شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

«بيتبولات» إلكترونية

الافتتاحية

انتشرت أخيرا ظاهرة الصفحات الفيسبوكية والحسابات الوهمية ومجهولة الهوية، التي أصبحت تلعب دور «كلاب حراسة» لأمناء عامين لأحزاب سياسية ورؤساء جماعات ترابية ومسؤولين عموميين، حيث يبقى دورها الوحيد هو شن هجومات قذرة مليئة بالاتهامات والتهديدات والتحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد أي شخص يقف في وجه مموليها.

إنها صفحات مدربة تعمل وفق أجندة خاصة، هدفها الترويج لمسؤول معين عبر التهليل لسكناته وحركاته، أو القتل الرمزي لآخرين عبر مختلف المنصات وإسكات وتشويه سمعة المناوئين، إلى جانب ترويج الإشاعات والأكاذيب وخلق البلبلة لأغراض مادية قذرة.

لقد انتشر خلق مثل هذه الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي داخل بعض الجهات والأقاليم بشكل رهيب، بل إن بعضها تغول إلى الحد الذي أصبحت معه صاحبة سلطة ونفوذ، ويحسب لها ألف حساب في كل ما يتعلق بتدبير المجال الترابي وتسيير الإدارات العمومية، وباتت تلك الصفحات متنفذة حتى أن أصحابها، وأغلبهم حراس سابقون في أسواق ممتازة وخريجو سجون، أخذوا يتواصلون بشكل مباشر مع  كبار المسؤولين الترابيين والمركزيين من عمال ورؤساء جماعات ووزراء وأمناء عامين ويظهرون إلى جانبهم في الصور (أحدهم يتباهى بصورته بجانب عامل سيدي قاسم)، بل إنهم أصبحوا يتحكمون في كل تحركاتهم.

إنه لأمر خطير على مؤسسات البلد أن تتحول صفحات تافهة إلى فاعل رئيسي تتجاوز سلطته سلطة الأحزاب والإعلام، وحتى الأمن والقضاء. وأخطر من ذلك أن يشكل مسؤولون ترابيون ومنتخبون ومعينون ميليشيات افتراضية وجيوشا إلكترونية لتصفية حساباتهم، وإطلاق أنياب «بيتبولات» إلكترونية لكي تنهش في سمعة خصومهم أمام أنظار القانون، الذي يقف عاجزا عن التحرك لإيقاف هذه الكائنات المتعطشة لأكل لحوم البشر والتلذذ بالاعتداء على حياتهم الخاصة والتشهير بهم.

إن ترك آلاف المواقع وصفحات التشهير والدعاية مدفوعة الأجر على المستوى الوطني والمحلي تكبر وتتقوى بخرق القانون، سيجعلها في وقت من أوقات أقوى من المؤسسات، بل إنها سترهن المؤسسات لخدمة أجندات قذرة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى