شوف تشوف

الرئيسيةدين و فكر

تأملات قرآنية  : سورة الأنعام (1)

سورة الأنعام مكية، تناولت الحديث عن الشرك وتكذيب المشركين الآيات وتكذيبهم القرآن، وإنكارهم البعث، وقد حذر الله المكذبين أن يصيبهم ما أصاب أقواما أخرى قبلهم من عذاب، وتناولت الحديث عن الآيات الكونية والاعتبار بها  فهي دالة على وجوده تعالى ووحدانيته، وأنه تعالى المدبر لهذا الكون فيجب توجيه العبادة إليه وحده، وبين مصير المكذبين في اليوم الآخر، كما تم تذكيرهم بنعم الله المختلفة من الزرع والثمر والأنعام، وقد أمر الله النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يتلو ما حرم الله على الناس ويبين لهم الصراط المستقيم.

1- قال الله تعالى: ((وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ ۖ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ))[سورة الأنعام:3]، مثل ذلك قوله تعالى في سورة أخرى: ((وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ))[سورة الزخرف:84]، ومعنى ذلك أنه تعالى في السماوات والأرض بعلمه، ولكي نستحضر معيته  دائما، كما قال تعالى: ((يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ))[سورة الحديد:4]، لا معنى أن الله يحل في السماوات والأرض بذاته سبحانه، فهو منزه عن الحلول في خلقه، فلا يكتنفه الزمان ولا المكان، كما قال تعالى: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ))[سورة الشورى:11].

2- قال الله تعالى: ((وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ))[سورة الأنعام:7]، الكتاب هو المعنى المكتوب في القرطاس أو الكاغد والورق والسجل، وليس يطلق الكتاب على ما اشتمل على المعنى المكتوب، كقولنا المصحف فهو مشتمل على الكتاب الذي هو المعنى المكتوب فيه، ومثل ذلك قوله تعالى: ((يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ))[سورة الأنبياء:104]، فالسجل هو القرطاس أو الكاغد أو الورق، والكتب هي المعاني المكتوبة فيها.

3- قال الله تعالى: ((كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۚ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ))[سورة الأنعام:12]، مثل قوله تعالى: ((كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۖ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))[سورة الأنعام:54]، فالأولى في حال الآخرة، والثانية في حال الدنيا.

4- قال الله تعالى: ((وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ))[سورة الأنعام:19]، دليل على عالمية القرآن وعالمية الرسالة المحمدية، فهو ينذر كل من بلغه القرآن عبر الزمان والمكان.

5- قال الله تعالى: ((وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ ۖ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ قَالَ أَلَيْسَ هَٰذَا بِالْحَقِّ ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَرَبِّنَا ۚ قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (30)))[سورة الأنعام:27-30]، تبين أن أهل النار يعتقدون حقيقتها لكنهم يجحدون الحق، وهنا يكشف الله عن نفسية الكاذبين المنكرين لحقيقة الله واليوم الآخر، كما قال تعالى في نفس سياق هذه الآيات: ((فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ))[سورة الأنعام:33].

6- قال الله تعالى: (( إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ۘ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ))[سورة الأنعام:36]، هؤلاء شبههم الله بالأموات لأنهم لا يسمعون حتى يفقهوا كلام الله، كما قال تعالى: ((إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ (69) لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70)))[سورة يس:  69-70]، وقال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ))[سورة الأنفال:24].

7- قال الله تعالى: ((انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ))[سورة الأنعام:46]، يصدفون أي ينصرفون عنها، لذلك لم يفقهوا معناها، كما قال تعالى: ((انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ))[سورة الأنعام:65].

8- قال الله تعالى: ((كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۖ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))[سورة الأنعام:54]، أي أن الله يغفر ويرحم من ارتكب ذنبا في لحظة اندفاع وعدم تحكيم للعقل؛ بشرط أن يتوب من بعد ذلك، كما قال تعالى: ((ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ))[سورة النحل 119].

9- قال الله تعالى: ((وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ))[سورة الأنعام:55]، لا بد من إيجاد مقارنة بين الأشياء ومقابلة الأحكام بعضها ببعض لمعرفة الحق من الباطل والتمييز بين طريق الإسلام وطريق الإجرام.

10- قال الله تعالى: ((مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۖ يَقُصُّ الْحَقَّ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57) قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۗ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58)))[سورة الأنعام:57-58]، ليس عند النبي (صلى الله عليه وسلم) ما يستعجل به هؤلاء الظالمون من تحديهم له بأن يريهم ما يخبر عنه من العذاب، بل عند الله ما يستعجلون به، كما قال تعالى: ((ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ))[سورة الذاريات:14].

11- قال الله تعالى: ((وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى ۖ ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ))[سورة الأنعام:60]، قوله تعالى عن النهار: ((ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ)) تشبيه بيوم القيامة، وأن النوم والاستيقاظ منه كالموت والبعث.

12- قال الله تعالى: ((قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ))[سورة الأنعام:65]، يذيق الله المسلمين بعضهم بأس بعض عندما يفرقون دينهم ويصبح كل حزب منهم فرحين بما لديهم، كما قال تعالى: ((وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)))[سورة الروم:31-32].

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى