تراشق الأغلبية
قبل موعد الانتخابات بقليل، ظهرت مؤشرات تراشق بين الأغلبية الحكومية، والتسابق المحموم نحو قيادة حكومة المونديال والإقلاع الاقتصادي المنشود، والمشاريع الاستراتيجية الخاصة بتعزيز تجهيز البنيات التحتية وتوفير فرص الشغل، والرفع من نسبة النمو، وتجويد الحياة العامة وهيكلة الضرائب، وظهور نتائج ذلك على الصالح العام.
إن التحضير لقيادة الحكومة من قبل الأحزاب في المعارضة والأغلبية طموح مشروع للجميع، شرط تكافؤ الفرص، وطرح برامج تنموية واضحة تنطلق من الواقع المعاش وقابلة للتنزيل، وتساير التعليمات الملكية السامية، بخصوص الرفع من مستوى اليقظة في التعامل مع أزمة الماء، والحاجة إلى تشجيع الاستثمارات والتشغيل، والاهتمام بالفئات الشابة وتكوينها، وفتح باب الأمل أمامها بتجويد الخدمات والحياة العامة.
في ظل التراشق السياسي الذي يعتمد على الشخصنة وتصفية الحسابات، لا يمكن تحقيق الهدف المطلوب لاستقطاب الناخب ومشاركته بشكل مكثف في العملية الانتخابية، لذلك لا بد من تقييم دقيق للأداء الحكومي بواسطة تشريح الملفات الاستراتيجية، وإخضاعها لتقييم الأرقام بمشاركة ذوي الاختصاص، بدل لغة الإنشاء أو الاستغراق في الإكراهات والمعيقات والتراكمات، لأن الأرقام عصية على التكذيب والتلاعب بالعاطفة والمزايدات الفارغة.
كل المؤشرات تدل على انتخابات برلمانية ساخنة سنة 2026، لارتباطها بمرحلة مفصلية في تاريخ المغرب وطي ملف الصحراء المغربية، بدعم الحكم الذاتي كحل وحيد من قبل الدول العظمى، وتزايد عزلة الجنرالات والكيان الوهمي، إلى جانب آفاق استغلال المغرب لمناجمه في التطور الصناعي الخاص بالسيارات والطائرات، والتوفر على احتياطي مهم من غذاء العالم يتمثل في ثروة الفوسفاط، والتسابق الدولي على الاستفادة من خيرات القارة السمراء، والمغرب بوابتها ومفتاح التعامل التجاري والسياسي.
على الأحزاب التحلي بالوطنية وتقدير دقة المرحلة، والتخلص من ترهلات الفساد والخمول السياسي والركون إلى الوسائل التقليدية في اعتماد الوجوه الانتخابوية عوض البرامج، والنهل من تاريخ الزعامات السياسية المغربية التي قادت البلد في أحلك الأوقات وأنقذته من السكتة القلبية، وضمنت استمرار المؤسسات وساهمت في ترسيخ دولة الحق والقانون خلف المبادرات الملكية السامية، والتداول السلمي على السلطة وقيادة الحكومة لمن يقدم الأفضل للمغاربة في الداخل والخارج.
من الإيجابي تحريك الناعورة السياسية، لتواكب سرعة وطموح المغاربة نحو غد أفضل، والمعارضة من حقها التنبيه إلى مؤشرات الفشل الحكومي، كما من حق الأغلبية الدفاع عن حصيلتها، مع خلق جو تنافسي حول البرامج وتقديم كفاءات قادرة على تقديم إضافة للمشهد الانتخابوي، والقطع مع تكرار الميل للعلاقات الشخصية وتوريث المناصب والسعي إلى المكاسب، أكثر من التفكير والتوفر على برامج تنموية واقعية تغري الناخب بالمشاركة، وخلق أجواء التتبع والتقييم داخل فضاء مؤسساتي وحقوقي وإعلامي، وفي احترام لقواعد الديمقراطية والقانون.