزيز قدرات الاستقبال في مطارات الدار البيضاء وطنجة وأكادير والحسيمة والداخلة، بالإضافة إلى المشاريع المتعلقة بالتحول التكنولوجي للمطارات ورقمنة مسار المسافر.
وكشف المصدر نفسه أيضا عن وجود مشاريع استراتيجية أخرى تتعلق بتدبير الملاحة الجوية، منها إعادة تنظيم الفضاء الجوي التابع لمركز مراقبة سلامة الملاحة الجوية بالدار البيضاء، عبر تقليص المسافات بين المسارات الجوية، مما يمكن من توسيع الطاقة الاستيعابية للفضاء الجوي، وتطوير المساطر المتعلقة بتدبير الملاحة الجوية، واعتماد مسارات مباشرة ومسارات حرة، مما يساهم في تقليص مدة الرحلات الجوية، وبالتالي المساهمة في تقليص الانبعاثات الكربونية، وإصدار مساطر جديدة لضمان استمرارية تدبير الملاحة الجوية، في حال تعذر استخدام التجهيزات المساعدة على الملاحة.
الحوار الاجتماعي والحركات الاحتجاجية
في الوقت الذي أعلنت فيه نقابات تمثل مراقبي الملاحة الجوية عن خوض أشكال احتجاجية، أكد المصدر أن الإدارة العامة للمكتب الوطني للمطارات تحرص على ترسيخ أجواء الثقة مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين، عبر التأسيس لعلاقة تعاقدية بين المكتب والفرقاء الاجتماعيين، يلتزم بموجبها الأطراف بمناقشة وحل كل المشاكل العالقة في أجواء من الحوار البناء والمسؤول، الذي يأخذ بعين الاعتبار الإكراهات الاقتصادية للمؤسسة، ويرجح مصلحتها العليا، ويستجيب للمطالب المشروعة للمستخدمين. كما يحرص المكتب على ضمان الحريات النقابية، حسب الضوابط التشريعية والدستورية المعتمدة، وعند حدوث أي حركة احتجاجية يعمل المكتب على اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية في ما يتعلق بالمداومة التقنية والمهنية، لضمان السير العادي لحركة النقل الجوي بجميع المطارات المعنية. وأشار المصدر إلى أن قنوات الحوار مفتوحة مع جميع التمثيليات النقابية، من أجل مناقشة الملفات المطلبية ومعالجة كل القضايا العالقة.