مصطفى عفيف
مع تأخر التساقطات المطرية وما يعرفه المغرب من جفاف، خلال مواسم متتالية، كشفت مصادر مطلعة أن التأثيرات لم تعد متوقفة على المدن الصغيرة والعالم القروي، أو مرتبطة فقط بالحاجات المتعلقة بالقطاع الفلاحي من مياه السقي وتربية الماشية، مشيرة إلى أن الوضعية تعدت ذلك إلى التأثير على الحاجيات من المياه الصالحة للشرب بالمدن الكبرى، وعلى رأسها الدار البيضاء والمدن التابعة للجهة الواقعة تحت نفوذ وكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية.
وتؤكد مصادر «الأخبار» أن ندرة الموارد المائية باتت تهدد بحرمان أكبر حواضر المملكة من تلبية الحاجيات المائية الخاصة بها. وأكثر من ذلك، تضيف المصادر، أنه قد يصبح سكان جهة الدار البيضاء، خاصة منها مدن الدار البيضاء وسطات وبرشيد والجديدة، في أية لحظة، أمام خطر العطش في حال توالي الجفاف للمواسم المقبلة، إذ سيصعب تأمين الحاجيات من المياه الصالحة للشرب حتى بمقابل مالي مرتفع، وهو واقع تعيشه المدن المذكورة حاليا من خلال نهج المكتب الوطني للماء الصالح للشرب سياسة التقليص من الصبيب ليلا وفي بعض الأحيان اللجوء إلى قطع الماء عن مناطق معينة.
المخاوف من مواجهة سكان الدار البيضاء وضواحيها لخطر العطش تزكيها الأرقام التي سبق أن كشف عنها نزار بركة، وزير التجهيز والماء، الذي أكد أن شح الأمطار، خلال الموسم الفلاحي الماضي، كانت له انعكاسات سلبية نتيجة للاستغلال المفرط للمياه الجوفية الموجهة للسقي وللتزود بالماء الشروب، ما أدى إلى انخفاض قياسي في مستوى المياه ما بين ناقص 3 وناقص 6,85 أمتار. وخلال سنة 2022، تم تسجيل عجز بنسب تتراوح ما بين 20 و47 بالمائة على صعيد أحواض كير-زيز-غريس، درعة- واد نون، سبو، اللوكوس والساقية الحمراء- وادي الذهب، وعجز بنسب تتراوح ما بين 51 و54 بالمائة على صعيد أحواض أم الربيع وتانسيفت وسوس- ماسة، ملوية وأبي رقراق والشاوية.
يأتي هذا في وقت يسود قلق لدى المواطنين بسبب شبح العطش الذي يهددهم، حيث ما زالت هناك عملية الاستغلال المفرط للفرشة المائية من طرف الصناعيين والفلاحين، ما يسبب عجزا كبيرا، إذ يقدر، بالنسبة للفرشة المائية ببرشيد لوحدها، بـ36.7- مليون متر مكعب، وفق ما تؤكده المعطيات الرسمية.
وأوضحت المصادر أن التلوث الفلاحي بالمناطق الزراعية التابعة للحوض المائي يؤثر أيضا على الموارد المائية عبر جريان أو تسرب المياه، إذ كشفت الأرقام أن التلوث الناتج عن أسمدة الآزوت والفوسفاط يصل 857 طنا سنويا، والتلوث الناتج عن استعمال المبيدات يصل 35 طنا سنويا، في حين يصل التلوث الناتج عن تربية المواشي إلى 277462 طنا سنويا.
وإضافة إلى ما سبق، أشارت المصادر إلى التلوث العرضي للمياه المرتبط بالحوادث البيئية، وتسرب المياه المالحة داخل الفرشات المائية الساحلية، زيادة على مخاطر الفيضانات، إذ توجد بالحوض عدة مناطق مهددة بالفيضانات تم تحديدها في 100 نقطة سوداء، وفق وكالة الحوض المائي.
وفي إطار الجهود نفسها، تم إنجاز 19 محطة للتطهير داخل منطقة نفوذ وكالة الحوض المائي بحجم إجمالي سنوي معالج يبلغ حوالي 32 مليون متر مكعب، ومكافحة التلوث الصناعي، خاصة بالمناطق الصناعية لبرشيد والساحل وعين عتيق، وكذلك المشاريع خارج المناطق الصناعية.
.