شوف تشوف

الرئيسيةدين و فكر

تأملات قرآنية: سورة البقرة (4)

27- قال الله تعالى: ((وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ))[سورة البقرة:143، تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام كان سره التمييز بين من يتبع الرسول ومن ينقلب على عقبيه، التمييز بين الصادقين والكاذبين، وقد حذر الله الناس من الانقلاب على أعقابهم سواء في حياة النبي أو بعد مماته، في ابتداء دعوته أو انتهائها.كما قال تعالى: ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ))[سورة: آل عمران:144]، فتحويل القبلة كان للاختبار، والمسألة لها ارتباط بالتوجه القلبي والفكري والامتثال لأوامر الله والالتزام بالأعمال الصالحة أكثر من ارتباطها بالتوجه المكاني الجغرافي، كما قال تعالى: ((لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ))[البقرة:177].

28- قال الله تعالى: ((وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ۚ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ۚ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ))[سورة البقرة:145]، هذه الآية تبين سر توجيه القبلة إلى البيت الحرام، وأنها تعني التوجه القلبي والفكري واتباع النبي عليه السلام في الامتثال لأوامر الله، خلافا لما يريده أهل الكتاب.

29- ((قال الله تعالى: ((وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ))[سورة البقرة:148]، سبل الشرور كثيرة وسبيل الخيرات واحد، قال تعالى: ((وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن  سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))[سورة الأنعام:153].

30- قال الله تعالى: ((وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۖ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ))[سورة البقرة:149]، توجيه القبلة إلى البيت الحرام وإلى مهبط الوحي هو لتوحيد الوجهة وترك الاختلاف والتذكير ببيت الله الحرام الذي بناه أبو الأنبياء إبراهيم (عليه السلام)، واتباع ملته، والحج إليه، والإنسان لا بد له من وجهة تذكره بالخيرات.

31- قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))[سورة البقرة:153]، لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وتذكر بالله تعالى، كما قال سبحانه: ((إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ))سورة العنكبوت:45]، وقال: ((وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي))[سورة طه:14].

32- قال الله تعالى: ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ))[سورة البقرة:164]، في هذه الآية دليلان على وجود الله تعالى، هما دليل الاختراع ودليل العناية، الأول في ذكر السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار، فهذه المظاهر الكونية تدل على وجود الله، والثاني في الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس، وإنزال المطر، وإحياء الأرض، وبث الدواب فيها، وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض، فهذا كله عناية بالإنسان مما يفيد في وجود الله، وهذان الدليلان هما دليلا ابن رشد في الاستدلال على الخالق.

33- قال الله تعالى: ((لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ))[سورة البقرة:177]، هذه هي (الْخَيْرات) الواردة في قوله تعالى: ((وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ))[سورة البقرة:148].

34- قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(184شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)[سورة البقرة:183-185]، (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ) في الآية الثانية هو شهر رمضان، ومما يبين ذلك هو قوله تعالى: ((وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ)) في الآية الثالثة التي ذكر فيها شهر رمضان؛ مما يفيد أن الآية الثانية غير منسوخة بخلاف من يقول بنسخ الآية.

35- قال الله تعالى: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ))[سورة البقرة:186]، وجود هذه الآية داخل آيات ذكر شهر رمضان يفيد أن الدعاء مستجاب داخل شهر رمضان، بشرط الاستجابة لدعوة الله والإيمان به.

36- قال الله تعالى: ((فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا))[سورة البقرة:200]، مثَّل بالآباء لأن لهم ذكرا وحضورا في النفوس، وليس معنى ذكر الله التهليل والتلفظ بالكلمات، وإنما معناه حضوره تعالى في القلب والفكر كما يحضر الآباء في قلب وفكر الإنسان أو أشد من ذلك، فليس الإنسان عندما يذكر أباه أو أمه مع نفسه أنه يردد: أبي أبي… أو أمي أمي…، وإنما يكون حضورهما في قلبه وفكره عند ذكرهما؛ فكذلك يجب أن يكون مع الله أو أشد.

37- قال الله تعالى: ((وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ))[سورة البقرة:203]، قوله تعالى: ((فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)) معناها أيام الحج، وهي معدودة كما هي أيام الصيام معدودة، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ))[سورة البقرة:183-184].

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى