أكدت مصادر موثوق بها لـ«الأخبار» أن الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال الابتدائية بالرباط باشرت، مساء الاثنين الماضي، مناقشة ملف المتهمين المتورطين في ملف تزوير جوازات التلقيح والاتجار في المخدرات، الذي يتابع فيه بتهم ثقيلة عشرة أشخاص، بينهم شرطيان وممرضان، وطالبان بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة ومستخدم بوكالة توزيع الكهرباء والماء الصالح للشرب بالمدينة ذاتها. ووافقت الهيئة المذكورة على ملتمس التأجيل الذي تقدم به دفاع المتهمين من أجل إعداد المرافعات.
وكان القاضي المكلف بالتحقيق بغرفة جرائم الأموال أنهى مسلسل التحقيقات التفصيلية مع المتهمين، ومسطرة المواجهات المباشرة بين المتهمين الرئيسيين والمساهمين في الجرائم الخطيرة موضوع المتابعة، قبل أن يحيل الملف على القضاء الجالس من أجل البت فيه، وينتظر أن تشهد هذه المحاكمة مسارا مثيرا بالنظر لنوعية المتابعين وخطورة التهم المنسوبة لهم، والمتعلقة تحديدا بتزوير جوازات التلقيح والاتجار في المخدرات.
وتعود أطوار هذه القضية، التي هزت الرأي العام الوطني وجرت أطوارها بكل من تاونات والقنيطرة والراشيدية، إلى يناير من السنة الماضية، حيث كانت المديرية العامة أكدت أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تمكنت بتنسيق مع «الديستي»، أيام 3 و4 و5 يناير 2022، من إيقاف خمسة مشتبه فيهم، بينهم شخص من ذوي السوابق القضائية وممرضون وموظفو أمن برتبة مقدم شرطة، وذلك للاشتباه في تورطهم في قضية تتعلق بنقل وتهريب المخدرات والمساس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات وتزوير جوازات التلقيح.
وأضاف المصدر نفسه أن هذه العملية الأمنية المشتركة أسفرت عن إيقاف موظف شرطة يعمل بمنطقة أمن المهدية وممرض، وهما في حالة تلبس بنقل 338 كيلوغراما من الشيرا على متن سيارة خفيفة بمنطقة تيمحضيت، قبل أن تسفر الأبحاث والتحريات المتواصلة في هذه القضية عن إيقاف مالك السيارة وشرطي يعمل بمفوضية قرية أبا محمد وممرضٍ رئيس يعمل بضواحي تاونات، وذلك للاشتباه في تورطهم في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية.
وأشارت المعلومات الأولية للبحث إلى تورط بعض الموقوفين في هذه القضية في ارتكاب أفعال إجرامية أخرى تتمثل في المساس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات بغرض التلاعب في بيانات الأشخاص الملقحين ضد وباء كوفيد-19 بغرض استصدار جوازات تلقيح مزورة، مضيفة أن مصالح الشرطة أخضعت جميع الموقوفين للبحث تحت إشراف النيابة العامة المختصة، حيث تم اعتقال ثلاثة متهمين في البداية، كما قرر قاضي التحقيق لاحقا إيداع رجل أمن السجن، وهو برتبة مقدم شرطة من مواليد 1974 بالقنيطرة، ثم ممرض رئيسي مزداد سنة 1996 يشتغل بقرية با محمد إقليم تاونات، فيما تقرر الإفراج عن متهم ثالث يرجح أنه احتضن الشرطي في بيته دون أن يعلم أنه كان في وضعية مشبوهة.
تحريات الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أسقطت لاحقا متورطين آخرين ضمن هذه الشبكة المتخصصة في تزوير جوازات التلقيح والمشاركة في التهريب الدولي للمخدرات، حيث ألحقت ثلاثة متهمين آخرين بالمتهمين الستة المعتقلين، ويتعلق الأمر برجل أمن برتبة مقدم رئيس وطالبين جامعيين من مواليد 2001، ينحدران من مدينة القنيطرة التي تفجرت بها فضيحة اختراق قاعدة المعطيات والبيانات الخاصة بجوازات التلقيح التابعة حصريا لمصالح وزارة الصحة، حيث كشفت التحريات تورطهم إلى جانب المتهمين الرئيسيين في تزوير جوازات التلقيح.
وكشفت معطيات الملف أن شرطيا بالمهدية كان يستغل نفوذه بحكم مهام المداومة التي كان يتكلف بها بأحد مراكز التلقيح بالقنيطرة، من أجل مشاركة ممرض في جريمة استصدار جوازات مزورة لغير ملقحين، تفيد رسميا، بعد تسجيل بياناتهم ضمن السجلات الرسمية الممهدة لاستخراج جواز التلقيح، أنهم تلقوا جرعات التلقيح، ويرجح أن الطالبين انخرطا وشاركا في هذه العملية باستقطاب زملائهم الطلبة الراغبين في الحصول على جوازات تلقيح «مزورة» غير مرفوقة بالمبدأ القانوني والصحي الذي يخول الحصول على جواز التلقيح وهو تلقي الجرعة فعليا.
ويواجه المتابعون في هذا الملف، وهم ممرضان وشرطيان وطالبان جامعيان ومستخدم بوكالة الماء والكهرباء بالقنيطرة، تهما ثقيلة تتعلق بتلقي رشاو للقيام بأعمال غير مشروعة والاتجار في المخدرات، وحيازتها ونقلها والمشاركة في ذلك والمشاركة أيضا في تصديرها والتزوير في وثائق ومحررات رسمية تصدر حصريا عن المديرية العامة وكذا في البيانات الرسمية المتعلقة بجوازات التلقيح ضد كوفيد، واختراق نظام المعالجة الآلية المرتبطة بها وتزييف المعطيات المتضمنة بها.