شوف تشوف

الرأي

تحية عسكرية

حسن البصري
تعهد الاتحاد الأوربي لكرة القدم بفتح تحقيق في واقعة «الاحتفال العسكري» للاعبي المنتخب التركي، خلال مباراة جمعت المنتخب العثماني بنظيره الألباني في التصفيات الأوربية، مساء الجمعة الماضي.
فقد توجه لاعبو المنتخب التركي نحو الجمهور، وقاموا بأداء التحية العسكرية، في رسالة تؤكد مساندتهم للهجوم العسكري التركي على شمال سوريا، والذي أدانه المجتمع الدولي. وتوجه اللاعبون بالتحية العسكرية بعد هدف سجله المهاجم جينك توسون في الدقيقة الأخيرة، في مرمى حارس ألبانيا، الذي تصدى لغارات الأتراك وتبين أنه يخفي في قفازتيه راجمة صواريخ.
أمام هذا الموقف، قال المتحدث الإعلامي باسم الاتحاد الأوربي لكرة القدم: «هذه التحية قد تكون مستفزة. قوانين الاتحاد الأوربي تحظر الإشارات السياسية والدينية. أؤكد لكم أننا سننظر في القضية».
لم يكتف المنتخب «العثماني» بما فعله لاعبوه فوق المستطيل الأخضر، بل إنه نشر بدون استحياء على حسابه على موقع «تويتر»، صورة لجميع لاعبي المنتخب والطاقم التدريبي وهم يقومون بأداء التحية العسكرية في غرف الملابس، بعد المباراة، وكتب الحساب تعليقا على الصورة: «التحية والانتصار اليوم مهديان لجنودنا الأبطال وشهدائنا»، الأمر الذي زاد الطين التركي بلة، وجعلنا نردد في قرارة أنفسنا «أيتها الفيفا سامحيني».
كان لاعبو الجيش الملكي المغربي سباقين إلى التحية العسكرية كلما سجلوا هدفا في مرمى خصومهم، لكن تحيتهم لا تحمل أي إشارة سياسية، رغم أن بعضهم قام بالدعاية للانخراط في التجنيد بطريقته الخاصة، ثم إن التحية العسكرية تنتهي صلاحيتها بنهاية العقد مع الفريق، حيث يبحث اللاعب عن تحية مدنية.
نحمد الله أننا لا نستورد اللاعبين من تركيا، بل نكتفي بتصدير بعض اللاعبين لفرقهم، وباستيراد الملابس القصيرة والمسلسلات الطويلة، وإلا لتطبع لاعبونا بهذه العادات السياسية، التي تحولهم عقب كل انتصار إلى ضباط صف، وعند الخسارة إلى فئران يهرعون إلى جحورهم مذعورين.
للأمانة فإن كثيرا من اللاعبين المغاربة يحرصون على ممارسة طقوس «تحية الفوز»، منهم من يقبل خاتم الزواج وفاء لزوجته، قبل أن يظهر في مباريات أخرى وقد تخلص من الخاتم وعوض التحية برقصة، بصدق لا أفهم لماذا يصر اللاعبون على الرقص قرب راية الركنية، وكأن الزاوية جزء مستقطع من ملهى ليلي.
أما الأتقياء من اللاعبين فيفضلون السجود على العشب أثناء الاحتفال بالأهداف في محاكاة للصلاة، لا يهم إن كانوا على طهارة أو لم يكونوا، بينما يختار آخرون طقوسا احتفالية أخرى، كسباق الجري السريع نحو كرسي البدلاء لتقبيل صلعة مدرب مبللة بالعرق، أو رمي رمزي للسهام أو الكشف عن إهداء كان يخفيه تحت القميص، ومنهم من يتوجه صوب الجمهور ويطلب منه السكوت والكف عن انتقاده. أما اللاعبون المسيحيون الذين يرتدون قمصان فرقنا «الإسلامية»، فإنهم يصومون دهرا عن التهديف وحين يسجلون يرسمون على صدورهم علامة الصليب، إلى درجة أن بعض اللاعبين المغاربة شرعوا في محاكاتهم دون أن يعلموا سر العلامة، علما أن قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم تمنع الإشارات الدينية والعرقية والعنصرية في ملاعب الكرة. أحد اللاعبين المغاربة سجد عند تسجيله هدفا، وظهرت عليه أعراض الورع، وحين ألغي الهدف من طرف حكم الشرط انتفض وتحول من مؤمن إلى كافر بكل قيم الرياضة، فكان نصيبه الطرد وهو الذي كان ساجدا قبل دقائق مبتهلا وفي عز الخشوع.
يبدو أن تنظيم «داعش» يمنع إشارة الصليب، ولو كان البغدادي رئيسا لـ«الفيفا» لأعدم كل لاعب عبر عن كفره، ولأغلق الملاعب وحولها إلى معسكرات، لكن لحسن الحظ أن رئيس «الفيفا» يدعو إلى التعايش بين الأديان، ولا يرى مانعا في السجود والركوع، شريطة عدم ارتداء اللباس الأفغاني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى