تامي بنجلون.. زوجة السفير والوزير إدريس الدباغ التي عاشت معه مجده الدبلوماسي والمالي
لم يكن إدريس الدباغ يدري وهو يوشك أن يغادر الحياة خلال الثمانينات، أنه سيترك خلفه قصة تستحق أن تروى. زوجته الأولى بصمت حياته الدبلوماسية بشكل غريب، رغم أن العلاقة بينهما لم تكتمل، ليطلقها خلال سنوات السبعينات، ويتزوج غيرها سنة 1976.
اسمها تامي بنجلون، وكان اسمها معروفا في صالونات الرباط وفي الأوساط الدبلوماسية، ليس فقط لأنها زوجة إدريس الدباغ، سفير المغرب في إيطاليا، ولكن لأنها سليلة أسرة عريقة، كان الدباغ قد صاهرها عندما أنهى دراسته العليا في أوربا وعاد إلى المغرب ليرسم بداية مساره المهني، قبل أن يضطر إلى الرحيل من جديد لاستكمال مساره الدبلوماسي ممثلا للمغرب بالخارج.
وحسب بعض المصادر المقربة من العائلة، فإن المهام الدبلوماسية التي شغلها السفير إدريس الدباغ، كان لها تأثير كبير على علاقته بزوجته تامي بنجلون، خصوصا ما بين سنوات 1959 و1961، وهي الفترة نفسها التي كان فيها سفيرا للمغرب في إيطاليا بعد أن عينه الملك الراحل محمد الخامس، وعاد بعد وفاته في إطار إعادة جدولة السفراء، وهي العملية التي باشرها الملك الراحل الحسن الثاني مباشرة بعد جلوسه على العرش.
عندما وصلت تامي بنجلون إلى المغرب سنة 1961 مع زوجها إدريس الدباغ، كانت تظن أن بإمكانها إنقاذ زواجها منه، خصوصا بعد أن تم تعيينه وزيرا للصناعة والتجارة.
دلف الزوج عالم المال والأعمال أيضا، ولم يكتف بمنصبه الوزاري، فقد كان نائب رئيس البنك التجاري المغربي، لأنه كان يملك أزيد من 90 بالمائة من أسهم شركة خاصة مساهمة في البنك. تكوينه العلمي بالخارج، والذي كان يساعده على شق طريقه في عالم المال أكثر من عالم الدبلوماسية والسياسة، جعله يميل كثيرا إلى جانب الإشراف على الأبناك رغم أنه مارس السياسة من أعلى المناصب.
بدأت المشاكل بين الدباغ وتامي بنجلون، بعد أن كان الاثنان يعانيان من مشاكل في الإنجاب. وتقول بعض المصادر إنه لجأ إلى تبني فتاة لتملأ عليه حياته، لأنه كان يريد الحصول على أبناء..
عرف زواج إدريس بتامي، كما ينطقها أصدقاؤها وأصدقاء العائلة، أو «طامي» كما كانت تكتب في الوثائق العربية، مشاكل كثيرة، وكان لا بد لعلاقتهما أن تنتهي، سيما أن إدريس الدباغ تغير كثيرا ولم يعد ذلك الشاب الحيوي الذي كانه خلال سنوات الأربعينات.
يقال إنه كان يتحدث الأمازيغية، ولهذا السبب اختار بعد طلاقه من تامي بنجلون أن يتزوج أمازيغية هذه المرة، من أسرة بوخال، واسمها فاطمة، فكان لزواجه بها أن أثمر عن ولادة رشيد الدباغ، سنة 1976، ابنه الوحيد.
وبالعودة إلى تامي بنجلون التي عاشت مع إدريس الدباغ أزهى فترات تألقه في حياته السياسية، فإن بعض المصادر ترجح أن التعارف بينهما في فترة الشباب، تم في إحدى الحفلات الخاصة، وكان يشار إلى إدريس وقتها على أنه شاب واعد ينتظره مستقبل زاهر جدا في بلده، لأنه كان قد حصل على أعلى الدرجات العلمية الجامعية في فرنسا، في وقت كان المغرب يعاني نقصا فظيعا في الأطر العلمية. وقبل أن يعين سفيرا في إيطاليا سنة 1959، بحكم أنه كان يتقن الإيطالية والإنجليزية والفرنسية، فقد كان إدريس قد عين في 1957، رئيسا للاتحاد الملكي لرياضات الطيران، وهو مجال كان يحتكره الفرنسيون في المغرب، وكان تعيين إدريس الدباغ على رأسها ينطوي على رسالة سياسية، رغم أنه غادر المنصب سريعا ليتفرغ للسفارة.
ويرجح أن يكون هذا المنصب على رأس رياضات الطيران هو الذي مهد لإدريس طريقه نحو السفارة، ويقال أيضا إنه عبّد له الطريق ليظفر بقلب تامي بنجلون، رغم كل المشاكل التي عصفت بزواجهما، فحتى بعد زواجه من ابنة «بوخال» السوسية، فإنه كان على زواج إدريس الدباغ بها أن ينتهي بعد سنوات قليلة أيضا، ليقرر عدم الزواج مجددا، لينشأ ابنه الوحيد رشيد في ظل تلك الظروف التي سيزيد من وطأتها انشغال والده بأعماله المالية، حتى ابتعاده عن السياسة وانكبابه على عالم المال والأعمال والتجارة.
سيكون على إدريس الدباغ أن يموت خلال أواسط الثمانينات، ويترك ثروته محط خلاف عائلي بين زوجته الأولى والثانية وابنه الوحيد، وكذا الطفلة التي تبناها أثناء زواجه بتامي بنجلون.
وتقول بعض المصادر إن «تامي» ورشيد الدباغ، ابنه من زوجته الثانية، لجآ إلى القضاء لفض النزاع العائلي، ولم يكن يخفى أن بنجلون كانت تشعر بالمرارة وهي ترى كيف أن إدريس الدباغ الذي خطف قلبها ذات شباب مبكر، وعاشت معه أيام مجده الدبلوماسي سفيرا للمغرب في إيطاليا، سيغادر الحياة دون أن تتمكن من توديعه الوداع الأخير.