خالد منتصر:
أثناء حضوري ندوة الفنان الموسيقار العبقري، علي إسماعيل، وجدت أن هناك معلومة مسيطرة أصبحت بديهية عند كل الحضور، وهي أن الممثل أنور إسماعيل هو شقيق الفنان علي إسماعيل. صارت هذه المعلومة التي كان سبب شيوعها هو الإنترنت والشير واللايك حقيقة واقعة، إلى درجة أن هناك من كان يجادل مع بنت الفنان الراحل علي إسماعيل أن المعلومة صحيحة!
من فرط الثقة في الإنترنت صارت المعلومة منه مقدسة، صار صنما لا يُناقَش، وصار كل من يقابلك يقول لك: «دي مذكورة في غوغل» كعلامة على دقة المعلومة، وهم لا يعرفون أن «غوغل» هو واجهة وفاترينة سوبر ماركت معلومات لما نكتبه فيه، وأن الويكيبيديا من الممكن أن تكون سلاح تضليل في منتهى الخطورة، لأنه من الممكن أن يدخل أي عابر سبيل ويكتب ما يريد عما يريد، تشويها أو مؤامراتيا أو نقص معلومات إلخ.
أكتب هذا الكلام كنصيحة لشباب الصحافيين الذين لم يعد لديهم الوقت للتدقيق، من خلال الذهاب إلى دار الكتب والوثائق أو أرشيفات الجرائد للتحقق والتوثيق والمقارنة والحذف للأكاذيب، وإضافة ما هو صادق وحقيقي، وليس الفن هو المجال الوحيد لأكاذيب الإنترنت، ولكن كل المجالات قد اقتحمتها ضلالات الإنترنت، ولنأخذ مجال الصحة، فأشهر المعلومات التي عليها لايك وشير كثير في السرطان هي خاطئة، مثل:
تسبب مضادات التعرق سرطان الثدي.. خطأ شائع.
يؤدي استخدام أواني ولفائف الميكروويف البلاستيكية مع الطعام إلى إفراز مواد ضارة ومسرطنة.. خطأ شائع.
مرضى السرطان لا يتناولون السكر، حيث إنه قد يزيد من نمو السرطان بسرعة.. خطأ شائع.
السرطان مرض مُعدٍ.. خطأ شائع.
ومن السرطان إلى كورونا، وهذه قصة من ضمن آلاف القصص التي تُكتب فيها مجلدات عن كيف ضلل الإنترنت مرضى كورونا:
خلال جائحة فيروس كورونا الذي بدأ أواخر عام 2019، نشر وزير الصحة الفرنسي تغريدة في 14 من مارس 2020 تقول إن الإيبوبروفين يمكن أن يؤدي إلى تفاقم أعراض الفيروس، اقتُبس هذا الادعاء وانتشر على نطاق واسع عبر أهم مصادر الأخبار، وتدفقت الرسائل التي تحمل الخبر بين مختلف الأشخاص القلقين حول العالم، لكن في 18 من مارس 2020، نشرت منظمة الصحة العالمية تغريدة تقول إنه لا يوجد دليل على أن الإيبوبروفين يسبب الأذى، ولا سبب للامتناع عن تناوله.
ورغم بث نصيحة منظمة الصحة العالمية المُحدَّثة على نطاق واسع، مثل الأمر مشقة بالغة وصعوبة كبيرة لتلافي أثر المعلومة الأولى الخاطئة!