تداعيات الحرب بأوكرانيا على السوق المغربية قبل رمضان
مخزون القمح معزز والحكومة تعد بخفض أسعار الطماطم
21 مارس، 2022
لمياء جباري
تتزايد المخاوف لدى العديد من سكان الدول المغاربية من حمى ارتفاع الأسعار، مع اقتراب حلول شهر رمضان بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا وتبعاتها على استيراد بعض المواد الأولية كالقمح والشعير. وفي هذا الصدد، يوضح خبراء في العلاقات الدولية أن الحرب الروسية- الأوكرانية لها امتدادات لا تقتصر على الفضاء الأوروبي والعلاقات بين الغرب والشرق، بل تصل حتى المغرب، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، وما يعرفه من إقبال على مجموعة من المواد التي تستوردها البلاد من المنطقة.
النزاع ومستوى الأسعار
يستورد المغرب كميات مهمة من المواد الأساسية من أوكرانيا، والتي يأتي القمح على رأسها، ما يجعل الحرب تؤثر بشكل مباشر على هذه الواردات، خاصة في موجة الجفاف التي تعرفها المملكة في الآونة الأخيرة. ويقول خبير في العلاقات الدولية إن الحبوب التي يستوردها المغرب من أوكرانيا تمثل 12 في المئة من وارداته الإجمالية من الحبوب. وأضاف «أن النزاع بين روسيا وأوكرانيا سيكون له تأثير على مستوى الأسعار، خاصة في ما يتعلق بالنفط والقمح».
وقال مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة المغربية، «السفارة المغربية في كييف والدبلوماسيون المغاربة في أوكرانيا يمارسون عملهم ويتابعون الوضع عن كثب»، كاشفا أن هناك 28 دبلوماسيا مغربيا في أوكرانيا، والسفارة تمارس عملها بشكل دوري وتتلقى اتصالات المغاربة. وبخصوص تأثير التدخل الروسي الأخير في أوكرانيا على الاقتصاد الوطنى، أكد بايتاس أن التأثير حتمي على الأسعار، والدليل هو ارتفاع سعر النفط بشكل ملحوظ. ولفت مصطفى بايتاس أن وضعية وتموين السوق الوطني لن يشهدا أي تغيير، قائلا إن «الجهود التي قامت بها السلطات المغربية في يناير الماضي كانت مثمرة في ما يتعلق باستيراد القمح اللين، حيث تم دعم هذه المادة بما يقارب 60 مليار درهم، كما أن المخزون الوطني من القمح اللين معزز ولا خوف عليه»، كاشفا أن «الحكومة ستتحمل مسؤولية ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية». وأورد الناطق الرسمي باسم الحكومة أن عمليات مراقبة الأسعار والمواد الأساسية من فاتح يناير إلى 3 مارس 2022، أفضت إلى مراقبة 45 ألف نقطة بيع، وتحرير 1437 مخالفة، منها 1100 كانت موضوع محاضر وجهت إلى المحاكم من أجل المتابعة. وحول طبيعة هذه المخالفات، قال بايتاس إنها متعلقة بعدم إشهار الأثمنة، وعدم تقديم الفاتورة، والزيادات في الأسعار المقننة، واستعمال الأكياس البلاستيكية. وقال مصطفى بايتاس إن التدابير التي اتخذتها الحكومة ستفضي إلى انخفاض أسعار الطماطم في الأيام القليلة المقبلة.
وأضاف الناطق الرسمي باسم الحكومة، في الندوة الصحفية التي أعقبت انعقاد مجلس الحكومة، يوم الخميس الماضي، أن الحكومة تتابع تفاصيل العرض في السوق والتصدير من أجل ضمان خفض الأسعار، مشيرا إلى دور الوسطاء في رفع أسعار الطماطم في الفترة الأخيرة، مؤكدا على أن هذا المشكل سيبقى مطروحا إذا لم يعالج. وأكد بايتاس على أنه يفترض أن يصل سعر الطماطم بالرباط إلى ما بين سبعة وثمانية دراهم، عندما تخرج تلك الفاكهة من سوق الجملة بإنزكان بسعر خمسة دراهم.
وشدد الوزير على أن الإنتاج يوازي الطلب، مذكرا بالوضعية المناخية الحالية، حيث إن الأمطار الأخيرة تحول دون المزارعين والقيام بعملية الجني. وكان مصطفى بايتاس توقع، في الندوة الصحفية التي أعقبت مجلس الحكومة يوم الخميس الماضي، عودة أسعار الطماطم إلى الانخفاض خلال اليومين القادمين، بعد الزيادة التي شهدتها خلال الفترة السابقة، بعدما تراوح ثمنها بالأسواق المغربية بين 10 و14 درهما.
آثار اقتصادية سلبية
كشف تحليل حديث نشره مركز «السياسات من أجل الجنوب الجديد» أن «الحرب الروسية- الأوكرانية ستخلف آثارا اقتصادية «كبيرة» على المغرب، على المديين القصير والطويل». وجاء ضمن التحليل المعنون بـ«التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا على إفريقيا والمغرب»، «أن المغرب بلد ذو دخل متوسط منخفض يستورد أكثر من 90 في المئة من طاقته ونصف احتياجاته من الحبوب، وهو من بين الدول الإفريقية الأكثر تعرضا للأزمة الحالية». وذكر المركز البحثي المغربي أن «ارتفاع أسعار النفط والغذاء سيؤدي إلى تفاقم عجز الميزانية المرتفع في المغرب، والمقدر بنحو 6.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، حيث يتم دعم غاز البوتان. كما سيؤدي ارتفاع الأسعار إلى تكثيف الضغوط التضخمية، كما هو الحال في البنزين وأنواع الوقود الأخرى التي يتم تحرير أسعارها». وأورد المركز ذاته، في تحليل بحثي، أن «من القطاعات التي يمكن أن تتأثر بأزمة أوكرانيا قطاع الخضروات والفواكه والأسماك، بالإضافة إلى صادرات الأسمدة، على سبيل المثال، والتي تمثل 4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2019، تنافس روسيا في الأسواق الأوروبية؛ في حين أن الصادرات المغربية من الفواكه والخضروات والأسماك، والتي تمثل 2.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب، تنافس الصادرات الأوروبية إلى روسيا».
وأكد مركز «السياسات من أجل الجنوب الجديد» على أن المغرب يعتبر أكبر اقتصاد إفريقي، ومن المرجح أن يعاني من صدمة سلبية كبيرة من الحرب، حيث شكلت وارداته من النفط والغاز والفحم 6.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019، أي ضعف مثيلتها في مصر وجنوب إفريقيا، وهما أيضا مصدر طاقة رئيسي.