شوف تشوف

الرئيسيةدين و فكر

تأملات قرآنية: سورة البقرة (5)

38- قال الله تعالى: ((وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ))[سورة البقرة:206]، هناك من الناس من لا يقر بذنبه ويستكبر عن ذلك، وهذا حال المجرمين، كما قال عبد الملك بن مروان: «من قال لي اتق الله ضربت عنقه».

39- قال الله تعالى: ((هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ))[البقرة:210]، قوله تعالى: ((يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ)) مجاز، ومعناه يأتي أمره، كما في قوله سبحانه: ((هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ ۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ))[النحل:33]، وهذا ما يقتضيه تنزيهه سبحانه وتعالى عن الحوادث.

40- قال الله تعالى: ((سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ۗ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))[سورة البقرة:211]، هل الآية تدل على أن يهود المدينة من سلالة بني إسرائيل، حيث أن الخطاب موجه إليهم؛ إذ يقول الله تعالى للنبي (عليه الصلاة والسلام): ((سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ))، وهم يهود المدينة.

41- قال الله تعالى: ((وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ))[سورة البقرة:213]، الكتاب هو المرجع عند حصول الاختلاف.

42- قال الله تعالى: ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ))[سورة البقرة:219]، يستفاد من الآية قاعدة أصولية، وهي قاعدة أمر الأمر جوابا عن سؤال، كما جعل الأصوليون قاعدة أمر الأمر المستنبطة من قوله تعالى: ((قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ))[سورة النور:30]، فالله تعالى أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن يأمر المؤمنين بأن يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، وهذا أمر الأمر ابتداء.

43- قال الله تعالى: ((حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ))[سورة البقرة:238]، الصلاة هي الرابطة بين العبد وربه، هذه الآية ذُكِرت داخل آيات الطلاق، وسبب ذكر آية الحفاظ على الصلاة داخل آيات الطلاق، هو التذكير بأهمية الحفاظ على الرابطة بين الأزواج، فالحفاظ على الرابطة بين الأزواج من الحفاظ على الرابطة بين العبد وربه، أضفى قيمة الصلاة على الحياة الزوجية لما لهذه الأخيرة من أهمية كبرى على الفرد والأسرة والمجتمع، وقد سمى الله هذا الرباط بين الأزواج بالميثاق الغليظ، قال تعالى: ((وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا))[سورة النساء:21].

44- قال الله تعالى: (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ))[سورة البقرة:243]، أمر الله بني إسرائيل في زمن نبيهم بأن يطلبوا الموت قتالا لأعدائهم الذين أخرجوهم من ديارهم، وجهادا في سبيله لكي ينعموا بالحياة بعد ذلك، ويعيشوا بسلام من أعدائهم، كما قال أبو بكر الصديق (رضي الله عنه): «أطلبوا الموت توهب لكم الحياة»، وهذا المعنى استفاده من الآية الكريمة.

45- قال الله تعالى: ((وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))[سورة البقرة:247]،كان بنو إسرائيل ينظرون إلى الجانب المالي للإنسان، بينما نبيهم كان ينظر إلى الجانب العلمي لتدبير البلاد والقوة البدنية للجهاد، قيمة الإنسان بما أوتي من علم وليس بما أوتي من مال، قال الله تعالى: ((يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ))[سورة المجادلة:11].

46- قال الله تعالى: ((فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ))[سورة البقرة:249]، منعهم الله من الشرب من النهر ليختبر طاعتهم لقائدهم واتباع أوامره كما تقتديه الجندية في زمن الحرب، وليميز بين الطائعين منهم والمتخاذلين، وكثرة الشاربين من النهر دليل على كثرة المتخاذلين، رغم ذلك نصره الله بمن معه من المؤمنين.

47- قال الله تعالى: ((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))[سورة البقرة:259]، الإنسان حينما يموت أو ينام يخرج بوعيه من دائرة الزمن فلا يعلم كم مر بين موته وبعثه ونومه ويقظته، كما قال تعالى: (( قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ))[سورة المؤمنون:112-113]، وقال تعالى: ((يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ۚ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103) نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا(104)))[سورة طه:102-104]، وقال تعالى عن أصحاب الكهف: ((وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ۚ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ))[سورة الكهف:19].

48- قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ))[سورة البقرة:267]، الكسب يكون من تجارة أو إجارة، أما الغنيمة فتكون من الحرب، كما قال تعالى: ((وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))[سورة الأنفال:41]، وهذه الآية الأخيرة جاءت في سياق الحديث عن القتال؛ حتى اسم السورة التي تتحدث عن القتال هو (الأنفال) يعني الغنائم،  مما يفيد أن الكسب غير الغنيمة.

49-  قال الله تعالى: ((الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))[سورة البقرة:268]، لما كان الشيطان يأمر بالفحشاء، كانت الصلاة تنهى عن الفحشاء، قال الله تعالى: ((إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ))[سورة العنكبوت:45].

50- قال الله تعالى: ((لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ))[سورة البقرة:272]، النبي ليس موكلا بهداية الناس ولو كانوا من المقربين، كما قال تعالى: ((إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ))[سورة القصص:56].

51- قال الله تعالى: ((لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ))[سورة البقرة:273]، مثل هؤلاء هم الذين يجب الإنفاق عليهم؛ لأنهم لا يجدون حيلة للرزق وطلب العيش، لذلك يجب البحث عنهم، ولا تنتظر المتسولين أن يأتوا عندك والانخداع بهم فكثير منهم اتخذوا التسول حرفة، فهؤلاء هم أولى بالنفقة من الذين يسألون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى