يواصل شكيب بنموسى ترؤسه لدورات جديدة للمجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية، آخرها في جهة بني ملال خنيفرة. وتميزت هذه الدورة بتعيين وزير جديد يحاول تعزيز الاختيارات التدبيرية المتخذة في عهد الوزير السابق سعيد أمزازي، وعلى رأسها تعزيز الاستقلالية التدبيرية للأكاديميات وخاصة في تنزيل مشاريع إصلاح المنظومة التربوية. هذا المسعى مايزال يصطدم ببنية قانونية تجعل الأكاديميات مجرد إدارة امتداد للإدارة المركزية ولا أهمية لمجالسها الإدارية التي تبقى صورية تماما، لكون كل القرارات المتخذة جهويا تصدر عن مدير تم تعيينه من طرف الإدارة المركزية.
المصطفى مورادي
عقدت، الجمعة، في بني ملال أشغال الدورة العادية للمجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة، برئاسة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى. وخلال هذا اللقاء، الذي حضره، على الخصوص، والي جهة بني ملال خنيفرة وعمال أقاليم الجهة ورئيس الجهة، تم تقديم ومناقشة برنامج عمل وميزانية الأكاديمية برسم 2022، ومناقشة عقد نجاعة الأداء برسم 2022 – 2024، والبرنامج الجهوي للتكوين المستمر.
بنموسى يعزز دور الأكاديميات الجهوية
قال بنموسى إن انعقاد هذه الدورة للمجلس الإداري يأتي في سياق وطني يتميز بالتعبئة الوطنية لتدبير الأزمة الوبائية، مبرزا أن هذا اللقاء يندرج في إطار مواصلة تفعيل أحكام القانون الإطار 51.17 باعتباره ضمانة لاستمرارية وإلزامية الإصلاح، وفي سياق الحلول الجوهرية والمبتكرة التي جاء بها النموذج التنموي الجديد.
وأضاف الوزير أن هذه الدورة تتزامن مع إطلاق المغرب لعدد من الأوراش الإصلاحية التي تتصل بالتعليم، والتنزيل الفعلي للنموذج التنموي، مؤكدا على ضرورة تسريع وتيرة إصلاح المدرسة المغربية، عبر ثلاثة مجالات أساسية تهم الإنصاف وتكافؤ الفرص، والمجال البيداغوجي وهيئة التدريس. وأكد بنموسى أن النهضة التربوية المنشودة لا يمكن أن تتحقق دون اعتماد نهج جديد يستند على تعزيز المقاربة التعاقدية من خلال عقد نجاعة الأداء، مشددا على ضرورة اعتماد مشاركة موسعة خلال مراحل التخطيط أو التنفيذ أو التقييم، مع دعم الحكامة الترابية واللاتمركز والحلول المحلية، باعتبارها أكثر نجاعة واستدامة.
كما دعا الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين إلى التبني الشامل للبرمجة المندمجة متعددة السنوات مع العمل على ترتيب الأولويات، وهندسة تفعيلها ومتابعة تحقيق غاياتها، من خلال إشراك مختلف شركاء منظومة التربية والتكوين من جماعات ترابية وسلطات محلية وغيرهم من الفاعلين للإسهام البناء والإيجابي في الارتقاء بالمنظومة التربوية على المستوى الترابي.
وبدوره، أبرز مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة، في تقديمه لحصيلة ومنجزات الأكاديمية برسم سنة 2021، أهم الأهداف المنشودة والعمليات والتدابير المزمع اتخاذها من أجل مواصلة تفعيل أحكام القانون الإطار 51.17 من خلال تنفيذ برنامج عمل وميزانية سنة 2022، مؤكدا على استمرارية نهج الأكاديمية لمقاربات تدبيرية نسقية ومندمجة ترتكز على التدبير التشاركي وعلى منطق تحقيق النتائج ونجاعة الأداء.
