بدأت تظهر بوادر أزمة جديدة بين القضاة ووزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بعد تصريحات أدلى بها الوزير في اجتماع لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، عندما توعد باتخاذ إجراءات تأديبية في حق القضاة المتماطلين في البت في الملفات القضائية المعروضة على أنظار المحاكم.
وهدد وهبي، أثناء تقديمه لمشروع قانون تنظيمي يرمي إلى تغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 13. 100 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بالمساءلة التأديبية للقضاة الذين يتماطلون في إصدار الأحكام في الملفات القضائية المعروضة على أنظار المحاكم، حيث يتضمن المشروع مقتضى يعطي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية صلاحية تتبع أداء القضاة بالمحاكم، ومراقبة مدى التزامهم بالأجل الاسترشادي للبت في القضايا وتحريرهم المقررات القضائية.
وتنص المادة 108 مكرر من مشروع القانون التنظيمي المذكور آنفا، على أن المجلس سيتولى تتبع أداء القضاة ويعمل على اتخاذ الإجراءات المناسبة لتحسينه وتأطيره، من أجل الرفع من النجاعة القضائية. واعتبر وزير العدل أن هذا المقتضى سيعطي للسلطة القضائية سلاح مراقبة السادة القضاة، على مستوى احترام أجل معقول للبت في الملفات المعروضة عليهم، وهي الآجال التي ستختلف بحسب نوع القضايا الموزعة بين المدني والتجاري والأحوال الشخصية. وأكد وهبي أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية سيراقب مدى احترام القضاة لهذه الآجال، وفي حال عدم احترامها فسيكون ذلك موجبا للمساءلة التأديبية.
وأثارت تصريحات وهبي ردود أفعال في صفوف القضاة، الذين عبروا عن احتجاجهم على هذه التصريحات، وأكدوا أنها تمس بمبدأ استقلالية السلطة القضائية، لأن الوزير لا يملك أي سلطة على القضاة. وحمل عبد الرزاق الجباري، رئيس نادي قضاة المغرب، المسؤولية لوزارة العدل في تأخر البت في الملفات القضائية، وكتب تدوينة قال فيها «تأخير البت في الملفات سببه معضلة التبليغ، التي تتحمل مسؤوليتها وزارة العدل».
ومن جهته، أكد عبد السلام زوير، الكاتب العام لنادي قضاة المغرب، أن تحميل القضاة مسؤولية تأخير البت في القضايا يبقى من الأحكام الجاهزة والسهلة ومن أحكام القيمة، ما دام أنها لا تستند على دراسات أو إحصائيات علمية وموضوعية، كما أنها محاولة للقفز على الأسباب الرئيسية المسببة للتأخير، وتجاوز المسببات الحقيقية لتأخير البت في القضايا والملفات.
وأضاف زوير أنه يتعين احترام إجراءات مسطرية منصوص عليها قانونا، واحترام حقوق الدفاع وضرورة استدعاء الأطراف والحرص على توصلها بالاستدعاءات طبقا للقانون، بالإضافة إلى الحاجة في بعض الأحيان إلى إجراء بحث في الملف والاستماع إلى الأطراف شخصيا أو إلى الشهود، أو الحاجة إلى إجراء خبرة تقنية أو معاينة أو الوقوف بعين المكان، أو الاستعانة بترجمان أو أي إجراءات أخرى، وهي بطبيعة الحال كلها لا يتحمل مسؤولية التأخير الناتج عنها القاضي.