مراكش: عزيز باطراح
في مشهد سريالي بالساحة المقابلة للمحكمة الابتدائية بمراكش، حيث تحول «يحيى الزكروم»، المواطن البسيط، الذي يعمل نادلا بحانة تابعة لأحد الفنادق المصنفة بالمدينة، إلى بطل ونجم اللحظة، في الوقت الذي كان النجم العالمي قاهر الأبطال «بدر هاري»، يقبع داخل قبو بالطابق السفلي للمحكمة، ينتظر دوره ومصيره بعد إخضاعه للاستنطاق من طرف النيابة العامة.
هذا وتحلق بعض أقارب وأصدقاء البطل العالمي بدر هاري حول «يحيى» الشاب ذي الـ29 عاما، في حوار امتد لساعات، في محالة لإقناعه بالعدول عن شكايته، وتقديم تنازل للمتهم من أجل الإسراع بإطلاق سراحه، غير أن يحيى كان صارما في رده، إذ رفض جميع التسويات والمقترحات، وظل متمسكا بمتابعة من سمح لنفسه، دون سبب وجيه، بالاعتداء عليه ذات ليلة من ليالي منتصف شهر أبريل الماضي.
كانت الساعات الخمس التي قضاها بدر هاري في قبو المحكمة إلى جانب أصناف مختلفة من المجرمين، أشد وطءا عليه من ساعات الحراسة النظرية التي قاربت الـ48 ساعة، إذ بالرغم من طول هذه الأخيرة، فإن حسن المعاملة التي تلقاها من مسؤولي الأمن جعلتها أهون من تلك التي قضاها في القبو، قبل أن يدخل رفقة محاميه إلى مكتب وكيل الملك، الذي قرر متابعته في حالة سراح بعد أداء كفالة مالية حددت في خمسة آلاف درهم، ليحيله على جلسة يوم الثلاثاء من أجل جنحتي الضرب والجرح.
وعلمت «الأخبار» أن البطل العالمي، ومباشرة بعد مغادرته أسوار المحكمة، توجه رفقة بعض أقربائه وأصدقائه إلى أحد الفنادق المصنفة بمراكش، للاحتفال بإطلاق سراحه، وكان في مقدمتهم محاميه «كريم بوعلام» وصديقه رجل الأعمال «رضا الكتبة» و«جواد بغداد»، الكاتب العام السابق لفريق الكوكب المراكشي، قبل أن يغادر إلى العاصمة الرباط.
المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار» تفيد بأن البطل العالمي بدر هاري، لم ينف اعتداءه على النادل «يحيى»، غير أنه برر هذا الاعتداء، خلال البحث الذي باشرته الشرطة القضائية وأثناء إخضاعه للاستنطاق صباح أول أمس (الاثنين)، أمام وكيل الملك، بكون «يحيى» حاول التوسط له لدى فتاة كانت بعين المكان حين وقوع الحادث.
وأكد البطل العالمي، في تصريحاته للشرطة القضائية، أنه كان برفقة أحد أصدقائه الأجانب، وأن النادل، خلال تقديمه للخدمات داخل الحانة، تقدم منه وسلمه رقم هاتف إحدى الزبونات التي كانت تجلس إلى طاولة غير بعيد عن طاولته، مؤكدا له أنها ترغب في التعرف إليه والجلوس إلى طاولته، إلا أنه نهر النادل وطالبه بأن يهتم بعمله، مؤكدا أنه ليس في حاجة إلى خدمات من هذا الصنف. ومضى المتهم في تبرير سلوكه العدواني تجاه النادل، إذ صرح للضابطة القضائية بأنه عندما حاول مغادرة الحانة طالب النادل بالفاتورة، وفوجئ برد «يحيى» الذي أكد أن الفتاة ذاتها تكفلت بدفع الفاتورة، وهو الأمر الذي جعله يفقد أعصابه وتثور ثائرته ويصفع النادل. رواية بدر هاري هذه تصدى لها الضحية يحيي، إذ أكد، أمام الشرطة القضائية والنيابة العامة، أن رئيسه في العمل نادى عليه وأمره بخدمة «بدر هاري» وصديقه مباشرة بعد دخولهما الحانة، وأوصاه بأن ينتبه لكل كبيرة وصغيرة، بالنظر إلى أن الزبون له سوابق في الاعتداء على «السرباية» و«الفيدورات» بالعديد من الحانات والنوادي الليلية بالمدنية الحمراء، خاصة حين يكون في حالة سكر طافح.
ومضي يحيى في روايته، أمام الضابطة القضائية والنيابة العامة، مؤكدا أنه تقدم من «بدر هاري» ومرافقه، وسأله عن المشروب الذي يرغبان فيه، حيث طلب «هاري» «فودكا»، ليسأله النادل إن كان يرغب في قارورة أم مجرد كأس واحدة، وهو السؤال الذي رد عليه «هاري» بصفعة قوية أفقدت «يحيى» توازنه، قبل أن يعالجه بصفعة أثانية، ليستجمع قواه ويغادر الطاولة مسرعا في اتجاه رئيسه، حيث أخبره بما وقع وطلب منه إعفاءه كليا من العمل بالحانة، إلا أن المسؤول أمره بالعودة إلى العمل، فيما أمر نادلا آخر بمواصلة تقديم طلبات «هاري» وصديقه.
وبحسب إفادات الضحية، فإن المتهم ظل، طيلة المدة التي قضاها في الحانة، يتعقبه بنظراته غير المطمئنة، وقبل مغادرته طلب منه الاقتراب من أجل تقديم اعتذاره له عما بدر منه، وهو الأمر الذي استجاب له النادل مكرها مخافة معاودة الاعتداء عليه، حيث طلب منه الابتعاد قليلا من صخب الحانة، وبمجرد خروجه أقفل «هاري» الباب، بينما أمسك مرافقه بيديه إلى الخلف، وشرع «البطل» في توجيه لكماته وركلاته إلى «يحيى»، قبل أن يتركاه طريحا ويغادرا المكان.
إلى ذلك، وبعد اطلاع النيابة العامة على محاضر الاستماع وإخضاع المتهم للاستنطاق، قررت متابعته في حالة سراح من أجل جنحتي الضرب والجرح، بعد دفعه كفالة حددت في 5000 درهم، وقررت إحالته على جلسة يوم الثلاثاء.