وفي ختام هذا الاجتماع، الذي عرف توقيع ثلاث اتفاقيات تروم الارتقاء بالمنظومة التربوية وتحسين مجموعة من الخدمات لفائدة التلاميذ، صادق المجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة بالإجماع، على برنامج عمل وميزانية الأكاديمية برسم 2022، وعقد نجاعة الأداء برسم 2022- 2024، والبرنامج الجهوي للتكوين المستمر.
ضرورة إصلاح نظام الأكاديميات
يرى خبراء أن إحداث المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين مكسب يستجيب للكثير من الانتظارات ليس على المستوى التربوي فحسب ولكن كذلك على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، فهو، قبل كل شيء، ترسيخ للجهوية المتقدمة كخيار استراتيجي للدولة، ومن جهة أخرى يعتبر مثالا حيا للتدبير التشاركي الديمقراطي وجهازا من أجهزة المراقبة والمحاسبة والتقييم الداخلي، وإنتاج الآراء والاقتراحات والحلول من البيئة نفسها التي أنتجت المشاكل والإكراهات والمعيقات التي حالت دون تحقيق الأهداف المتوخاة.
غير أن هذه المكتسبات على أهميتها والانتظارات، لا يمكن استيعابها بشكل كاف، حسب خبراء، ما لم يتم استحضار مناحي القصور التي حدت من انطلاقة المجالس الإدارية للأكاديميات ومن تعزيز حضورها في المشهد التربوي الجهوي وانتقالها من مؤسسة عمومية إلى إدارة جهوية، وتوطين البدائل لتغطية هذه الاختلالات وتفكيك الشوائب بالتصويب والتعديل، وهذا يدفع إلى إبداء الملاحظات التالية حول القانون المؤطر لهذه المجالس :
فالقانون 07.00 الذي أحدثت بموجبه الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، باعتباره المرجع القانوني والتنظيمي الذي يؤطر عمل المجالس الإدارية للأكاديميات، لم يتم وضع الترتيبات والآليات المصاحبة لإنضاج الشروط الموضوعية لتفعيله، بل أكثر من ذلك فالمجالس الإدارية للأكاديميات لا تقوم بجميع المهام المخولة إليها قانونيا، كما أنها لا تمارس ولا تفعل جميع الصلاحيات والاختصاصات المفوضة إليها من لدن السلطة التربوية الوصية، حيث، واستنادا إلى المادة 5 من القانون رقم 07.00 القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، فمجالس الأكاديميات تتمتع بجميع السلط والصلاحيات اللازمة لإدارة الأكاديميات، وخاصة في ما يتعلق بالبرنامج التوقعي الجهوي لتكوين الأطر التعليمية والإدارية والتقنية والبرنامج التوقعي للبناء والتوسيع والإصلاحات الكبرى لمؤسسات التربية والتكوين، كما أنها مسؤولة عن سير مؤسسات التربية والتكوين وكذا تكوين شبكات مؤسسات التربية والتكوين، والمجالس الإدارية للأكاديميات لا تقوم في واقع الأمر إلا بمناقشة مخططات العمل ومناقشة الميزانية والمصادقة عليها.
كما أن هذه المجالس، حسب الخبراء في الشأن التربوي، غير مخولة لإبداء الرأي حول الإشكالات الأفقية للمنظومة التربوية ولا يمكنها تغيير القرارات التربوية الاستراتيجية ولا المخططات التربوية المعدة من طرف الإدارة التربوية المركزية. كما أنها مازالت لم تتوفق في فرض الخصوصيات الجهوية والمحلية في تدبير الشأن التربوي الجهوي. فالأكاديميات يديرها مجلس إداري ويسيرها مدير، والواقع يفند هذا الطرح حيث إن المدير يسير ويدير الأكاديمية. فضلا عن وجود اختلالات في تركيبة وتمثيلية المجالس الإدارية، حيث يغلب عليها طابع تمثيلية الأعضاء المعينين من طرف السلطة التربوية، وذلك قصد تمرير الميزانية وبغرض إبقاء المبادرة للإدارة الوصية.