محمد اليوبي
علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن خالد أيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أحال شكاية على رئاسة النيابة العامة، من أجل فتح تحقيق حول تزوير وثيقة رسمية صادرة عن مديرية الأدوية والصيدلة التابعة للوزارة، تتعلق برقمنة خدمات وضع الملفات وطلبات الحصول على التراخيص من طرف شركات الأدوية والمنتجات الصحية.
وأفاد مصدر مسؤول بالوزارة، بأن أشخاصا قاموا بتزوير وثيقة صادرة عن مديرية الأدوية والصيدلة تحمل رقم 340/ 2022، موجهة بتاريخ 27 يونيو الماضي إلى كافة المؤسسات العاملة في مجال الأدوية والمنتجات الصحية، في إطار رقمنة خدمات مديرية الأدوية والصيدلة، قصد تصريح ممثليهم القانونيين ونوابهم، وأكد المصدر أن الوثيقة تم تزويرها عن عمد وإرسالها إلى المهنيين، واعتبر هذا الفعل بمثابة جريمة تزوير وثائق رسمية، مشيرا إلى أن الوزارة طلبت فتح تحقيق في الموضوع، وستقوم برفع دعوى قضائية لمتابعة مرتكبي هذا الفعل الإجرامي.
وأكد المصدر أن المعطيات الأولية التي توصلت إليها الوزارة تفيد بأن أصابع الاتهام موجهة إلى أصحاب شركات «السمسرة» في تراخيص بيع الأدوية والمستلزمات الطبية والمنتجات الصحية، الذين راكموا أموالا من شركات الأدوية والمنتجات الصحية خلال السنوات الماضية، وما يؤكد هذه الشكوك، يضيف المصدر، أن هذه الوثيقة تم إرسالها إلى جميع أصحاب الشركات والجمعيات المهنية التي تتعامل مع المديرية، علما أن المعطيات الخاصة لهؤلاء لا يمكن الحصول عليها بسهولة، في حين يتوفر عليها «السماسرة» الذين كانوا يصولون ويجولون في عهد المدراء السابقين لمديرية الأدوية.
وأوضح المصدر أن إحداث بوابة إلكترونية لتلقي الملفات وطلبات الحصول على تراخيص بيع الأدوية والمنتجات الصحية الأخرى، سيؤدي إلى قطع الطريق على هؤلاء «السماسرة» والوسطاء، لأن المديرية ستتعامل بشكل مباشر مع الممثل القانوني الذي ستعينه الشركة، وستتيح له البوابة وضع ملفه بطريقة إلكترونية وتتبع مسار الملف. وأكد المصدر أن البوابة الإلكترونية تدخل في إطار مجهودات مديرية الأدوية لمحاربة «السمسرة» في الملفات والتراخيص، وكشف أن بعض الأشخاص كانوا يمارسون الابتزاز والنصب والاحتيال على الشركات، مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين 2000 و5000 درهم، علما أن الإدارة لا تتلقى أي مبالغ مقابل وضع الملفات.
وحصلت «الأخبار» على معطيات تفيد بأن بعض الموظفين السابقين بوزارة الصحة تربطهم علاقات قرابة بمسؤولين بمديرية الأدوية والصيدلة، تم إعفاؤهم من طرف المديرة بشرى مداح، كانوا يمارسون كل أشكال الابتزاز والنصب على شركات الأدوية والمنتجات الصحية، ومن ضمنهم موظف سابق بالوزارة كانت زوجته مسؤولة عن تسليم التراخيص، أسس شركة لتقديم الاستشارة والخدمات، وكان يفرض على مختبرات الأدوية والشركات المتخصصة في بيع المستلزمات الطبية ضرورة المرور عبر شركته لتقديم طلبات الحصول على التراخيص من مديرية الأدوية، مستغلا منصب المسؤولية الذي كانت تشغله زوجته داخل مديرية الأدوية.
وأكدت شكايات توصلت بها الوزارة أن صاحب الشركة يمارس كل أشكال الابتزاز في حق الشركات، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مستغلا شبكة علاقاته المتشعبة داخل مديرية الأدوية، لكي يرغم هذه الشركة على ضرورة المرور عن طريق خدمات شركته المتخصصة في تقديم الاستشارة، للحصول على التراخيص اللازمة، وذكرت المصادر «أن كل من يخالف ذلك، ويذهب للتعامل مباشرة مع الإدارة يكون مصيره تأخير الملف، رغم علم الجميع أن هذه الشركة الوسيطة لا تقدم أي خدمة ذات قيمة مضافة أو علمية، بل مجرد وسطاء بين الإدارة والشركات».
وذكر المهنيون أن الخطير في الأمر هو حصول هؤلاء «السماسرة» على معطيات حساسة تخص الشركات، ويقومون باستعمالها في أعمال النصب والاحتيال، مثل عناوين جميع شركات استيراد وتوزيع الأدوية والمستلزمات الطبية، التي يتم الاطلاع عليها داخل مديرية الأدوية، وذلك بتواطؤ مع موظفين داخل المديرية صدرت في حقهم قرارات الإعفاء من المسؤولية، الذين كانوا يستغلون مناصبهم للاطلاع على ملفات حساسة وأسرار الشركات، وهو ما يفسر إرسال الوثيقة المزورة إلى كل الشركات والمهنيين الذين يتعاملون مع المديرية.